مصر

20120707
رويترز
شهد الرئيس المصري محمد مرسي يوم الخميس حفل تخرج دفعة جديدة من طلبة كلية الدفاع الجوي وهو يجلس بين أكبر قائدين للجيش في مشهد مُصمم بدقة وكأنه مأخوذ من عهد الرئيس حسني مبارك.


لكن تحت سطح الاجراءات الرسمية تدور مباراة أكثر دهاء بين طرفي خصومة تعود الى زمن طويل حيث يقيس كل خصم قوة الخصم الآخر استعدادا لما يحتمل أن يكون حرب استنزاف يخوضها الإسلاميون لتحجيم نفوذ الجيش الذي حكم البلاد لمدة 60 عاما.

وتسلم مرسي منصبه يوم السبت الماضي مدفوعا بأول تفويض شعبي حقيقي في تاريخ مصر ولكن كبار ضباط الجيش -وهم مثل قائدهم السابق مبارك الذي أطاحت به انتفاضة شعبية العام الماضي يشعرون أيضا بقلق من الإسلاميين- قلصوا سلطات الرئيس المنتخب قبل إعلان فوزه.

ولكن الرئيس الجديد انسجم سريعا مع أجواء الاستعراضات العسكرية التي تعد ملمحا للحياة الوطنية المصرية رغم أن القوات المسلحة لم تعطه نفوذا على شؤونها.

وقد يتمسك الجيش باختيار الوزراء الأكثر نفوذا في الحكومة التي يسعى مرسي لتشكيلها مع احتفاظه أيضا بالقول الفصل في القوانين الجديدة منذ حل مجلس الشعب الذي كانت تهيمن عليه جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي بحكم من المحكمة الدستورية العليا.

وتجنبت جماعة الإخوان المسلمون غالبا منذ تأسيسها قبل 80 عاما خوض مواجهة شاملة مع من يمسكون بالسلطة ومن المرجح أن يحافظ مرسي على هذا النهج ويسعى لتحقيق أهدافه تدريجيا ودون ضجيج.

وقال مسؤول مصري كبير معلقا على الآلية التي تتشكل حاليا بين فريق مرسي والقيادة العسكرية "إنها رقصة العقارب بينهما."

ويسيطر الجيش رسميا على سلطات مرسي في المستقبل بعد أن أعطى لنفسه سلطة الاعتراض على أي بند في مشروع الدستور الجديد.

لكن التفويض الشعبي الذي حصل عليه الرئيس منحه قوة للمطالبة بسلطة كافية للتعامل مع الفساد والفقر والفوضى وجميعها مطالب أدت إلى الانتفاضة التي أطاحت بمبارك قائد القوات الجوية الأسبق.

وقال دبلوماسي غربي إن مرسي اقر بالحاجة إلى التوصل إلى حل وسط بقبوله ما وصفها بأنها "رئاسة ناقصة" وإن ظلت أفضل من لا شيء. وأضاف أن ذلك "في إطار التعايش السياسي الجديد في مصر."

ولن يتضح ما إذا كان هذا الصراع من أجل النفوذ سينجح إلا بعد فترة طويلة من إقرار الدستور ويعتمد هذا على ما إذا كان مرسي قادرا على تأكيد سلطته على جهاز بيروقراطي مترهل مشوب بالفساد.

وقال مساعد كبير للرئيس إن مرسي غير بالفعل بعض الموظفين في الرئاسة وضباط الأمن. واجتمع بمسؤولي الهيئات المالية والرقابة على الحسابات في الدولة ليطالب بمزيد من الشفافية وتحسين الإدارة.

وحتى الآن يسير مرسي هو والإخوان المسلمون مع خطط الجيش. ولمح عضو كبير في الإخوان المسلمين إلى أنه من المتوقع أن يبقي الجيش على سيطرته على وزارات الدفاع والداخلية والخارجية في حكومة من المقرر أن يتم تشكيلها في غضون أيام.

وقال المسؤول القريب من قيادة الجماعة الذي رفض الكشف عن اسمه عن هذه الوزارات "ستدار كما كانت تدار من قبل."

ولكنه أضاف أن من المتوقع إجراء إصلاحات تدريجية في وزارة الداخلية التي كانت هدفا لانتقادات واسعة النطاق بسبب أساليب البطش التي كانت تتبعها الشرطة في عهد مبارك.

ومع هذا لم يتضح بعد شكل الحكومة الجديدة وقال الإخوان المسلمين إنهم سيعملون مع حلفاء من الإسلاميين والمسيحيين والليبراليين وغيرهم لتشكيل حكومة ائتلافية.

وكانت الجماعة التي استقال مرسي رسميا من عضويتها قد أعلنت مرارا إنها تريد تجنب الصدام مع الجيش. وقال مسؤولون من الإخوان المسلمين كذلك إن خروج الجيش من السياسة قد يحتاج إلى سنوات.

وقال المحلل السياسي محمد صفار "مرسي لا يستطيع تولي شؤون المؤسسة العسكرية الآن. لكنه يستطيع إعادة هيكلة وزارة الداخلية كي يقضي على شبكات المصالح المشتركة."

ودخل مرسي الذي كان معتقلا سياسيا في عهد مبارك قاعدة عسكرية في مدينة الأسكندرية يوم الخميس في موكب كبير من السيارات السوداء ليشهد عرضا مُبهرا للجنود والعتاد العسكري.

وحلقت طائرات هليكوبتر فوق المكان وتم استعراض الصواريح واستعرض بعض جنود البحرية مهاراتهم القتالية بينما كانت فرقة عسكرية تعزف الموسيقى.

وكان الرئيس يرتدي بزة رمادية اللون ويجلس بين المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع والفريق سامي عنان رئيس الأركان.

وتبادل مرسي الذي لا تظهر على وجهه أي تعبيرات كلمات قليلة مع طنطاوي (76 عاما) الذي قدم له معلومات عن مراسم العرض وعلق أوسمة على زي الجنود.

وقال عضو في المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد منذ الإطاحة بمبارك مفسرا رفض الجيش تسليم مرسي السلطات كاملة إنه يتعين على الجيش "احتواء الثورة والتأكد من أنها لن تسقط الدولة."

وأضاف "لا نريد أن نصبح كالدول المجاورة التي أصبحت نهبا للفوضى بعد الإطاحة بزعمائها."

ولمح المسؤول الكبير بالإخوان المسلمين إن الحكومة الجديدة ستبقي بعض الشخصيات من عهد مبارك لضمان الاستمرارية ونقل الخبرة في شؤون الحكم.

وقال إن الإخوان تخلوا في الوقت الحالي عن مطلبهم بأن يعيد الجيش مجلس الشعب. وسيكون بمقدور أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة الاعتراض على أي قوانين يقترحها مرسي.

وقال المسؤول "هناك محادثات لإعادة البرلمان لكن في تلك اللحظة هذا لن يكون ممكنا."

وأشار إسلاميون آخرون إلى أنه قد تكون هناك جهود لضمان إجراء الانتخابات على جزء فقط من مقاعد البرلمان لأن هناك طعنا على قرار حل مجلس الشعب أمام محكمة أخرى.

وقال سعد الحسيني رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب المنحل والقيادي في حزب الحرية والعدالة إن هناك طريقا قانونيا في يد الرئيس بصفته رأس السلطة التنفيذية لإلغاء قرار المشير طنطاوي بحل مجلس الشعب.

وتشير لعبة السلطة منذ الإطاحة بمبارك إلى أن مصر تتقدم بثبات نحو نظام على غرار النموذج التركي بين جيش قوي وحركة إسلامية تذرع تدريجيا رجالها في مؤسسات الحكم.

واجتمعت شخصيات كبيرة في جماعة الإخوان المسلمين مع مسؤولين في حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا الذي تولى السلطة في عام 2002 لكنه لا يزال يتعين عليه إيجاد طريق للموائمة مع جيش قوي يسعى للحفاظ على التقاليد العلمانية للدولة.

وقال اللواء ممدوح شاهين عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة إنه لا شك في أن الجيش سيحدد توازن القوى في المستقبل. وقال لرويترز إن الإعلان الدستوري سيظل سلطة مطلقة للمجلس العسكري وهو أمر لن يغيره شيء.


الخبر السابق - الخبر التالي تحضير للطباعة أرسل هذا الخبر إنشاء ملفpdf من الخبر
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع

أخبار أخرى

  • 2021/12/20 10:46:03 وفد مساعدي أعضاء الكونجرس الأمريكي يشيد باجراءات الإصلاح الاقتصادي في مصر
  • 2021/12/12 6:43:20 وفد من جنوب السودان يصل إلى الخرطوم لبحث تنفيذ اتفاق البرهان وحمدوك
  • 2021/12/7 6:45:24 اليوم.. مصر تحتضن مؤتمرًا دوليًا لمواجهة التغيرات المناخية
  • 2021/12/1 10:56:01 بعد قليل.. فتح الطيران المباشر بين مصر والسعودية
  • 2021/11/30 10:50:04 برلمانية: معرض إيديكس 2021 رسالة ردع لكل من يحاول تهديد أمن مصر
  • 2021/11/30 10:47:31 عضو «السيادة السوداني» يبحث سبل حل قضية شرق السودان
  • 2021/7/18 5:24:27 «تطورات خطيرة».. السودان يكشف انخفاض مياه الأزرق لـ 50% بسبب سد النهضة
  • 2021/7/18 5:14:46 مصر سترصد الفضاء بثاني أكبر تلسكوب في العالم
  • 2021/2/13 11:24:06 إثيوبيا تمارس "الاستيطان الإسرائيلي" وينقصها الشجاعة لإعلان الحرب
  • 2021/2/13 11:20:57 مصر تنتظر توضيح مواقف إدارة بايدن من قضايا الإقليم
  • 2021/1/13 8:18:25 تصفية أشهر وأعرق شركة تأسست في عهد جمال عبد الناصر
  • 2020/12/29 4:53:31 الجيش المصري يستعد في شمال سيناء
  • 2020/12/28 9:06:31 على أعتاب الاكتفاء الذاتي في سلعة استراتيجية
  • 2020/12/27 7:21:04 السيسي: اتفاق سد النهضة يجب أن يكون ملزما ويحفظ حقوق مصر
  • 2020/12/13 8:50:00 يغلق معبر أرقين الحدودي مع مصر
  • 2020/12/12 11:18:08 715 مليون يورو تمويلات فرنسية إلى مصر.. وهذه تفاصيلها
  • 2020/12/6 6:31:09 البعثة الأممية في ليبيا تعلن نتائج التصويت على مقترحات آلية اختيار السلطة التنفيذية الموحدة
  • 2020/12/6 6:20:50 إقالات ودعوة لـ"يوم غضب" إثر مقتل طبيب بسقوط مصعد معطل
  • 2020/11/30 5:28:26 البرلمان الليبي يدعو لعقد جلسة خاصة
  • 2020/11/30 5:26:54 تسجيل 66 وفاة و1271 إصابة جديدة بفيروس كورونا
  • 2020/11/28 8:12:19 السودان تشيع جثمان زعيم حزب الأمة الصادق المهدي في جنازة مهيبة
  • 2020/11/25 10:58:44 السيسي: لقاح فيروس كورونا سيكون متوفرا في مصر منتصف العام المقبل
  • 2020/11/23 10:05:05 ماذا يعني انسحاب السودان من مفاوضات سد النهضة؟ خبراء يجيبون
  • 2020/11/18 10:11:06 رئيس وزراء السودان يؤكد الاستعداد للتعاون مع بعثة "يونتامس"
  • 2020/11/17 11:29:29 تبادل إطلاق نيران في ظل وضع ملتبس بالصحراء الغربية وتصعيد بين الجيش المغربي والبوليساري
  • 2020/11/17 11:26:22 صراع الحرب الأهلية يشتد.. محاولات وساطة لوأد النزاع في تيغراي
  • 2020/11/17 11:03:11 بريطانيا تسعى لسحب لقب أكبر مستثمر أجنبى فى مصر من الاتحاد الأوروبى
  • 2020/11/14 10:58:35 مباحثات سودانية - أمريكية في الخرطوم
  • 2020/11/11 7:57:26 إثيوبيون بينهم عسكريون يفرون من القتال في تيغراي إلى السودان
  • 2020/11/11 7:55:21 مجلس الأعمال المصرى اليونانى: استثمارات يونانية فى مصر تخطت المليار يورو