انتقلت خلافات شريكي الحكم في السودان المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان إلى المجلس الوطني (البرلمان) الذي يعقد آخر دورة له قبل الانتخابات المقرر إجراؤها في أبريل/نيسان المقبل. موضوع الخلاف هو ما يسمى قوانين التحول الديمقراطي والاستفتاء على وضع جنوب البلاد، والتي تتهم الحركة الحزب الحاكم بالتلكؤ في إجازتها.
ففي وقت هددت فيه الحركة الشعبية -التي تضم المتمردين الجنوبيين السابقين ووقعت مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالشمال اتفاقية سلام عام 2005- بمقاطعة البرلمان وأمهلت شريكها في الحكم أسبوعا واحدا، وصف المؤتمر الوطني تهديد الحركة بالطفولي، واعتبر أنه يشير إلى اتجاه الحركة نحو الوقوف أمام التحول الديمقراطي.
لكن الحركة التي ترى أن شريكها لا يزال متمسكا بالأحادية، قالت إنها ستلجأ للشارع السوداني لتحريكه لفرض واقع الديمقراطية والحرية، فيما اتهمها المؤتمر الوطني هي وخصومه بالخوف من نتائج الانتخابات المقبلة.
مقاطعة جنوبية
فقد أعلنت الحركة وخمسة أحزاب جنوبية أخرى بإمكانية التوقف عن المشاركة في جلسات البرلمان حال عدم التوصل إلى اتفاق على جدول زمني محدد لمناقشة ما سمته بالقضايا الخلافية من قوانين وغيرها.
وتقدمت بمذكرة عبر كتلتها في البرلمان دعت خلالها إلى تسريع إجازة القوانين وفقا لما تقتضيه اتفاقية السلام الشامل "لأجل تهيئة الأجواء للتحول الديمقراطي والانتخابات".
وقال نائب أمينها العام رئيس هيئتها النيابية ياسر عرمان للصحفيين إن نواب الحركة سينظرون ماذا تفعل الحكومة عقب مطالب المذكرة، مشيرا إلى أن قرار الانسحاب من البرلمان سيكون عقب المهلة التي حددت.
شخصنة القضايا
أما المؤتمر الوطني فرغم إعلانه الحرص على الوفاق بين كل الكتل النيابية، اعتبر أن هناك تجنيا من شريكته في الحكم على البرلمان ومؤسسات أخرى لم يسمها.
وقال عضو الهيئة القيادية لكتلة المؤتمر الوطني النيابية إبراهيم غندور إن الحركة الشعبية اتجهت إلى شخصنة القضايا "رغم أننا ما زلنا ندعو للحوار الهادئ عبر الأطر السياسية المعروفة". وأضاف "نرفض أن تحدد أي كتلة برلمانية ما تشاء وبطريقة إنذارية كهذه".
غندور اتهم الحركة بمحاولة قطع الطريق أمام الانتخابات
وتمنى غندور الذي كان يتحدث للصحفيين ردا على مذكرة الحركة الشعبية "بأن يكون ما أعلنته الحركة بمنزلة تهديد فقط لأنهم إن فعلوا فإنهم يريدون قطع الطريق أمام الانتخابات والتحول الديمقراطي".
غير أن نائب رئيس البرلمان عضو الحركة الشعبية أتيم قرنق رفض اتهام المؤتمر الوطني، وأكد وجود خلافات جوهرية على بعض القوانين المقيدة للحريات بالبلاد.
وقال للجزيرة نت إن اتهامات المؤتمر الوطني مردودة عليه "لأنه هو الذي يقف أمام التحول الديمقراطي المنشود"، مشيرا إلى أن الحركة تقدمت بعدد من المقترحات لإجازتها قوانين بديلة للقوانين الحالية "إلا أن المؤتمر الوطني يريد السير في نهجه القديم".
وأضاف "نحن نختلف معهم على ما يتعارض مع الدستور واتفاقية السلام"، وسنواصل موقفنا الرافض لأي تجاوز لذلك.
إضعاف نفوذ
أما رئيس كتلة التجمع الوطني المعارض فاروق أبو عيسى فاعتبر أن تأخير القوانين الحالية يرتبط بالتحول الديمقراطي الذي يعني إضعاف النفوذ المنفرد للمؤتمر الوطني.
وأشار إلى عدم وجود الإرادة السياسية الحقيقية للحزب الحاكم "لأنه يسعى لاستغلال عامل الزمن للبقاء في السلطة أطول فترة ممكنة".
واعتبر أن انسحاب الحركة وتوقفها من المشاركة في البرلمان واحد من وسائل الضغط "لكن كان ينبغي أن يتم بين كافة الكتل النيابية الرافضة لموقف المؤتمر الوطني".
ولم يستبعد أبو عيسى أن تنفذ الحركة الشعبية ما هددت به من انسحاب من جلسات البرلمان "ما سيتسبب في مشكلات أخرى أكثر تعقيدا".