قال بعض المحللين لصباحي أن ضعف النمو الاقتصادي والمعدل العالي للبطالة في تنزانيا غذيا التصاعد الذي تشهده النزعة الأصولية في الآونة الأخيرة في البلاد مما يهدد العيش السلمي المشترك الذي بُني عبر الـ50 سنة الماضية.
وقال عدد من سكان العاصمة دار السلام إن تظاهرات شعبية دينية –مسيحية وإسلامية- باتت تخرج يومياً في مناطق كانت تخرج فيها مرتين في الشهر بوجه عام.
وقال سالم سليمان حسن، 56 عاماً، من سكان منطقة مانزيس في دار السلام إن اللغة التي تستخدمها بعض التظاهرات الشعبية الإسلامية في الحي الذي يقطنه مسيئة ومن شأنها أن تهدد السلم الذي تمتع به المجتمعان الدينيان المحليان عبر السنين.
وأضاف في حديث لصباحي "أنا مسلم ولكني لست سعيداً بهذه النزعة. والإساءات التي توجه إلى الأديان الأخرى لا يمكن احتمالها".
وقال الباحث والمحاضر في جامعة دار السلام، عيسى مسوكي، إنه وعلى الرغم من المرتكزات الدينية للأحداث الأخيرة، إلا أن المواجهات يحركها السخط الذي تشعر به كلتا الجماعتين تجاه الاقتصاد أكثر من سخط كل منها تجاه المعتقدات الدينية للجماعة الأخرى.
وأشار مسوكي في حديث لصباحي إلى أن "الأصولية الدينية تبرز دائماً عندما تواجه المجتمعات أزمات اقتصادية".
وقال إن المسلمين والمسيحيين في البلاد واقعين تحت ضغط متزايد ناشئ عن المصاعب المالية وإنهم يستعملون الدين للتغلب عليها. ومن المرجح أن يقع الأفراد تحت وطأة هذه الظروف فريسة لجماعات ذات آراء متطرفة تدعو إلى أفكار متشددة ما كانوا ليؤيدونها في الظروف العادية.
ولإيجاد حل مؤقت على المدى القصير، يرى مسوكي أنه يتعين على القيادات الوطنية أن تجري مصالحة بين الأطراف المتنازعة وأن تضع حداً للتوترات فيما بين الجماعتين المحليتين.
أما على المدى الطويل، فإنه ينبغي على الحكومات، والكلام لمسوكي، أن تركز على التنمية الاقتصادية. إن عدم القيام بذلك من شأنه أن يقدم للجماعات الإرهابية والمتطرفة أرضية خصبة لتعزيز مواقع أفكارها المضللة.
الشبان هم الأشد تأثراً بالبطالة
وذكر ديوسديدث موشي، وهو محاضر في علم الاجتماع بجامعة موزومبي، لصباحي أن البطالة في صفوف الشبان عبارة عن قنبلة موقوتة، وأن معظم مرتكبي أعمال الشغب هم شباب عاطل عن العمل لا يوجد لديهم شيء آخر يقوموا به.
وبحسب أرقام البنك الدولي، يوجد في دار السلام 57 الف شاب عاطل عن العمل تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً وهو رقم يعادل نسبة بطالة تبلغ 16 في المائة.
وقال موشي إنه "لا يمكن إخماد جذوة الصراع إلا بحل المشكلات الاقتصادية"، مضيفاً بأن الزيادة في حجم التظاهرات الدينية والتكاثر السريع لعدد الكنائس والمساجد ليس إلا نتيجة مباشرة لفشل السياسات الحكومية.
وفي 19 تشرين الأول/ أكتوبر، استخدمت الشرطة وقوات الدفاع الشعبي التنزانية الغاز المسيل للدموع ومدافع رش الماء لتفريق الاحتجاجات التي كان من المزمع إجراؤها والتي طالبت بالإفراج دون شروط عن سكرتير مجلس المنظمات الإسلامية، الشيخ بوندا عيسى بوندا، الموجود في السجن، وهي المرة الأولى التي يتم فيها نشر قوات من الجيش لاحتواء أعمال شغب دينية في دار السلام.
ونوه موشي إلى أن استخدام الجيش ينذر بالخطر ويدل على فشل الشرطة في احتواء الاحتجاجات الشعبية، وقال "كنا قد شهدنا مواجهات دينية داخلية خلال الـ12 شهراً الماضية، إلا أن السلطات لم تفعل شيئاً لإيقافها، وهذا أمر لا يمكن قبوله".
وعمدت الحكومة إلى حظر التظاهرات الدينية مدة 30 يوماً عقب أعمال الشغب وقالت إنها ستقوم بمراقبة المساجد والكنائس للتأكد من أن الطقوس الدينية والخطب العامة لا تحرض على العنف، حسب وزير الداخلية إيمانويل نتشيمبي.
وقال نتشيمبي لصباحي "لا يمكننا الاستمرار في الوضع الحالي. على الناس أن يحترموا دين الاخرين" مؤكداً أنه "لا يوجد لدينا دين أسمى ودين أدنى... ويظل جميع التنزانيين أحراراً في التعبد إلى الله بالطريقة التي تناسبهم ودون الإساءة إلى الآخرين".
وقال نتشيمبي أيضاً إن الحكومة تفعل كل ما في وسعها لتحسين مستويات المعيشة لجميع التنزانيين وناشد المواطنين عدم الوقوع فريسة سهلة لجماعات ذات أجندات سياسية.
الصباحي