أحالت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة يوم الثلاثاء دعاوى أُقيمت أمامها لحل الجمعية التأسيسية المعنية بكتابة دستور مصر إلى المحكمة الدستورية العليا بما سيمنح على الأرجح للجمعية التي يسيطر عليها الاسلاميون وقتا كافيا لإنهاء عملها قبل الفصل في الدعاوى.
ويبدو ان الخطوة تزيل الشكوك القانونية التي خيمت على عملية ستشكل حقبة ما بعد حسني مبارك. لكن الجمعية ما زالت تواجه مُهمة صعبة لتحقيق التوافق بشأن نص فيما يكشف خطوط الصدع في المشهد السياسي الجديد في مصر.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة والنشط السياسي حسن نافعة لرويترز "القضية انتهت. التحدي الآن سياسي وليس قضائيا."
وأضاف "إذا لم يتحقق التوافق (على المسودة) ستكون هناك أزمة كبيرة."
ويقول الليبراليون واليساريون إن الإسلاميين الذين هيمنوا على مجلسي الشعب والشورى في أول انتخابات تشريعية بعد إسقاط الرئيس السابق حسني مبارك في انتفاضة شعبية مطلع العام الماضي غلبوا على تشكيل الجمعية التي تتكون من مئة عضو لكن الإسلاميين يقولون إنها متوازنة.
وقال رئيس المحكمة المستشار فريد نزيه تناغو إن المحكمة قررت "وقف نظر الدعاوى تعليقيا وإحالة أوراقها للمحكمة الدستورية العليا للبت في مدى دستورية ما تضمنته المادة الأولى من القانون رقم 79 لسنة 2012... (الخاص) بمعايير انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع مشروع دستور جديد للبلاد."
وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي أدار شؤون البلاد بعد إسقاط مبارك أصدر في مارس آذار العام الماضي إعلانا دستوريا كلف الأعضاء غير المعينين في مجلسي الشعب والشورى اللذين لم يكونا انتخبا بعد بانتخاب جمعية تأسيسية تكتب الدستور.
وحلت محكمة القضاء الإداري في القاهرة جمعية تأسيسية سابقة في ابريل نيسان قائلة إن الأعضاء المنتخبين في مجلسي الشعب والشورى فسروا نص الإعلان الدستوري المتعلق بانتخاب الجمعية التأسيسية على نحو خاطيء وانتخبوا بعضهم لعضوية الجمعية.
وحل المجلس العسكري مجلس الشعب بعد حكم أصدرته المحكمة الدستورية العليا في يونيو حزيران بحل المجلس النيابي لعدم دستورية مواد في قانون انتخابه.
وكان المجلس النيابي أصدر القانون رقم 79 لسنة 2012 قبل يوم من صدور حكم المحكمة الدستورية العليا.
وحصنت المادة الأولى من القانون قرارات الأعضاء المنتخبين في مجلسي الشعب والشورى المتعلقة بانتخاب الجمعية التأسيسية من رقابة القضاء.
وقالت محكمة القضاء الإداري في أسباب حكمها بإحالة الدعاوى وعددها 43 إلى المحكمة الدستورية العليا "نص المادة الأولى من القانون 79 لسنة 2012 قد شابته شبهات عدم الدستورية... على نحو يقتضي إحالته إلى المحكمة الدستورية العليا."
وأضافت "وضع المادة المذكورة كان بهدف منع محكمة القضاء الإداري من نظر الطعون التي أقيمت لوقف تنفيذ وإلغاء القرار الجديد الصادر بتشكيل الجمعية التأسيسية (الثانية)."
وتابعت أن المادة المطعون عليها بعدم الدستورية تنطوي على "شبهة إساءة استعمال سلطة التشريع والانحراف في استعماله."
وبعد أن نطقت المحكمة بقرارها تعالت هتافات إسلاميين حضروا الجلسة بالتكبير بينما هتف مطالبون بحل الجمعية "الشعب يريد إسقاط التأسيسية".
وقال محامي جماعة الإخوان المسلمين عبد المنعم عبد المقصود "المحكمة استعملت صلاحية من صلاحياتها وهي إحالة نص (المادة الأولى من) القانون 79 لسنة 2012 للمحكمة الدستورية وهذا يفتح الباب واسعا أمام الجمعية التأسيسية لاستكمال عملها وعرض مشروع الدستور على الشعب للاستفتاء عليه."
وأضاف أن مما يؤيد ذلك أن "المحكمة الدستورية العليا أمامها 45 يوما قبل بدء نظر الطعن."
وقال رئيس المكتب الفني لمحاكم القضاء الإداري المستشار عبد المجيد المقنن إن استمرار أو وقف أعمال الجمعية التأسيسية لحين صدور حكم المحكمة الدستورية العليا وحكم محكمة القضاء الإداري بعده "متروك للجهات المعنية بعملها."
لكن المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض السابق ورئيس لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس الشعب المحلول وعضو الجمعية التأسيسية قال لرويترز "الجمعية ستستمر إن شاء الله وتنجز عملها... إذا حكم بالبطلان بعد الاستفتاء يكون الاستفتاء فوق كل شيء."
وقال أستاذ القانون والمستشار السابق للمجلس العسكري محمد نور فرحات "إذا تأخرت المحكمة الدستورية العليا في نظر الطعن ثم أصدرت حكما بعدم دستورية المادة الأولى من القانون رقم 79 لسنة 2012 وكان الدستور قد صدر سيحكم القضاء الإداري بإسقاط الدعاوى لانتفاء السبب في إقامتها (وهو وجود الجمعية)."
ويقول البعض إن المحكمة الدستورية العليا قد لا تنتهي من نظر القضية قبل مرور ستة أشهر بينما يجب أن تنتهي الجمعية التأسيسية من كتابة مسودة الدستور في ديسمبر كانون الأول.
ومنذ إسقاط مبارك تمر مصر باضطراب سياسي وانفلات أمني وتراجع اقتصادي وإن كان انتخاب الرئيس الإسلامي محمد مرسي في يونيو حزيران أعطى إحساسا أعلى نسبيا بالاستقرار.
وأبرز اتفاق بين حزب الدستور الذي يقوده السياسي محمد البرادعي وهو حزب ليبرالي والتيار الشعبي الذي يقوده السياسي اليساري والمرشح السابق البارز للرئاسة حمدين صباحي مخاوف غير الإسلاميين إزاء الجمعية التأسيسية.
وقال متحدث باسم التيار الشعبي إن الحزبين اتفقا على شن حملة لحل الجمعية التأسيسية.
وقال أحمد سعيد رئيس حزب المصريين الأحرار وهو حزب ليبرالي إن على الرئيس محمد مرسي أن يتدخل لتشكيل جمعية أكثر توازنا. وأضاف أن احتجاجات الشوارع هي الاختيار الوحيد الآن أمام المطالبين بتغيير الجمعية.
رويترز