وفي أقل من شهرين، أدت اشتباكات عرقية بين قبيلتي بوكومو وأورما إلى مقتل 110 شخصاً بينهم تسعة عناصر من الشرطة وإلى تهجير آلاف العائلات. كذلك، دُمرت الممتلكات وسُرقت الماشية.

وكان الرئيس الكيني مواي كيباكي قد أعلن فرض حظر تجول من الغروب وحتى الفجر في المنطقة، وذلك في محاولة لوضع حد للعنف.

ولكن، تجددت أعمال العنف مساء الأحد وفي الصباح الباكر يوم الاثنين، 17 أيلول/سبتمبر، فحُرق أكثر من 20 منزلاً، حسبما ذكرت منظمة الصليب الأحمر الكيني. ويوم الاثنين، تم العثور على مقبرة جماعية في منطقة غارسن التي شهدت عمليات قتل مؤخراً. وتسعى الشرطة للحصول على أمر من المحكمة لاستخراج الجثث من أجل تحديد هوياتها.

وقال هارو داود، وهو من قبيلة بوكومو، في حديث هاتفي مع صباحي "لا يزال الوضع على الأرض متوتراً جداً. لا أعرف من يجب أن يلام على هذه الأفعال الشنيعة. يجب أن تتحرك الحكومة من أجل منع حدوث المزيد من عمليات القتل".

وفي هذا الإطار، أشار جوزيف كاريما، المشرف في الصليب الأحمر الكيني على دلتا نهر تانا، إلى أن أكثر من 13 ألف وسبعمائة قروي تأثروا بأعمال العنف واختار العديد منهم النزوح إلى مناطق أخرى. ويقيم معظم هؤلاء في مخيمات مؤقتة أُعدت في مدارس تاراسا وماريريني وغارسن وهولا وويتو وماليندي، حسبما ذكرت صحيفة ديلي نيشن الكينية.

وليست النزاعات جديدة بالنسبة لقبيلة بوكومو التي تهتم بالزراعة على ضفاف دلتا نهر تانا وقبيلة أورما التي ترتوي حيواناتها من مياه النهر. فعلى مدى سنوات، تذمر أعضاء بوكومو بالقول إن الحيوانات التي تملكها قبيلة أورما تدمر محاصيلها. وفي الوقت نفسه، تلوم قبيلة أورما جيرانها على حظر الوصول إلى النهر.

وفي هذه الأثناء، في مخيم مؤقت للاجئين من قبيلة بوكومو في قرية سيميكارو المجاورة، أعزى بعض السكان سبب اضطراب الأوضاع إلى السياسة، مدّعين أنهم كانوا مستهدفين بالترحيل نظراً إلى عضويتهم في مجلس مومباسا الجمهوري، وهي جماعة انفصالية في المحافظة الساحلية تشجّع على مقاطعة الانتخابات العامة في آذار/مارس المقبل.

وقال سعيد روفا الذي يقيم حالياً في مخيم مؤقت في سيميكارو، في حديث لصحيفة ذا ستاندرد الكينية، "أعتقد أن السياسيين، وخاصةً من يسعون إلى شغل منصب حاكم أو عضو في المجلس، يخططون لترحيلنا بسبب صلاتنا بمجلس مومباسا الجمهوري. وهذا ما يدفعنا إلى الاعتقاد بأن هناك مخطط سياسي واحتمالية تورط الحكومة في الهجمات المنفذة ضد المجتمع".

وفي هذا السياق، ولربما متأثراً بامتداد أعمال العنف، أمر يوم الخميس، 13 أيلول/سبتمبر، مجلس الوزراء الكيني ،ويترأسه الرئيس مواي كيباكي، الشرطة باستخدام القوة والتحرك بشكل حازم لوضع حد للاشتباكات. وقد أوضح المتحدث باسم الشرطة بالوكالة، تشارلز أوينو، أن الشرطة كانت في البداية رافضةً لاستخدام القوة في المنطقة واختارت التحرك بحذر بانتظار موافقة مجلس الوزراء.

وأقر المجلس التدابير الصارمة الهادفة إلى إحلال السلام في المنطقة التي تشهد توترات أمنية، ومنها نشر ألف وخمسمائة عنصر أمن إضافي.

وقدم مجلس الوزراء أيضاً توجيهات بتشكيل لجنة تحقيق قضائية تُعطى مهلة 30 يوماً للتحقيق في قضية الاشتباكات وإعداد تقرير بها.

وقال كويجي وا وامويري، وهو نائب سابق من سوبوكيا في محافظة وادي ريفت في كينيا، إن رد الحكومة جاء بطيئاً جداً. وكتب في 15 أيلول/سبتمبر في صحيفة ذي ستار الكينية "أليس الإعلان عن حظر التجول بمثابة استباق المشكلة بعد وقوعها؟ ألم يمهد صمت الرئيس أمام المجزرة الأولى الطريق ويشجّع فعلاً لتنفيذ المجزرة الثانية؟"

يُذكر أن تسعة أشخاص اعتقلوا ومثلوا أمام المحكمة في قضية الاشتباكات التي وقعت، بمن فيهم نائب منطقة غالولي، ضاضو غوضانا. وقد وجهت إلى هذا الأخير يوم الأربعاء تهمة التحريض على العنف وهي تهمة قام بنفيها.
قوات الأمن في وضع حرج

شكلت المجزرة الدامية التي حصلت في منطقة دلتا نهر تانا تحدياً أمنياً جديداً بالنسبة لحكومة كينيا التي أرسلت قوات عسكرية إلى الصومال لمحاربة حركة الشباب. وقد شددت الشرطة الكينية إجراءاتها الأمنية في الداخل بعد أن نفّذ الشباب هجمات عديدة بالقنابل اليدوية في نيروبي ومومباسا منذ شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

ويوم الجمعة، أصدرت الشرطة تحذيراً جديداً من احتمال وقوع عمليات إرهابية، معلنةً أن ثمانية مشتبه بهم يتجولون في البلاد ويخططون لتنفيذ هجمات دامية فيها. وقد أصدر هذا التحذير بعد اعتقال رجلين في نيروبي يوم الجمعة اعترف أحدهما بأنه ينتمي إلى عناصر الشباب. وخلال عملية الاعتقال، عثرت العناصر الأمنية على مخبأ للمتفجرات وعلى ثمانية أحزمة ناسفة و12 قنبلة يدوية وأربعة رشاشات أي.كي. 47 و480 قطعة عتاد وقنبلتين مصنوعتين يدوياً.

ووقعت أعمال العنف في دلتا نهر تانا مع استعداد البلاد لإقامة انتخاباتها العامة المقبلة في آذار/مارس، وهي الانتخابات الأولى التي تجرى بعد وضع الدستور الجديد. وقد شهدت كينيا موجة من أعمال العنف خلال الانتخابات العامة السابقة في العام 2007 سببها اختلاف مختلف الأطراف على نتائج الانتخابات. وأدت أعمال العنف هذه إلى مقتل 1300 شخص وتهجير 600 ألف آخرين، إضافة إلى تدمير ممتلكات تصل قيمتها إلى مليارات الشلنات".

وقال جورج ماثو، وهو من سكان بلدة إلدورت التي تأثرت بشكل كبير بأعمال العنف التي لحقت الانتخابات، في حديث لـصباحي "إن الوضع في منطقة نهر تانا محزن فعلاً. نأمل أن تكون الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة متيقظة بالكامل لضمان عدم تكرار مشاهد الفوضى التي شهدناها في عامي 2007 و2008".
20120919
الصباحي

---