كينيا

20120908
الصباحي
حدد زعماء القبائل سلسلة من الاجتماعات في المبنى البلدي للسعي وراء تعويضات نقدية ستُقدم لعائلات بعض الضحايا، في حين أن عدداً من المناطق الكينية تستعيد حركتها ببطء بعد موجة النزاعات القبلية التي هزّتها مؤخراً.

وتستند هذه الممارسة المعروفة باسم "مصلح" إلى تقليد قديم كان شائعاً في المحافظة الشمالية شرقية حيث تحصل العائلات التي فقدت فرداً منها بسبب أعمال عنف قبلية على تعويضات نقدية تقدمها لها القبيلة المعتدية، حسبما ذكر مفوض إقليم واجير عمر ديما لـصباحي.

وأضاف ديما أن 60 شخصاً على الأقل قتلوا في أعمال عنف جرت بين ما لا يقل عن أربع قبائل في مناطق واجير ومنديرا وإيسيولو وتانا ريفر. وقد بدأت الاضطرابات تسيطر على المنطقة في مطلع شهر آب/أغسطس بسبب المراعي والأراضي الزراعية ومراكز توزيع المياه المتنازع عليها.

وفي حين أن المسؤولين الأمنيين ولجان السلام تعمل على إعادة السلام في المقاطعات المعنية، يلجأ وجهاء القبائل إلى المصلح لمساعدة عائلات الضحايا.

وأوضح ديما أنه يتم تقدير الأضرار عبر تقييم دور الضحايا في العائلة وتحديد عدد من المواشي أو ما يوازيه من قيمة نقدية للتعويض. ويُحدد عادةً القيمة النهائية الواجب دفعها كل من الممثلين القبليين للجهات المتورطة في الحادث ووسطاء حياديين بينهم أحياناً مسؤولين حكوميين.

وقال ديما "تحسّن التسوية العيش المشترك المتناغم بين القبائل المعنية. لكن كوننا مسؤولين حكوميين، لا نتوقف عند هذا الحد. فلمنع تجدد أعمال العنف، نعتقل المجرمين ما أن يتم تحديد هويتهم".

وأضاف أنه يتم دفع المال لتجنب مواجهة عنيفة بين أعضاء آخرين من القبائل.

ومن جانبه، قال وزير الأمن الداخلي بالوكالة يوسف حاجي لـصباحي إن الحكومة تسمح فقط باستخدام المصلح إذ يساعد في قمع النزاعات.

وذكر حاجي أنه تم اعتقال أكثر من 50 مشتبهاً به متورطين بأعمال عنف في مناطق منديرا وواجير وتانا ريفر كما تم استدعاؤهم إلى المحكمة.

وأشار إلى أنه تمت زيادة عناصر الأمن في المناطق المتأثرة بالوضع كما فُرض حظر تجول من وقت الغروب وحتى الفجر.

وقال حاجي إن "حياة الفرد مهمة ولا يستطيع المجرمون التجول بحرية حتى بعد أن تدفع قبيلتهم المصلح". وذكر أن الحكومة تحاول التوصل إلى اتفاقيات سلام ثابتة بمساعدة وجهاء القبائل والزعماء الدينيين.

وقد اجتمع وجهاء القبائل والمسؤولون الحكوميون في هبسوين بنطقة واجير في 6 آب/أغسطس لمناقشة وتحديد القيمة المالية الواجب دفعها تعويضاً عن مقتل أحمد عبدالقادر محمود، وهو مزارع من واجير في الخامسة والثلاثين من العمر قُتل في مواجهات بشأن اختصاص قضائي حول نقطة لتوزيع المياه بين مجموعتين في مقاطعة إيسيولو.

وقُتل محمود في 6 شباط/فبراير وشكّل اغتياله تهديداً بوقوع اشتباكات بين القبائل الصومالية وقبيلة بورانا، حسبما ذكر ديما.

وأضاف أنه بعد مشاورات دامت يوماً شبه كامل، وافقت جماعة بورانا على دفع 800 ألف شلن (تسعة الاف و500 دولار) لعائلات القتيل قبل نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر.
الحلول طويلة الأمد أمر ضروري

وفي حين أن دفع تعويضات نقدية لأهالي ضحايا النزاعات القبلية يساهم في منع تفاقم الأوضاع على المدى القصير، إلا أن المحللين أكدوا لـصباحي أن هذه الممارسة لا تؤمن الحل طويل الأمد المطلوب.

وفي هذا السياق، قال المدير التنفيذي للمنتدى الشمالي للديموقراطية، خليف عبدي فارح، إنه يجب أن تركّز الحكومة أكثر على الحلول طويلة الأمد التي تعالج الأسباب الأساسية للاشتباكات، لا سيما تحسين الوصول إلى الموارد الطبيعية التي تشكل أحد أبرز أسباب النزاعات.

وأوضح لـصباحي قائلاً إنه على سبيل المثال، يجب حفر المزيد من الابار في المناطق حيث تشكّل المياه سبباً للنزاع.

وأضاف فارح أنه إلى جانب عدم تمكّن التعويضات النقدية من معالجة السبب الأساسي للنزاعات، إلا أنها لا تشكل رادعاً لبعض المجرمين.

وقال لـصباحي إنه، مع أن المتهم بارتكاب جريمة هو شخص واحد، إلا أن القبيلة التي ينتمي إليها تتحمّل المسؤولية عبر دفع المال بالنيابة عنه. وأضاف "قد يخلق ذلك انطباعاً خاطئاً بأن القبيلة تؤيد الجريمة وأن المجرمين الذين ينجون من الاعتقال يستطيعون تكرار الجريمة نفسها".

وبدورها، قالت صوفيا جيدي علي، المنسقة في مرصد واجير لحقوق الإنسان، لـصباحي إنه بدل تقديم تعويضات، يتوجب على الحكومة والمجتمع العمل بشكل استباقي من أجل منع أعمال العنف القبلية المتفرقة وتنظيم اجتماعات بلدية من أجل الدعوة إلى التعايش السلمي.

وأضافت "إن بعض وجهاء القبائل هم ناشطون في مجال التفاوض على التعويضات النقدية وعلى الحكومة استخدام مهاراتهم في التفاوض لمنع النزاعات".

وتابعت قائلةً "حالياً تتم فقط التوعية على السلام وحل النزاعات في الجامعات ضمن برنامج شامل، لكن لا بد من تضمين الموضوع في المدارس الابتدائية بحيث تنطبع في الأذهان في سن باكرة أهمية العيش بتناغم، بغض النظر عن القبيلة والأديان".

ولكن من جهة أخرى، اعتبر نائب منديرا، عبدالقادر محمد حسين، أن الدفع من قبل جميع افراد المجتمع يشكل طريقة يظهر المجتمع من خلاله أنه يتفاعل مع ألم عائلة الضحية.

وقال حسين الذي هو أيضاً محامٍ محترف، "يشير المصلح إلى المغفرة أو المصالحة. إنه إجراء قصير الأمد لكن مع موافقة الجهة المذنبة على الدفع ضمن الفترة المحددة، يتم تجنب تفاقم الحزازات القبلية المحتملة على المدى الطويل".

وأضاف أن أولئك الذين يرتكبون الجرائم بأيديهم يجب أن يواجهوا القانون حرصاً على عدم استغلال الآلية القانونية.

أما رقية عبدي عبدلي، مستشارة دائرة لاغبوغول في إقليم واجير، فقالت لـصباحي إن "الموت هو مشيئة الله. وحتى محكماتنا التقليدية لا تستطيع تقديم تعويضات مالية لعائلات القتيل لبدء حياة جديدة. ولهذا السبب تقوم المجتمعات أولاً بتقديم تسوية للعائلات المعنية قبل الانتقال إلى المرحلة اللاحقة التي تتمثل في ملاحقة المجرم".


الخبر السابق - الخبر التالي تحضير للطباعة أرسل هذا الخبر إنشاء ملفpdf من الخبر
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع

أخبار أخرى

  • 2021/12/20 10:46:03 وفد مساعدي أعضاء الكونجرس الأمريكي يشيد باجراءات الإصلاح الاقتصادي في مصر
  • 2021/12/12 6:43:20 وفد من جنوب السودان يصل إلى الخرطوم لبحث تنفيذ اتفاق البرهان وحمدوك
  • 2021/12/7 6:45:24 اليوم.. مصر تحتضن مؤتمرًا دوليًا لمواجهة التغيرات المناخية
  • 2021/12/1 10:56:01 بعد قليل.. فتح الطيران المباشر بين مصر والسعودية
  • 2021/11/30 10:50:04 برلمانية: معرض إيديكس 2021 رسالة ردع لكل من يحاول تهديد أمن مصر
  • 2021/11/30 10:47:31 عضو «السيادة السوداني» يبحث سبل حل قضية شرق السودان
  • 2021/7/18 5:24:27 «تطورات خطيرة».. السودان يكشف انخفاض مياه الأزرق لـ 50% بسبب سد النهضة
  • 2021/7/18 5:14:46 مصر سترصد الفضاء بثاني أكبر تلسكوب في العالم
  • 2021/2/13 11:24:06 إثيوبيا تمارس "الاستيطان الإسرائيلي" وينقصها الشجاعة لإعلان الحرب
  • 2021/2/13 11:20:57 مصر تنتظر توضيح مواقف إدارة بايدن من قضايا الإقليم
  • 2021/1/13 8:18:25 تصفية أشهر وأعرق شركة تأسست في عهد جمال عبد الناصر
  • 2020/12/29 4:53:31 الجيش المصري يستعد في شمال سيناء
  • 2020/12/28 9:06:31 على أعتاب الاكتفاء الذاتي في سلعة استراتيجية
  • 2020/12/27 7:21:04 السيسي: اتفاق سد النهضة يجب أن يكون ملزما ويحفظ حقوق مصر
  • 2020/12/13 8:50:00 يغلق معبر أرقين الحدودي مع مصر
  • 2020/12/12 11:18:08 715 مليون يورو تمويلات فرنسية إلى مصر.. وهذه تفاصيلها
  • 2020/12/6 6:31:09 البعثة الأممية في ليبيا تعلن نتائج التصويت على مقترحات آلية اختيار السلطة التنفيذية الموحدة
  • 2020/12/6 6:20:50 إقالات ودعوة لـ"يوم غضب" إثر مقتل طبيب بسقوط مصعد معطل
  • 2020/11/30 5:28:26 البرلمان الليبي يدعو لعقد جلسة خاصة
  • 2020/11/30 5:26:54 تسجيل 66 وفاة و1271 إصابة جديدة بفيروس كورونا
  • 2020/11/28 8:12:19 السودان تشيع جثمان زعيم حزب الأمة الصادق المهدي في جنازة مهيبة
  • 2020/11/25 10:58:44 السيسي: لقاح فيروس كورونا سيكون متوفرا في مصر منتصف العام المقبل
  • 2020/11/23 10:05:05 ماذا يعني انسحاب السودان من مفاوضات سد النهضة؟ خبراء يجيبون
  • 2020/11/18 10:11:06 رئيس وزراء السودان يؤكد الاستعداد للتعاون مع بعثة "يونتامس"
  • 2020/11/17 11:29:29 تبادل إطلاق نيران في ظل وضع ملتبس بالصحراء الغربية وتصعيد بين الجيش المغربي والبوليساري
  • 2020/11/17 11:26:22 صراع الحرب الأهلية يشتد.. محاولات وساطة لوأد النزاع في تيغراي
  • 2020/11/17 11:03:11 بريطانيا تسعى لسحب لقب أكبر مستثمر أجنبى فى مصر من الاتحاد الأوروبى
  • 2020/11/14 10:58:35 مباحثات سودانية - أمريكية في الخرطوم
  • 2020/11/11 7:57:26 إثيوبيون بينهم عسكريون يفرون من القتال في تيغراي إلى السودان
  • 2020/11/11 7:55:21 مجلس الأعمال المصرى اليونانى: استثمارات يونانية فى مصر تخطت المليار يورو