وجهت القاهرة انتقادات حادة لواشنطن واتهمتها بالتآمر والسعي لإجهاض انتخاب وزير الثقافة المصري فاروق حسني لرئاسة اليونسكو، وذلك وسط تفاؤل الأوساط الثقافية بإمكانية أن يحسم المرشح العربي الانتخابات لصالحه بعدما تعادل في الجولة الرابعة مساء الاثنين مع مرشحة أوروبا البلغارية إيرينا بوكوفا بـ29 صوتا لكل منهما.
وقال مثقفون مصريون للجزيرة نت إن الموقف الأميركي يعكس استمرار المحاولات الإسرائيلية لمنع تولي حسني المنصب الدولي، رغم إعلان تل أبيب وقف حملتها ضده.
استقطاب سياسي
وأكد المثقفون أن عملية التصويت التي مرت بأربع مراحل حتى الآن، شهدت حالة استقطاب سياسي استخدمت فيها الولايات المتحدة وإسرائيل كافة أدوات الضغط على الدول الفقيرة لإجهاض انتخاب حسني.
ونقلت الصحف الحكومية في مصر عن مصادر رسمية أن "القاهرة تستغرب استمرار الحملة التي يشنها المندوب الأميركي الدائم لدى اليونسكو على حسني، خاصة أن تأكيدات واشنطن للقاهرة أظهرت أن الإدارة الأميركية -وإن كانت تعارض ترشيح حسني وانتخابه مديرا عاما لليونسكو- لا تنوي التصدي للمرشح المصري أو إجهاض انتخابه".
وأكدت المصادر أن موقف المندوب الأميركي هذا وما يقوم به من تحركات "يتعارض نصا وروحا مع ما أكدته الإدارة الأميركية للحكومة المصرية"، في إشارة إلى ما أعلنته إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما من أنها ستساند المرشح المصري.
وهاجمت المصادر المصرية "من يحاولون تعطيل وصول حسني إلى رئاسة المنظمة"، رغم حصوله على 22 صوتا في أول جولة تصويت بفارق 14 صوتا عن أقرب منافسيه، وأكدت أن "هؤلاء يخطئون خطأ جسيما لأنهم بذلك يعمقون الهوة بين الحضارات والثقافات والأديان".
وأكدت المصادر نفسها أن الوزير فاروق حسني سيكون -في حالة انتخابه مديرا عاما لليونسكو- "خير من يرأس المنظمة الدولية العريقة ويحقق التواصل بين حضارات العالم وثقافاته".
استسلام أميركي
وقال الكاتب الصحفي ورئيس تحرير جريدة "القاهرة" صلاح عيسي للجزيرة نت إن الموقف الرافض لانتخاب حسني ليس أميركيا بل إسرائيليا، متهما إدارة أوباما "بنقض خطابها التصالحي مع العرب والمسلمين والاستسلام لضغوط اللوبي اليهودي".
وأضاف أن الولايات المتحدة تبنت في موضوع ترشح فاروق حسني موقفين: أولهما معلن وهو ما جاء في خطاب أوباما في القاهرة وتصريحات المسؤولين الأميركيين بعدم الوقوف أمام تولي المرشح المصري رئاسة اليونسكو، والثاني غير معلن يجري فيه التنسيق مع الإسرائيليين وينفذه مندوب أميركا الدائم في المنظمة.
واتهم عيسى معارضي انتخاب حسني بالسذاجة والغباء في تفسير الأمور، وقال "في حال فوزه سيكون موظفا دوليا ينفذ السياسات التي يرسمها المجلس التنفيذي لليونسكو، ولن يستطيع فرض قناعته الشخصية والثقافية أو توظيف المنصب في أي قضية سياسية". وتوقع الكاتب المصري أن ينتهي صراع التنافس على المنصب الرفيع "إما بفوز المرشح المصري أو باللجوء إلى القرعة"، مستبعدا تحول أصوات من معسكر حسني إلى معسكر منافسته البلغارية في جولة التصويت الخامسة والنهائية.
وقال إن "معسكر المرشح العربي قوي وصلب، ومفاوضات الـ24 ساعة الأخيرة قد تشهد حلحلة مواقف بعض الأوروبيين وكسب أصواتهم لصالح حسني، خاصة أن أوروبا ليست موحدة، وتأثير الحملة التي يقودها اللوبي اليهودي ضد حسني في دول أوروبا ليس متساويا في كافة الدول".
وخلص عيسى إلى أن التحدي الأبرز الذي سيواجه حسني في حال فوزه برئاسة اليونسكو، "لن يكون سياسيا كما يتوهم البعض، بل إصلاح المنظمة داخليا والنهوض بأدواتها التي افتقدت كثيرا من رونقها في ظل الرئاسة السابقة، خاصة مع إغلاق عدد من مطابعها وتوقف بعض مطبوعاتها".
ونسبت رويترز لمندوب أوروبي في مقر اليونسكو بباريس بعد جولة التعادل، قوله "لا توجد مشاعر معادية لمصر في القاعة، لكن من الواضح أنه وضع بالغ الحساسية، وأتوقع أن يكون هناك كثير من محاولات التأثير خلال الليل لمحاولة تسوية هذا الأمر".