مركز افريقية للدراسات و البحوث السياسية:
يزداد الحراك السياسي في السودان قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في أبريل/نيسان المقبل وسط حالة من الاستقطاب الحاد وصلت لحد اتهام المعارضة -التي اتحدت فيما يسمى تحالف القوى الوطنية- الحكومة بعدم الشرعية.
ويبدو أن النشاط غير العادي للمعارضة السودانية سيقودها ربما لاستمالة أحد طرفي اتفاقية نيفاشا عام 2005 التي أنهت الحرب الأهلية بـجنوب السودان، وهما حزب المؤتمر الوطني وشريكه في الحكم الحركة الشعبية لتحرير السودان وشكلا بموجبها الحكومة الحالية، ويقضي الاتفاق بإجراء انتخابات بعد أربع سنوات من عمر الفترة الانتقالية.
وتبدو الحركة الشعبية الحزب الحاكم بجنوب السودان الأكثر استعدادا للتحالف مع المعارضة بسبب تيارات قوية داخلها ترفض التعاطي مع المؤتمر الوطني، وتلتقي مع بعض قوى المعارضة في كثير من الأهداف المعلن منها وغير المعلن.
لكن مع ذلك يظل اتفاق السلام بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية الذي يرعاه المجتمع الدولي ويتابع تنفيذه هو المحرك لسياسات الطرفين على الأقل في فترة ما قبل الانتخابات المقرر لها أبريل/نيسان المقبل.
غير أن محللين سياسيين اختلفوا حول إمكانية حراك المعارضة في استمالة الحركة الشعبية لجانبها والمساهمة بالتالي في اتساع الهوة بينها وبين شريكها في حكم البلاد.
ففي حين رأى بعضهم عدم نجاح مسعى المعارضة بسبب ما سموه العقد الإستراتيجي الذي يربط بين الشريكين، لم يستبعد آخرون حدوث ذلك التحالف ولو على بنود سرية تجمعهما في الانتخابات المقبلة.
فقد استبعد الخبير الإستراتيجي الحاج حمد تحالف المعارضة مع الحركة الشعبية على الأقل في الوقت الراهن، مشيرا إلى أن موقف المعارضة من شرعية الحكومة ساعد في تقريب الحركة للمؤتمر الوطني.
وقال إن هناك تعاقدا إستراتيجيا بين شريكي الحكم تدعمه أميركا "التي ترى أن لها حليفا قويا في الشمال وآخر قويا في الجنوب"، ولن يمكّن أي طرف من الإخلال به.
وأضاف "أصبحت الأمور أكثر وضوحا الآن عقب تزامن أزمة شرعية الحكومة مع وصول المبعوث الأميركي للسودان إسكوت غرايشن"، وبالتالي فإن "إستراتيجية الحركة الشعبية يمكن أن تنبني على تسويف الأمور والاختباء خلف شعارات ربما تجمعها مع قوى المعارضة".
لكن حمد لم يستبعد نجاح المعارضة بسبب "وجود تيارات داخل الحركة الشعبية ترى في المؤتمر الوطني العدو الأول والعكس صحيح".
أما المحلل السياسي محمد علي سعيد فاعتبر أن اجتماعات المعارضة مع قيادة الحركة الشعبية لم تقنعهم بموقف الحركة في ظل تمسكها بشرعية الحكومة الأمر الذي يؤيده المؤتمر الوطني.
لكنه أشار في تعليقه إلى إمكانية أن يتحول موقف الحركة الشعبية كليا لصالح المؤتمر الوطني بعدما اتهم الأخير قوى المعارضة بالعمل على إفشال تنفيذ اتفاقية السلام الشامل، "وهذا ما يجعل الحركة الشعبية قريبة جدا منه رغم الخلافات القائمة بينهما حول كثير من المواقف".
أما المحلل السياسي جمعة كندة فأكد أن خيارات الحركة الشعبية مع قوى المعارضة هي خيارات إستراتيجية ذات مكاسب كبيرة، "لكن لا يمكن أن تقدم عليها دون تعريض اتفاقية السلام للخطر لأن فعاليتها تقتضي التوافق مع المؤتمر الوطني أولا".
وقال إن قوى المعارضة وبخاصة حزب الأمة مواقفها ليست في صالح الاتفاقية، وبالتالي فإن تحالف الحركة الشعبية معها قد لا يؤدي إلى ضمان تنفيذ الاتفاقية.
وأشار إلى وجود تناقض كبير في تحركات الحركة الشعبية "ففي وقت تعمل فيه على مغازلة المعارضة تعمل في ذات الوقت على تثبيت شراكتها مع المؤتمر الوطني".
وأكد أن ذلك الغموض يدفع بتوقع عدم قيام الحركة بأي تحالفات معلنة مع المعارضة في ظل شراكتها الحالية، مشيرا إلى عدم قدرتها -أي الحركة- على الدخول في أي شراكات يمكن أن تغضب المؤتمر الوطني.