20120709
القدس العربي
اليوم سيكتشف الليبيون من فاز ومن خسر في الانتخابات البرلمانية التي نظمت يوم السبت والتي تعتبر الاولى منذ اكثر من نصف قرن، وعلى الرغم من الفرحة التي رافقت يوم الانتخابات الا انه شهد حالات من الاعتداء على مراكز الاقتراع حيث شهدت نسبة 6 بالمئة عددا من الهجمات من قبل جماعات لم تكن راضية عنها، اما بسبب معارضتها للعملية السلمية او لانها حانقة على طريقة توزيع المقاعد في المؤتمر الوطني الذي سيقوم اعضاءه بتشكيل حكومة انتقالية وتعيين لجنة لكتابة الدستور الليبي لمرحلة ما بعد الثورة.
والتصدي لمشاكل الدولة الفاشلة التي ستخلفها الحكومة الانتقالية والمجلس الوطني الانتقالي اللذان فشلا في توفير الامن والاستقرار، وبدا الوضع واضحا في بعض حوادث الاعتداء على مراكز الاقتراع في بنغازي التي انتقلت منها شرارة الثورة ومدينة راس لانوف المدينة النفطية. ويتوقع ان يكون للاسلاميين حظ كبير خاصة انهم يتسيدون عدد المرشحين الطامحين بمقعد وعددها 200 فيما يتنافس عليها 3700 مرشح.
مما يفتح المجال امام الاسلاميين للسيطرة على دولة جديدة من دول ما يسمى "الربيع العربي" بعد تونس ومصر والمغرب. وعلى الرغم من الفرحة العامة وصرخات "الله اكبر" وزغاريد النساء التي رافقت بداية الاقتراع، الا ان هناك مخاوف من طبيعة العملية الانتخابية التي يقول البعض انها ستكشف بعد الاعلان عنها عن مجتمع منقسم بناء على الخطوط القبلية والاثنية (نسبتهم تظل قليلة) وانتشار فوضى السلاح، مع وجود اسئلة فيما ان كانت الميليشيات ستتخلى عن مناطق نفوذها وتنضم للعملية السياسية.
وترى تقارير صحافية ان الحوادث التي رافقت الانتخابات تقدم صورة عن شعب لا يزال منقسما ويهدد ميلاد الدولة الجديدة وبسبب دعوات عدد من المناطق للانفصال والاستقلالية عن المركز.
ومن هنا يرى محللون ان الانتخابات هذه ستكون اشارة عن حالة ليبيا وان كانت ستتحول الى لبنان جديدة او تصبح مركزا جذب للاستثمارات وواحة للاستقرار.
امل ومخاوف
ولهذا ترى صحيفة "لوس انجليس تايمز" ان الانتخابات تمثل املا لليبيا بعد سنوات من الديكتاتورية، لكن الخلافات القبلية والاثنية هي مشكلة ليبيا الجديدة، ووصفت الصحيفة ان ليبيا بمثابة "علبة كبريت" قابلة للاشتعال بعد اعوام من القمع والخلافات القبلية.
وقالت ان الميليشيات لا تزال تسيطر على مناطق واسعة من البلاد وسط دعوات للانفصال عن الحكومة المركزية.
وقالت ان الاسلاميين عيونهم مركزة على السلطة فيما ليس للقبائل التي استخدمها القذافي لمواصلة حكمه اية فكرة عن الكيفية التي ستبنى فيها الدولة الحديثة.
ونقلت عن باحثة في فرع هيومان رايتس ووتش قولها كل واحد يتراجع الى مجتمعه والكل منهم في حالة من الدفاع. واضافت قائلة انها لاحظت حسا من العزلة المثيرة للخوف في الزنتان وسرت وبني وليد.
وكانت منظمة الازمات الدولية في بروكسل قد دعت الحكومة الانتقالية الى الحوار وتهدئة خواطر المناطق التي تشعر بالتهميش فيما بعد الثورة.
ونقلت عن صاحب مقهى عبر عن هذا الحس من الخوف عندما قال ان ليبيا لم يكن فيها ديمقراطية ولن يكون فيها، ولن يتغير اي شيء لان الحكام لن يتغيروا فهم يفكرون مثل القذافي "وسترى هذا في المستقبل"، وتقول ان الاقليات في ليبيا عبرت عن مخاوفها من التهميش، البربر في الغرب والتبو في الجنوب.
ونقلت عن احد عضاء قبيلة التبو في الكفرة قوله ان الناس "ينظرون الينا على اننا قتلة ومجرمين وكل هذه النظرة السيئة مضيفا ان كل العرب لديهم هذه النمطية عنهم. وتشير الصحيفة الى ان هذه المناطق في الشرق والغرب هي الاكثر عرضة للغليان خاصة انها تعرضت للاهمال والتهميش من نظام القذافي، ولم تحصل مناطقهم خاصة في الجنوب الا على 32 مقعدا في المؤتمر الوطني.
ويشير تقرير منظمة الازمات الدولية ان اهالي الشرق لا يشعرون ان تغيرا حصل على وضعهم الذي كان في عهد القذافي. ويعتقد مراقبون ان القوات الامنية التابعة للحكومة لن يكون لها القدرة على احتواء العنف حالة اندلاعه، وحذر التقرير السلطات المركزية من استخدام العنف ضد الجماعات المسلحة ويجب عليه تغليب الحكمة والحوار. فمنذ سقوط القذافي تحولت البلاد الى اقطاعيات كل سيد فيها يدافع عن مجال سيطرته.
ويرى مسؤولون انه على الرغم من الوضع الحالي الا انه سيكون بمقدور البلاد تجاوز الازمة.