20120905
الصباحي
أطلقت تنزانيا يوم السبت، في الأول من أيلول/سبتمبر، برنامجاً يهدف إلى إيواء أكثر من ثلاثة آلاف ولد مشرد منتشرين في شوارع دار السلام وإعادتهم إلى منازلهم، حسبما ذكر مسؤولون رسميون لـصباحي.
وذكرت مونيكا موايكيندا، وهي من المرشدين الاجتماعيين المشاركين في البرنامج، أن المرشدين يجرون مسحاً لكافة شوارع المدينة ويحددون كل الأطفال القصّر.
وأوضحت أن الحكومة ستقوم في المرحلة الأولى بإنتشال جميع الأولاد من الشوارع وستضعهم في مأوى حتى آخر الشهر. أما المرحلة الثانية التي ستستمر حتى نهاية العام الجاري، فتتمثل في إعادة شملهم مع أهاليهم.
يُذكر أن البرنامج هو امتداد لـ'خطة العمل الوطنية من أجل أكثر الأولاد ضعفاً' التي وفّرت لهؤلاء الصغار المساكن المؤقتة والتعليم ووسائل التواصل مع والديهم أو مع أفراد آخرين من العائلة منذ أن أُطلقت في العام 2006.
والشهر الماضي، أعلن مساعد مفوض الرعاية الاجتماعية، رابيكيرا موشي، أن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) ترعى المشروع المذكور.
أسباب تشرّد الأولاد في تنزانيا
إن معظم الأولاد المشردين في دار السلام هم أولاد هربوا من بلداتهم ومدنهم بسبب الفقر أو بعد فقدان أعضاء من عائلتهم جراء إصابتهم بفيروس فقدان المناعة/الأيدز، حسبما ذكرت الدكتورة ثيوبيستا ماسينجي وهي أخصائية في مجال طب الأطفال ومحامية تعمل لصالح مستشفى مبييا المحلي.
وقالت ماسينجي لـصباحي إن الأبحاث تشير إلى أنه في حين أن بعض الأولاد تركوا منازلهم للبحث عن عمل في المدينة، غادر آخرون مناطقهم هرباً مما يتعرّضون له من عنف أسري. وفي بعض الحالات، تتمكن العائلات الممتدة من احتضان هؤلاء الأولاد لكن يُترك الآخرون ليدبّروا أمورهم بأنفسهم.
وبحسب ما جاء في تقرير لليونيسف صدر في العام 2009 وشمل 3739 شاب وشابة تتراوح أعمارهم بين 13 و 24 سنة، كشف حوالي ثلاثة أرباع منهم عن تعرضهم لعنف جسدي على يد أحد الأقارب أو شخص له سلطة عليهم، كأستاذ أو شخص آخر يكون قريباً منهم قبل بلوغهم سن الـ18.
كذلك، أكّد حوالي 25 في المائة من الإناث وحوالي 30 في المائة من الذكور مواجهتهم لإساءة عاطفية مارسها عليهم أحد الأقارب أو شخص له سلطة عليهم، في حين ذكرت نسبة تتراوح بين 4 و5 في المائة من الذكور والإناث تعرضها للتهديد بالتخلي خلال مرحلة الطفولة.
كذلك، اعترف حوالي 30 في المائة من الإناث و 13.4 في المائة من الذكور بتعرضهم لحادثة واحدة على الأقل وقعوا فيها ضحية عنف جنسي قبل بلوغ 18 عاما.
ردود فعل متباينة حول البرنامج
وقالت مديرة مركز الشؤون القانونية وحقوق الإنسان، هيلين كيجو بيسيمبا، لـصباحي إن البرنامج الأساسي لم يحصل على التمويل الكافي ولم يجرِ المرشدون الاجتماعيون مقابلات ختامية مع الأولاد الهاربين قبل إعادتهم إلى عائلاتهم.
وشددت كيجو بيسيمبا على ضرورة توفير خيار بديل للأولاد قبل إعادتهم إلى أهالٍ يسيئون اليهم.
وذكرت أن الأولاد المشردين لديهم أسرار تستحق أن يتم الاستماع إليها، ولا بد من معالجة الأسباب التي دفعتهم إلى ترك منازلهم قبل محاولة الجمع بينهم وبين عائلتهم.
وتابعت قائلة لـصباحي إن "بعض الأهالي يقسون للغاية على أولادهم. ولا يأتي كل أولاد الشوارع من عائلات فقيرة، بل يشعر بعضهم بالرعب من والديهم، مما يجبرهم على الهرب".
وأوضح كيجو بيسيمبا أن الحلّ الثابت لتشرد الأولاد يكمن أولاً في معالجة الأسباب الرئيسية لهذه الظاهرة. "فيجب أن يتم سؤال [الأولاد] عما يريدونه مقابل عودتهم إلى عائلاتهم، ويتوقف الحل عندئذٍ على جوابهم".
من جهتها، قالت وزيرة التنمية المجتمعية والنوع الاجتماعي والأطفال، صوفيا منيامبي سيمبا، إنه بالرغم من بعض الانتقادات، إلا أن المشروع حقق نتائج إيجابية.
وأضافت "إن المشروع متواصل. لقد نفّذناه بنجاح خلال السنوات الخمسة الماضية وهذه المرة وافقت اليونسيف، شريكتنا في مجال التنمية، دعم جهودنا لتسريع العملية ليس لأننا فشلنا بل لأنها تدعم نجاحنا".
ابداء ولد مشرّد لرأيه
قال أدناري سيبريان، وهو ولد مشرّد يبلغ من العمر 13 عاما وينام في شارع بوستا مبييا في وسط العاصمة دار السلام، لـصباحي إنه هرب من منزل العائلة بسبب والده الذي كان يعنّفه.
وذكر سيبريان وأصله من دودوما "تزوج والدي من زوجته الثانية وكنا نعيش كلنا في منزل واحد. اعتاد على ضربنا كلما عاد إلى البيت ثملاً عند المساء".
وأضاف "بدأت أختبئ خلف الباب الرئيسي. ثم بعد دخوله كنت أخرج من دون أن يراني. استمر هذا الوضع لحوالي سنة، ثم قال لي أحد أصدقائي إنه يجدر بنا أن نلحق بشقيقه إلى دار السلام. فصعدنا على متن حافلة لنقل الركاب من دون أن ندفع الرسم والحمد لله، كان السائق محبّاً بما يكفي ولم يرمنا خارجاً".
وأشار سيبريان إلى أن حياة الشارع صعبة وغالباً ما يقال إن الأولاد المشردين هم لصوص، حتى إذا لم يسرقوا شيئاً. وذكر أنه في غالبية الأحيان، يأكل أولاد الشوارع بقايا أطعمة فنادق المدينة أو يشترون ما يأكلونه بالمال الذي يحصلون عليه من التسوّل.
واعترف قائلاً إن السنوات الثلاث التي أمضاها في الشوارع كانت صعبة للغاية، لكنه يفضل البقاء في الشارع على العودة إلى عائلته.
وقال "إذا كانوا سيجمعوننا لأخذنا إلى المدرسة، فأنا جاهز في هذه اللحظة للذهاب، ولكن إذا كانوا يخططون لإعادتي إلى دودوما فأفضل الموت هنا على ذلك. أريد الذهاب إلى المدرسة حيث سأدرس جاهداً وأصبح عضواً في البرلمان بعد حصولي على المؤهلات الضرورية".