أفاد وزير الخارجية، مراد مدلسي، بأن زيارة الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، المرتقبة الشهر المقبل، ''قد تأتي بالتوضيحات التي ينتظرها الشعب الجزائري''، بشأن ما يسمى ''الاشتغال على الذاكرة''. فهو ملف لا يمكن للطرف الجزائري أن يتحاشى طرحه أثناء الزيارة، حسب مدلسي، ولو أنه لن يكون مدرجا رسميا في محادثات هولاند مع المسؤولين الجزائريين.
وقال مدلسي، أمس، في مقابلة مع القناة الإذاعية الأولى، إن زيارة هولاند ستكون سياسية وأنها جاءت في محيط دولي وإقليمي ''يشجعان على التشاور فيما بيننا''. وأوضح بأن الجزائر وفرنسا ''بحاجة إلى إعادة بناء الثقة بينهما''، وبأن المطلوب من الزيارة ''توضيح مواقف كل طرف من القضايا المطروحة، ولا بد أن نكشف النقاط محل خلاف بيننا''. ولم يذكر مدلسي ما هي القضايا الخلافية مع فرنسا، وإن كان المعروف منها ملف التدخل العسكري في مالي والاعتراف بالمعارضة السورية كممثل شرعي للشعب السوري، والملف الثقيل وهو الاعتراف بجرائم الاستعمار.
وذكر مدلسي أن العلاقات الثنائية ''معقدة''. داعيا إلى التفريق بين شق في العلاقات يضبطه السوق، وآخر رسمي دبلوماسي ''مبني على اتفاقيات وبرامج مدروسة''. مشيرا إلى ''وجود تكامل بين الفضاءين الاقتصادي والسياسي في علاقاتنا مع فرنسا''. وبخصوص قضية الذاكرة وقصة الاعتراف بالجرائم والاعتذار عنها، قال مدلسي إنها غير متضمنة في أجندة الزيارة ''ولكن لا نستطيع أن نتجنب طرحها''. وأضاف في إشارة إلى اعتراف الرئاسة الفرنسية بأن ما حدث في 17 أكتوبر 1961 كان ''قمعا دمويا''، ''نسجل بارتياح تصريحات السيد هولاند، فهي مشجعة ونعتبرها عربونا يحتاج إلى مزيد من التوضيحات''. معنى ذلك أن الجزائر تريد من هولاند، أثناء تواجده بأرضها، أن يذهب أبعد من مجرد الاعتراف بـ''دموية'' قمع الجزائريين على أيدي البوليس الفرنسي بباريس.
وفي ملف الأزمة المالية، ذكر مراد مدلسي ضمنيا أن الدول الغربية التي تدفع إلى التدخل العسكري في شمال البلاد، تستهدف من وراء ذلك مكاسب مادية. وقال بالتحديد: ''مالي ليس فضاء لكسب ما يمكن كسبه من طرف الأجانب، وخيرات الماليين لابد أن تعود للماليين''. ويحيل هذا الكلام مباشرة إلى الدور الفرنسي في أزمة ليبيا، وما جنته الشركات الفرنسية من عقود بعد نهاية الحرب. وأطلق مدلسي تصريحا ثقيل المعنى، جاء فيه: ''بعض الحروب تندلع وفق نوايا غامضة لتنتشر بعدها في مناطق أخرى''. معنى ذلك أن المتحمسين للتدخل العسكري في مالي، لديهم نوايا مسبقة بنشر الاضطراب إلى كامل المنطقة. وأفاد في نفس السياق بأن ''الأولوية ينبغي أن تعطى للحل السياسي، وأن يكون الحل العسكري داعما للمؤسسة العسكرية في مالي وللحرب على الإرهاب''. وكشف الوزير بأن لجنة للتفاوض بين الحكومة بباماكو والجماعات غير الموصوفة بالإرهاب، ستنبثق عن جلسات الحوار التي ستجري في مالي قبل نهاية الشهر الحالي.
وحول الدبلوماسيين الجزائريين المحتجزين منذ سبعة أشهر، قال مدلسي إن السلطات لا تملك الجديد بخصوص مصيرهم. مشيدا بـ''شجاعة'' القنصل بوعلام سياس ومن معه من رهائن. وأضاف: ''إننا نزف إليهم تضامننا وأتمنى أن تكون صحتهم مستقرة حتى يفرّج ربّي عليهم عن قريب''!
الخبر