نظم صحفيون جزائريون أمس السبت وقفة للتضامن مع ذوي زملائهم التسعة الذين توفوا خلال هذا العام وسط ظروف مهنية واجتماعية صعبة تلخص الواقع "المتردي" الذي يعيشونه.
ودعت الاتحادية الوطنية للصحفيين إلى تغيير وتحسين وضع الصحفي الجزائري، الذي كشفت أحدث الدراسات أن الضغوط الاجتماعية والصحية والمهنية التي يعيشها جعلته أكثر فئات المجتمع تعرضا للأزمات الصحية. ويقول الأمين العام للاتحادية عبد النور بوخمخم "فقدت الأسرة الصحفية الجزائرية تسعة زملاء أغلبهم دون ثلاثين عاما، خلال العام الحالي بعد إصابتهم بأزمات قلبية". وأكد أن أغلب الصحفيين يعانون واقعا قانونيا واجتماعيا واقتصاديا وصحيا غير ملائم للعمل الصحفي، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في هذا الواقع.
وذكر بوخمخم للجزيرة نت أن الاتحادية بدأت تحركا لتحقيق ستة مطالب أولها الإلغاء التام لكل أشكال تجريم الممارسة الصحفية التي يتم تكييفها قانونيا في جرائم القذف بعقوبة السجن والغرامة المالية المفرطة. وشدد في هذا السياق على إسقاط المواد التي تمت إضافتها في قانون العقوبات الصادر عام 2001.
عقد جديد
ويهم المطلب الثاني حسب بوخمخم ضرورة تعاون الصندوق الوطني لدعم الصحافة ووزارة المالية والمؤسسات المهنية المعنية التي يتبعها أكثر من أربعة آلاف صحفي هم مجموع الصحفيين في الجزائر من أجل إعداد وتطبيق عقد مهني جديد يوقعه الصحفيون ومديرو المؤسسات الإعلامية.
وتتبنى الاتحادية مطلبا لإلزام الجهات المعنية بالاعتماد الفوري للبطاقة المهنية الوطنية للصحفيين الدائمين التي تم تجميدها منذ 18 عاما والإسراع بإعداد جدول الصحفيين على أن يتم تجديده سنويا. وتشمل المطالب كذلك تقنين الالتحاق بالعمل الصحفي خاصة الفترة التجريبية بعد إثبات الشروط التعليمية المطلوبة التي يجب أن تلتزم بها 367 صحيفة ومجلة صادرة باللغتين العربية والفرنسية.
وتدعو الاتحادية إلى التعجيل بترسيم أكثر من 230 صحفيا يعملون منذ سنوات في وسائل الإعلام بعقود عمل مؤقتة. ويختتم بوخمخم بالمطالبة برفع حالة الجمود التي يعرفها مشروع إسكان الصحفيين منذ أكثر من ثلاثة شهور والذي عكفت عليه المؤسسات الإعلامية ووزارتا الاتصال والإسكان.
لتكوين والتخصص
من جانبه يقول الباحث المتخصص في شؤون الصحافة الجزائرية هادف نور الدين إن المطلوب حاليا حل الإشكالية التي يعانيها الصحفي خاصة مع حال عدم التوازن بين حقوقه وحقوق صاحب العمل. ونبه في حديثه للجزيرة نت إلى ضرورة تأهيل الصحفي ورد الاعتبار لعنصر الخبرة لأن الكثير من أصحاب العمل يلجؤون إلى الشباب المتخرجين وهو أمر لا اعتراض عليه شريطة الاهتمام بعنصر التكوين والتخصص كي يكون الصحفي مؤهلا لتغطية التخصص الذي يوكل إليه.
وحذر هادف من القيود المفروضة على المعلومة داعيا إلى حرية تداول المعلومات التي تعد عاملا أساسيا لإنجاح الصحفي في دوره القائم على إيصال الحقيقة إلى القارئ. ودعا الباحث المتخصص في شؤون الصحافة الجزائرية إلى تأهيل الصحفي قانونيا ليعرف ما له وما عليه وتجنب سلاح التجريم الذي تلجأ إليه الأطراف المتضررة من كشف الحقيقة باللجوء إلى قانون العقوبات المعدل عام 2001.
وكشف عن الضغط الذي يعانيه الصحفي الجزائري الذي قد يجدد أو لا يجدد عقده كل عام ويحرم من حقه في الحصول على العطلات التي يحصل عليها غيره من الصحفيين سواء في القطاعين العام أو الخاص. ووصف وضع الصحفي الجزائري بأنه "كارثي". وأشار إلى أنه توصل في أحد دراساته إلى أن الصحفيين هم أكثر الفئات التي تعرف الطلاق بين الزوجين، نظرا لساعات العمل التي يلتزم بها وتكاد تحرمه من البقاء بين أفراد أسرته.