20120523
رويترز
ظلت منطقة شبه جزيرة سيناء في شمال شرق مصر تمثل مشكلة أمنية للحكومة المركزية على مدى عقود وتفاقمت المشكلة بعد الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك العام الماضي لكن سكان المنطقة وأغلبهم من البدو باتوا ينتظرون حلا لا يركز على الأمن وحده.

وغزت اسرائيل المنطقة عام 1956 واحتلتها في حرب 1967 لست سنوات بقت فيها سيناء خارج سيطرة الحكومة المصرية وامتدت فيها حركة السكان البدو عبر خط الحدود بين البلدين الذي سيطرت عليه اسرائيل حينئذ.

واستعادت مصر كامل سيطرتها على المنطقة الصحراوية عام 1982 لكن سنوات البعد ألقت بثقلها على العلاقات بين بدو المنطقة والحكومة المركزية.

وقال سليمان العكش (54 عاما) وهو من قرية الأحرار بمنطقة بئر العبد بمحافظة شمال سيناء ويعمل مزارعا "ينقصنا أن يشعر أبناء سيناء بأنهم من أبناء الوطن دون تفرقة. لا نريد تهميشا كما كان."

واضاف مشيرا للانتخابات الرئاسية التي تبدأ يوم الاربعاء "نريد رئيسا يهتم بسيناء ويسعى لاستغلال ثرواتها ومقوماتها الطبيعية لإحداث تنمية شاملة."

ولم تستقبل المنطقة التي تنشط فيها عصابات للاتجار في السلاح والمخدرات والبشر الكثير من الجولات الانتخابية للمرشحين الثلاثة عشر في اول انتخابات رئاسية تجرى بعد الانتفاضة التي أطاحت بمبارك.

ومن المنتظر ان تكون هذه الانتخابات هي الاولى التي تشهد منافسة ديمقراطية حقيقة في تاريخ البلاد.

ومن بين سكان مصر البالغ عددهم 82 مليون نسمة يعيش نحو نصف مليون نسمة فقط في سيناء التي تمثل ستة في المئة من مساحة البلاد. ويوجد في المنطقة نحو 270 الف ناخب مؤهلين للتصويت من بين أكثر من 50 مليون ناخب في عموم البلاد.

ويمر عبر سيناء خط أنابيب للغاز إلى إسرائيل والأردن والذي استهدفته تفجيرات بين وقت وآخر منذ الاطاحة بمبارك وتسببت في تعطل ضخ الامدادات به مرارا.

واتهم بدو بارتكاب التفجيرات.

ويوجد تحت الحدود مع قطاع غزة مئات الأنفاق التي تستخدم في تهريب البضائع وأحيانا الأشخاص للقطاع الذي تسيطر عليه حركة حماس الفلسطينية الاسلامية وتحاصره اسرائيل. وتقول إسرائيل إن الأنفاق تستخدم في تهريب السلاح أيضا.

وكانت الشرطة المصرية ألقت القبض على ألوف من البدو بعد سلسلة تفجيرات في منتجعات سياحية بمحافظة جنوب سيناء بين عامي 2004 و2006 أسفرت عن مقتل أكثر من مئة بينهم سائحون أجانب بينهم عدد من الإسرائيليين.

وبعد سنوات من التفجيرات حاولت حكومة مبارك تحسين الأمن في المنطقة وأفرجت عن بعض المعتقلين لكن اشتباكات دامية وقعت بين البدو والشرطة في شمال سيناء خلال الاحتجاجات التي أسقطت مبارك.

وتعرضت المواقع الشرطية منذ ذلك الحين للعديد من الهجمات كما تعرضت طرق عديدة للقطع وتعرض سائحون وعمال أجانب للخطف.

وتقول إسرائيل إنه منذ الإطاحة بالرئيس السابق فقدت القاهرة سيطرتها على سيناء لكن مصر تقلل من شأن ما تقوله إسرائيل.

وفي ابريل نيسان شبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيناء بمنطقة الغرب الأمريكي خلال القرن التاسع عشر حين كان يغيب عنها القانون.

وقال "نحن نتصرف لمواجهة هذا الواقع ونحن في مشاورات مستمرة مع الحكومة المصرية التي تشعر بالقلق أيضا بسبب هذا الوضع."

ويقول سياسيون مصريون إن الملاحق الأمنية لمعاهدة السلام مع إسرائيل التي تضع سقوفا للوجود العسكري المصري في مناطق بسيناء تحول دون قدرة القاهرة على حفظ الأمن بها على نحو مناسب.

لكن الكثير من بدو سيناء التي توجد في جنوبها الشرقي اكبر منطقة لانتاج النفط في مصر لا يرون حل مشاكلها أمنيا فقط.

ويقول ناصر أبو عكر (37 عاما) وهو من الشيخ زويد في شمال سيناء "أطالب الرئيس الجديد بألا ينظر الي سيناء من منظور أمني قبل ان يضع لها خطط التنمية."

ويطالب محمد علي (56 عاما) المهندس المقيم في مدينة رفح الحدودية الرئيس القادم لمصر "بأن يكون لأبناء سيناء تمثيل في الأجهزة الأمنية لدرايتهم بطبيعة سيناء وأن يقيم منطقة حرة تجارية مع فلسطين للقضاء علي تجارة الأنفاق."

وعبر سنوات استبعد أبناء البدو من القبول بكلية الشرطة والكليات العسكرية. ويشتكي البدو أيضا من تجنب توظيفهم بكثافة في شركات النفط والمواقع السياحية والمصانع بالمنطقة التي توجد بها منتجعات مثل شرم الشيخ وطابا ودهب ونويبع.

وعملت حكومتان مصريتان شكلتا بعد إسقاط مبارك على الاستجابة لمطالب للبدو منها إسقاط أحكام جنائية صدرت غيابيا على مئات منهم في قضايا تهريب للبشر أو المخدرات عبر الحدود مع إسرائيل لكن نشطاء بالمنطقة يقولون إن القليل من الوعود نفذ ومنها إلحاق بدو بوظائف.

ويتفق المرشحون في الانتخابات الرئاسية على مطلب تنمية سيناء الذي يرفعه البدو عاليا منذ سنين بما يشتمل عليه ذلك من منحهم الحق في التملك بأراضيها الواسعة.

وخلال زيارة لمحافظة جنوب سيناء في فبراير شباط قال المرشح الرئاسي عمرو موسى انه يؤمن بأن سكان سيناء يجب ان يشعروا بالانتماء لمصر وان "يستمتعوا بهذا الشعور".

وقال مرشح الاخوان المسلمين محمد مرسي خلال زيارة لمحافظة شمال سيناء ان تنمية المنطقة هي "حفاظ على أمن مصر القومي".

وينتظر سكان سيناء نتيجة الانتخابات ليعرفوا ما سيتحول من الوعود الى أفعال يمكن أن تغير واقع المنطقة.

وقال المجلس العسكري الذي يدير أمور البلاد منذ اطاحت الانتفاضة الشعبية بمبارك إنه سيسلم السلطة للرئيس المنتخب بحلول الأول من يوليو تموز على الأكثر.