20120626
رويترز
يدخل فوز محمد مرسي بالرئاسة المصرية صراع السلطة القديم بين الاخوان المسلمين والجيش في جولة جديدة تدور رحاها داخل مؤسسات الدولة نفسها وقد يجبر الاسلاميون على القبول بحلول وسط جديدة.
وبعد ان انتزع المجلس العسكري الكثير من سلطات الرئيس الأسبوع الماضي لن تحمل الرئاسة التي سيتقلدها مرسي الكثير من الشبه مع تلك التي اضطر الرئيس المصري السابق حسني مبارك للتنحي عنها قبل 16 شهرا بعد ان قضى في الحكم 30 عاما.
وسيضع هذا والكثير من العناصر الاخرى قيودا على ما يمكن لمرسي (60 عاما) ان يفعله في المنصب.
ورغم الضخامة التاريخية لفوزه -فهو أول رئيس ينتخب انتخابا حرا في مصر ويجيء من جماعة الاخوان المسلمين التي ظلت محظورة معظم سنوات وجودها طوال 84 عاما- تبدو فرص التغيير السريع على صعيد السياسة الداخلية والخارجية باهتة.
فبعض التعهدات الطموحة التي اطلقها خلال حملته الانتخابية مثل الوعد بتطبيق الشريعة الاسلامية قد توضع على الرف الان لان الحقيقة على ارض الواقع تشير الى انقسام حاد في البلاد بشأن فكرة ان يتولى الاخوان المسلمون الحكم.
وفي اطار المشهد الحالي لا يملك مرسي الان برلمانا ليمرر من خلاله مثل هذا التشريع حتى لو اراد ذلك وان كان سيشكل ادارة رئاسية ويعين رئيسا للوزراء وحكومة جديدة. فالبرلمان المنتخب في يناير كانون الثاني وهيمن عليه الاخوان المسلمون لا وجود له الان واحتفظ المجلس العسكري لنفسه بسلطة التشريع في غياب المجلس التشريعي.
وقال جوشوا ستاتشر استاذ العلوم السياسية المساعد في جامعة ولاية كنت "ما يفكر فيه مرسي هو ان يكون له موضع قدم في الرئاسة ويستخدم بعض السلطات غير الرسمية التي تجيء معها -لانه رئيس صوري- ليحاول ببطء جمع السلطات ليحدث توازنا أمام المجلس العسكري."
وأضاف "الموقف أمامنا موقف ستلقى فيه اللائمة في استمرار مشاكل مصر على الرئيس المدني المنتخب بينما سيظل المجلس العسكري فوق النقد. الأمر أشبه بوضع الملوك."
ومن المؤكد ان يستمر هذا الفصل الدائم في تاريخ مصر منذ ان اطاحت مجموعة الضباط الاحرار بالملك عام 1952.. ذلك الصراع القديم بين الاسلاميين والجيش.
ورغم كل النواقص ستضيف الرئاسة وما تمثله من تفويض شعبي وترا جديدا الى القوس الذي يمسك به الاخوان الان وهم يستعدون لصراع أهم من انتخابات الرئاسة.. ألا وهو مصير دستور جديد سيحدد النظام الجديد في مصر.
وقال دبلوماسي غربي في القاهرة "سيغتنم الاخوان المسلمون ما هو متاح -جائزة لم يكونوا يتخيلوها قبل 18 شهرا. فرئاسة منقوصة هي أفضل كثيرا من لا شيء على الاطلاق."
وأضاف "انها جزء من الحل الوسط السياسي الجديد والحساس.. جزء من التعايش الجديد في مصر."
سيحدد الدستور الذي لم يكتب بعد سلطات الرئيس ودور المؤسسة العسكرية التي يقول الاخوان المسلمون انها عازمة فيما يبدو على ان يصاغ بطريقة تحمي مصالح الجيش.
وحصل الاخوان المسلمون على نصيب جيد في اللجنة التي بدأت في وضع الدستور الاسبوع الماضي. لكن المجلس العسكري اعطى لنفسه ايضا سلطات جديدة للاشراف على العملية بما في ذلك حق تشكيل لجنة جديدة لكتابة الدستور اذا ارتأى أن اللجنة الحالية فشلت في مهمتها.
وتنظر محكمة غدا الثلاثاء في الطعن في دستورية اللجنة الحالية.
وخارج اطار الصراع بين الاخوان والجيش هناك معارض آخر لمرسي قد يكون أكثر تحديا هو المصالح الراسخة لاجهزة اعتادت العمل بالطريقة القديمة. فما يعرف "بالدولة العميقة" وما تشمل من اجهزة امن سرية ستكون على الارجح عقبة رئيسية امام التغيير.
وفي تصريحات من القاهرة قال اليجاه زاروان وهو من الخبراء السياسيين الكبار في المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية "الرئيس مرسي سيكافح من أجل السيطرة على أدوات الدولة. وسيواجه على الأجح ممطالة بل ربما محاولات صريحة لتقويض مبادراته من قبل مؤسسات رئيسية."
وأضاف "في مواجهة هذه المقاومة قد يدفعه الشعور بالاحباط الى شرك محاولة الالقاء بثقله الجديد في كل اتجاه وهذا سيكون خطأ."
وبعد فوزه بفارق مقنع لكنه بعيد كل البعد عن توجيه ضربة قاضية لمنافسه احمد شفيق رئيس الوزراء الاخير في عهد مبارك واجه مرسي على الفور دعوات تطالبه بتقديم لفتات لمن أزعجهم صعود الاخوان.
وفي أول تصريحات له كرئيس منتخب وعد مرسي بأن يكون رئيسا لكل المصريين. ووعد بتشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة وهو شيء يقول المحللون انه سيكون رصيدا هاما للاخوان وهم يسعون لتنفيذ أجندتهم الاصلاحية.
وتبدأ عملية تشكيل الحكومة يوم الاثنين.
ومن بين الاسماء التي طرحها مسؤولون كبار في الاخوان محمد البرادعي الاصلاحي والدبلوماسي السابق في الامم المتحدة الذي سئل عن مدى استعداده للمشاركة. كما أعلن شفيق انه جاهز للمشاركة اذا طلب منه ذلك.
ووعد نشطو الاخوان مواصلة احتجاجات الشوارع لاجبار المجلس العسكري على التراجع عن بعض القرارات التي أزالت قدرا من البريق عن فوز مرسي.
لكن خلف الابواب المغلقة سيسعى الاخوان أيضا الى التوصل الى حلول وسط مع القادة العسكريين كما فعلوا في الايام القليلة الماضية منذ صدور الاعلان الدستوري المكمل.
وقال شادي حميد مدير مركز بروكينجز الدوحة "ما من شك في ان هناك صفقات ستحدث."
واستطرد "المجلس الاعلى للقوات المسلحة لديه دباباته وأسلحته والاخوان المسلمون يفهمون هذا.
"يجب ان يحدث أخذ ورد."
وقال مصطفى كمال السيد استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ان هناك بعض القضايا الحاسمة بينهم وهي على قدر كبير من الاهمية.
وقال إن من المهم لمرسي ان يتفق معهم أو أن يقبل ببعض الحلول الوسط والا أهتز حكمه.