كشفت مصادر فلسطينية مقربة من دوائر صنع القرار في رام الله أن مصر عدلت مسودة ورقة المصالحة الفلسطينية أكثر من مرة بعد تهديدات أميركية بعرقلة جهودها إذا استجابت لمطالب حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعدم تضمين الورقة شروط اللجنة الرباعية، في وقت نفت فيه القاهرة هذه الأنباء وأكدت أنها لا تخضع لضغوط من أي جهة.
وذكرت المصادر الفلسطينية للجزيرة نت أن القاهرة غيرت الوثيقة الأخيرة التي سلمتها لحماس منتصف الشهر الماضي، بعدما قدم المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل رسالة احتجاج من الخارجية الأميركية على الورقة المصرية.
وقالت المصادر إن القاهرة استجابت للطلب الأميركي واعتبرت –دون الرجوع لحماس والفصائل الأخرى- الورقة السابقة والمكونة من ثماني صفحات ملغاة، وأعدت ورقة تقارب 25 صفحة بها نقاط جديدة لم تطرح أو طرحت وتم رفضها من حماس وآخرين. وبينت المصادر أن ميتشل أبلغ مدير المخابرات المصرية الوزير عمر سليمان أن الإدارة الأميركية ستعرقل أي جهد لا يدفع حماس للاعتراف والالتزام بشروط الرباعية وواشنطن، وذلك في لقاء جمعهما بالقاهرة في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
ونقلت المصادر عن ميتشل قوله لسليمان ولوزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط إن على القاهرة عدم مسايرة حماس وإنها بذلك تعطل الجهود الأميركية المبذولة من قبل الرئيس باراك أوباما لاستئناف المفاوضات. وطلب ميتشل من القاهرة -بحسب المصادر ذاتها- أن تقدم على مزيد من الإجراءات التي من شأنها إجبار حماس على التخلي عن المقاومة المسلحة والانضمام لتحالف فلسطيني من أجل التسوية مع إسرائيل. وقالت المصادر إن ميتشل استمع في رام الله من الرئيس الفلسطيني محمود عباس تحريضاً على القاهرة، معتبراً أن الورقة التي قدمتها مصر لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) كلها شروط حماس ومجحفة ومذلة لحركته والسلطة الفلسطينية.
نفي مصري
وتعليقا على هذه الأنباء، نفت مصر وجود أي ضغوط أميركية عليها لتغيير ورقة المصالحة المعروضة على حركتي فتح وحماس. وقال سفير مصر السابق بإسرائيل محمد بسيوني في تصريح خاص للجزيرة نت إن بلاده لا تقبل الضغوط أو المساومة من أي جهة كانت لأن هدفها هو تحقيق المصالحة الفلسطينية، وليست لديها أي مصلحة خاصة في ذلك. واعتبر بسيوني أن القول بأن واشنطن اشترطت على القاهرة أن تقبل الحكومة التي سينجزها الاتفاق بشروط الرباعية الدولية، ينطوي على مغالطة جسيمة.
وأوضح أن الحكومة التي ستخرج عن هذا الاتفاق ستكون حكومة وفاق وطني مؤقتة ينتهي عملها في يونيو / حزيران 2010 مع حلول موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وستكون حكومة تكنوقراط وليست فصائلية وأن مهمتها رفع الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية ما يعني أنها ستكون مضطرة للتعاطي مع شروط الرباعية الدولية.
واعتبر بسيوني أنه ليس في هذا أي إلزام لحركة حماس أو غيرها في قبول شروط الرباعية الدولية لأن هذه الفصائل غير ممثلة أصلآ في هذه الحكومة، منبها إلى وجود لقاءات إقليمية وجهود عربية لتذليل عقبات الحوار والمصالحة ومن أبرزها زيارة العاهل السعودي الأخيرة إلي سوريا.
موقف حماس
من جهتها رفضت حماس التعليق على الأنباء المتعلقة بوجود ضغوط أميركية على مصر بشأن جهود المصالحة الفلسطينية، وجددت على لسان الناطق باسمها في غزة مشير المصري موافقتها على البنود التي تم الاتفاق عليها في حوارات القاهرة والتحفظ على أي بنود جديدة لم يتم الاتفاق عليها في تلك الحوارات.
وأكد المصري في اتصال مع الجزيرة نت أن حماس جاهزة للمصالحة الفلسطينية وفقا لما تم الاتفاق عليه في حوارات القاهرة، وهي مستعدة للتوقيع على أي ورقة بهذا الشأن وتنفيذها فورا. وبدوره أكد القيادي في حماس أسامة حمدان أن هناك اتصالات تجري حاليا مع السلطات المصرية لترتيب آلية تسليم تحفظات الحركة على البنود غير المتفق عليها الواردة في وثيقة المصالحة المصرية.