20120521
رويترز
نظمت جماعة الإخوان المسلمين بمصر حشدا جماهيريا لم يسبق له مثيل في ختام حملتها الانتخابية يوم الأحد أملا في كسب أصوات المترددين للفوز بانتخابات الرئاسة التي ستجرى الأربعاء القادم والتي يعتقد أنها ستكون أول انتخابات حرة ونزيهة من نوعها في البلاد.
وفي اليوم الأخير من الحملة دعت الجماعة المصريين "لحجز أماكنهم في أي مكان في مصر" تأييدا لمرشحها محمد مرسي.
ويبدو أن استطلاعات الرأي التي تجعل المرشح الإخواني متأخرا وراء منافسيه لا تثير قلق أعضاء الجماعة الذين ينفقون بسخاء على حملة واسعة لجذب الناخبين.
وفي استطلاع رأي نشر الأسبوع الماضي في صحيفة المصري اليوم اليومية المستقلة جاء مرسي في المرتبة الرابعة لكن نفس الاستطلاع أشار إلى أن 37 في المئة من الناخبين الذين شاركوا فيه لم يحسموا اختياراتهم.
واستطلاعات الرأي - وهي حديثة نسبيا في مصر - لا يعول عليها كثيرا. كما أن النسبة الكبيرة من الأصوات غير المحسومة تتسبب في تعقيد أي جهود لتحديد المرشح الأوفر حظا بالفوز في أول انتخابات رئاسية تشهد تنافسا حقيقيا.
وقال فرج إبراهيم (44 عاما) من مدينة المنصورة بدلتا النيل "المصريون شعب متدين ويبدو مرسي بتاع ربنا (متجها إلى الله)."
وأضاف "لذلك سأعطيه صوتي وكذلك لأنني أعتقد أن الكثيرين سينتخبوه وسينجح."
وبسبب شبكة من الأعضاء تمتد إلى أصغر القرى بمصر عززت جماعة الإخوان نفوذها منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في انتفاضة شعبية مطلع العام الماضي.
وإذا فازت الجماعة بمنصب رئيس الدولة بعد فوزها بالبرلمان تكون حققت صعودا تاريخيا بعد عشرات السنين من القمع الذي تعرضت له على أيدي رؤساء جاءوا من الجيش.
وسيدعم ذلك أيضا اتجاها تمثل في فوز الإسلاميين عبر صناديق الاقتراع منذ ثورات الربيع العربي التي اندلعت العام الماضي.
لكن الجماعة تدخل انتخابات يومي الأربعاء والخميس من موقع الدفاع. فاختيارها الأساسي لخوض الانتخابات وهو خيرت الشاطر النائب الأول للمرشد العام استبعدته لجنة الانتخابات الرئاسية لعدم حصوله على عفو شامل بعد إفراج صحي في قضية حكم عليه فيها بالسجن سبع سنوات عام 2007 أمام محكمة عسكرية بتهم شملت غسل الأموال.
ويبدو مرسي الذي رشحته الجماعة على سبيل الاحتياط في اليوم الأخير قبل غلق باب الترشح مفتقدا بريق الزعامة.
وعلى الرغم من أن الجماعة تهيمن الآن على البرلمان فإن تأثيرها لا يزال ضئيلا على الحكومة المعينة من قبل المجلس العسكري والتي لا تزال بدورها تكابد بسبب المتاعب التي نتجت عن إسقاط مبارك.
وفي مدن دلتا النيل التي ضربتها الأزمة الاقتصادية منذ إسقاط مبارك يقول سكان إن جماعة الإخوان تستحق أصواتهم لأنها وقفت معهم في هذه الضائقة بمساعدات مختلفة.
وقال أحمد يوسف (41 عاما) وهو موظف في مكتب اتصالات حكومي بمدينة طنطا "إن شاء الله سأنتخبهم وأغلب الناس في المدينة سيفعلون الشيء نفسه. ليس هناك من خدمنا أكثر من الإخوان."
وأضاف ملتفتا إلى محمد شرف الدين وهو بائع متجول يبلغ من العمر 40 عاما "أعز أصدقائي هذا سيفعل نفس الشيء. أليس كذلك؟"
وقال شرف الدين "مرسي من رجال الإخوان وجماعته هي التي توفر فرص عمل لأولادنا وتقدم لنا سلعا لا نجدها في السوق. ربنا يبارك فيهم وفيه."
وكان شرف الدين يجوب المدينة ليوزع صور مرسي وملصقات الدعاية له.
وتتسبب الأمية المتفشية واليأس الشديد الذي غذته ثلاثة عقود من سياسات مبارك في صعوبة تأثير الوعود الانتخابية على هؤلاء الناخبين.
وفي انتخابات البرلمان التي أجريت بين نوفمبر تشرين الثاني ويناير كانون الثاني الماضيين فاز الإسلاميون بنحو 66 في المئة من أصوات الناخبين حصلت جماعة الإخوان على القسم الأكبر منها.
وبصورة جزئية أنحت الأحزاب الليبرلية باللائمة في خسارتها على أنها بعيدة عن القواعد الشعبية بالمقارنة بالإسلاميين الذين استخدموا المساجد وشبكات الأعمال الخيرية لجذب الناخبين.
ويقول نشطاء إخوان إن الانتقاد الذي تعرضت له الجماعة بشأن فشل البرلمان الذي يهيمن عليه الإسلاميون في التأثير على الحكومة خلال الشهور الماضية لن يؤثر كثيرا على معظم الناخبين.
وقال إسماعيل فاروق الذي يدعو لمرسي في مدينة سوهاج بجنوب مصر "الدين في دم الشعب وليس كل شخص يتعرض لوسائل الإعلام ولذلك فإن صوتها غير مسموع."
وفي سوهاج وغيرها يقوم الإخوان بمبادرات كجزء من حملة "مشروع النهضة" الذي يهدف لكسب الأصوات الغاضبة من سنوات الإهمال من جانب الحكومة في القاهرة.
ومن يدعون لمرسي يقولون إنه اختيار جماعة الإخوان لرئاسة مصر على النقيض من المرشح البارز عبد المنعم أبو الفتوح الذي فصلته الجماعة منها لأنه قال العام الماضي إنه سيرشح نفسه للمنصب في الوقت الذي كانت فيه الجماعة تقول فيها إنها لن يكون لها مرشح.
ويقتنص أبو الفتوح أصواتا من أقصى اليمين الإسلامي متمثلا في السلفيين ومن الإسلاميين المعتدلين والليبرالين. وتقوم جماعة الإخوان بتسويق مرسي باعتباره الممثل الحقيقي للحركة الإسلامية المحافظة.
وفي اللافتات بالقاهرة يظهر مرسي بلحية قصيرة وإلى جواره الشعار "النهضة.. إرادة شعب" بدون ذكر الإسلام. أما في مدن الدلتا الصناعية والزراعية فيظهر مرسي بلحية أطول وأكثر بياضا لبيان ورع أكثر. ويظهر إلى جواره شعار يتحدث عن نهضة مصر بمرجعية إسلامية.
وقلل المخطط الإستراتجي الإخواني مصطفى عبد الغفار من شأن الانتقادات الموجهة لمواهب مرسي القيادية.
وقال "أعتقد أن كل الناس لاحظوا أن حملتنا ليست لمرسي كشخص لكن لمشروع النهضة الذي تتبناه الجماعة والذي سمع عنه المصريون منذ عام تقريبا."
ومن أجل بيان قوتها التنظيمية أقامت الجماعة سلسلة بشرية من المؤيدين لها قالت إنها امتدت 760 كيلومترا يوم الخميس.
ورأت الجماعة أن حشدها مساء الاحد والذي كانت إحدى حلقاته أمام قصر رئاسي بوسط العاصمة سيكون ذروة مشهودة لحملتها الدعائية لمرسي.
لكن الرياح المعاكسة التي تواجه الإخوان تبدو أقوى مما كانت عليه قبل الانتخابات التشريعية التي جنت فيها ثمار كفاحها الطويل ضد حكم مبارك.
وفي الانتخابات التشريعية اشتكى منافسو الجماعة من أن حزبها - الحرية والعدالة - كسر قواعد الدعاية الانتخابية بالسعي لكسب أصوات الناخبين داخل وحول مراكز الاقتراع. وتقول الجماعة إن المرشحين الآخرين فعلوا الشيء نفسه.
ويفترض أن يومي الصمت الانتخابي - الاثنين والثلاثاء - سيكونان صارمين في الانتخابات الرئاسية. وقالت لجنة الانتخابات الرئاسية يوم السبت إن أوامر ستصدر بألقاء القبض على كل من يحاول التأثير على الناخبين خارج لجان الانتخاب حتى إذا كان ذلك عن طريق ارتداء قمصان أو قبعات عليها علامات تدل على مرشحين.
وأظهرت دراسة مسحية أن لافتات المرشحين في دلتا النيل متكافئة بينما كانت لافتات الإخوان في الانتخابات التشريعية طاغية.
وقال أحمد رفاعي (32 عاما) ويعمل موظفا بطنطا "لن أنتخب مرشح الإخوان المسلمين أبدا في الانتخابات الرئاسية لأنهم لم يأتوا بشيء إلى الآن إلا الفوضى."
وأضاف "طبعا حصدوا أصواتا كثيرة في الانتخابات التشريعية. لن يتكرر هذا أبدا."