20120519
رويترز
استند فيصل الحيزي الى جدار خارج مبنى البرلمان التونسي ليخفف الحمل عن ساقه المصابة. ورفع بنطاله ليكشف عن ندب في ركبته وكانت قدمه متورمة.
وقال الحيزي "ما زالت هناك شظايا في ركبتي."
واضاف وهو يلتفت بينما اغرورقت عيناه بالدموع "شخصيا لا اطلب وظيفة او ارسالي للخارج للعلاج. اريد فقط رعاية صحية خاصة حتى اتمكن من العمل والاعتناء باطفالي."
وبعد اكثر من عام على الثورة التي اطاحت بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي في يناير كانون الثاني 2011 يشكو كثيرون من بين المئات الذين اصيبوا على يد الشرطة من ان مستوى الرعاية الصحية ضعيف ومن بطء المساعدة ويقولون انهم يعاملون كعبء على الدولة وليس بصفتهم صناع تونس الجديدة.
وبعدما اشادت بهم السلطات الجديدة ووصفتهم بالابطال الثوريين حصل الكثيرون منهم ومن بينهم الحيزي على ستة الاف دينار (3800 دولار) كتعويض مع علاجهم على نفقة الدولة.
لكن كثيرين منهم انفقوا التعويض بالفعل على الرعاية الصحية الخاصة او العلاح ويقولون ان خطط مساعدة المصابين واسر الشهداء على المدى الطول اهملت من قبل الجيل الجديد من السياسيين الذين يتنازعون على المناصب والسلطة.
وكان الحيزي يعمل سائقا لسيارة اجرة قبل الثورة لكنه لم يعد قادرا على العمل منذ اصابته بطلق ناري واضطر للاعتماد على مساعدة من والده المتقاعد لاعالة زوجته واطفاله الثلاثة.
وقال الحيزي "عندما نذهب الى الصيدلية الحكومية يقولون ان الادوية التي نحتاج لها غير متوفرة لذا يتعين علينا أن نشتريها من مالنا" واظهر فاتورة تشير الى انه ينفق ما يعادل نحو 600 دولار كل ثلاثة اشهر على الادوية التي يفترض انها مجانية.
واضاف "في بعض الأحيان كنت اقول للطبيب انني من مصابي الثورة ويقول لماذا خرجت تحتج؟"
ويحتج حوالى 15 شخصا خارج مبنى البرلمان منذ 28 ابريل نيسان حيث نصبوا خيمتين على الرصيف مطالبين بتحسين الرعاية الصحية لمصابي الثورة وتوفير وظائف حكومية لهم حتى يتمكنوا من كسب قوتهم.
وبعد تجاهلهم المسؤولون الذين يمضون امامهم في طريقهم الى داخل او خارج البرلمان لجأ بعض المحتجين هذا الاسبوع إلى خياطة شفاههم لاظهار ان اصواتهم لم تعد مسموعة بعد 16 شهرا من ثورة قامت من اجل الحرية وفرص العمل والكرامة.
وبعد ازالة قناع طبي يغطي فمه كشف محمد السنوسي عن خيط أسود يتدلى على فمه.
وقال متمتما "نريد رعاية أفضل. علاج خاص أو علاج في الخارج للحالات الحرجة. نريد العدالة للشهداء."
وخاط أربعة رجال أفواههم لجذب الانتباه إلى قضيتهم خوفا من ان تضيع قضيتهم وسط زحام المطالب بفرص العمل والعدالة في مرحلة ما بعد الثورة والتي ترفعها مجموعات تنصب خياما خارج الوزارات في العاصمة.
وقال سمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية ان المصابين يعالجون على نفقة الدولة لكن تلبية مطالب بالحصول على وظائف بالدولة ستحتاج وقتا.
وقال لمحطة شمس اف ام الاذاعية "الحكومة اقرت قانونا يضمن وظيفة لجرحى الثورة ولاحد افراد عائلات شهداء الثورة لكن القانون سيتم دراسته في المجلس التأسيسي (البرلمان) في وقت قريب."
لكن الجرحى يقولون انهم سئموا من الوعود. ويشيرون أيضا إلى حقيقة أن اثنين فقط من رجال الشرطة ادينا حتى الآن باطلاق النار على المحتجين اثناء الثورة.
وسلمت لجنة لتقصي الحقائق بشأن الانتهاكات التي ارتكبت خلال الثورة تقريرها النهائي يوم الجمعة.
ومن المعروف أن أكثر من 300 شخص قتلوا خلال الثورة التونسية لكن لا توجد قائمة رسمية بعدد القتلى او الجرحى حتى الآن. ولم يكن هذا من اختصاص بعثة تقصي الحقائق.
واستغرق الأمر أكثر من عام من الضغط الشعبي المتواصل لارسال الاشخاص الذين عانوا من إصابات أكثر خطورة للعلاج في الخارج. ووعدت قطر بعلاج أكثر من 20 في حين سيتم إرسال اخرين إلى ألمانيا أو مكان آخر.
وقال حسام العصيدي "تم اعتقالي يوم 10 يناير وأفرج عني يوم 12 يناير في القصرين. انضممت الى احتجاج سلمي يطالب بحقوقنا وتعرضت للضرب وكسرت أسناني" ونزع اسنانا صناعية من فمه ليكشف عن وجود فجوة غائرة.
ومثل كثير من المحتجين ينتمي العصيدي إلى القصرين وهي بلدة في وسط تونس الذي يعاني من الاهمال وحيث بدأت الثورة وهي من المناطق التي سقطت فيها أعداد كبيرة من الضحايا.
ويقول العصيدي ان المسؤولين يتعاملون حاليا مع أسر الجرحى والقتلى على انهم مصدر ازعاج.
واضاف "اثناء الثورة ذهبنا إلى الاحتجاج من أجل الحرية وفرص العمل والكرامة واليوم ليس لدينا أي من تلك الأشياء... لكن سنبقى هنا حتى نحصل على حقوقنا."