تونس

شكوك عديدة رافقت قرار البنك المركزي بتغيير الأوراق النقدية من فئة 20 و50 دينارا وسحب الأخرى من فئة 30 دينارا فهناك من يعتقد أنها مناورة لاجبار الذين سحبوا أموالهم من البنوك بعد الثورة على إعادة ضخّها في السّوق في حين يرى شقّ آخر أنها إهدار للمال العام.


لأن العديد من الخبراء لا يرون فائدة تُرجى من قرار البنك المركزي التونسي القاضي بتغيير الأوراق النقدية في الوقت الحاضر أو اعادة طبع البعض منها نظرا الى الوضعية الغامضة للعديد من المؤشرات الاقتصادية في تونس فان شكوكا عديدة حامت حول هذه العملية وفتحت الباب على مصراعيه أمام التأويلات والشائعات حتى أن صفحات بأكملها على مواقع التواصل الاجتماعي هاجمت محافظ البنك المركزي التونسي الجديد السيد الشاذلي العياري متهمة اياه بـ«التحيّل» على أولئك التونسيين الذين خيّروا سحب أموالهم من البنوك التونسية بعد الثورة والاحتفاظ بها في منازلهم ونصب فخّ لهم بغية اجبارهم على اعادة ضخّها من جديد في السّوق.

والحقيقة أن هذه الطرق والمناورات اعتمدتها عديد الأنظمة الصاعدة حديثا للحكم من أجل توفير السيولة المالية اللازمة وذلك بالضغط على المواطنين الذين يكنزون أموالهم في منازلهم خوفا من الأوضاع السياسية والاقتصادية الهشّة التي تمرّ بها دولهم وعلى سبيل المثال لا الحصر قام العقيد معمر القذافي سنة 1970 أي سنة فقط بعد وصوله الى الحكم بطبع أوراق نقدية جديدة والغاء القديمة التي كانت متداولة في فترة حكم الملك ادريس مما أجبر الآلاف من الليبيين على التهافت على البنك المركزي الليبي لايداع الأوراق النقدية القديمة وبمجرّد أن تمّت العملية كما أراد الزعيم الليبي الراحل قام هذا الأخير بتأميم البنك المركزي الليبي وفرض قيم مضبوطة للسحب لكل مواطن ليبي بما يعني أنه لا يحق لأي مواطن في ليبيا الا مسك ما تسمح به الدولة من عدد معين من أوراق مالية.

ورغم أن الظرف التاريخي الحالي ليس نفسه في مطلع ثمانيات القرن الماضي فان هناك بعض المنطق في المخاوف التي أبداها بعض الخبراء التونسيين من غرض تغيير الأوراق النقدية وخاصة تلك ذات القيمة النقدية العالية من فئة 50 دينار و 30 دينار و 20 دينار اذ لا يخفى على أحد أن الذين سحبوا أموالهم من البنوك بعد الثورة اعتمدوا على هذه الأوراق النقدية «الكبيرة نقديا» لسهولة خزنها ومرونة التصرف فيها وهو ما يفسر سعي البنك المركزي التونسي الى تغيير هذه الأوراق دون غيرها لعلمه مسبقا أن عددا كبيرا منها ليس متداولا الأن وبالتالي عدم انتفاع الاقتصاد الوطني بهذا القدر الكبير من السيولة الذي توفره هذه الأوراق المالية وهو ما يفسّر أيضا بل ويضفي بعض المنطق على التأويلات التي ذهب إليها بعض الخبراء والقائلة بأن البنك المركزي التونسي ناور لإجبار التونسيين الذين يدّخرون أموالهم في بيوتهم على إعادة ضخّها في السوق رغم أن تلك الأوراق حسب بلاغ البنك المركزي ستبقى صالحة الى حدود 31 ديسمبر 2017 علما وأنها ستفقد قيمتها التحويلية بداية من 1 جانفي 2013 وهو ما يحيلنا الى الاحتمال الثاني.

إهدار للمال العام

تصرف الدولة سنويا 10 ملايين دينار لتعويض الأوراق النقدية القديمة والمهترئة والقطع النقدية المتآكلة والصّدئة، أما إذا ما قرّر البنك المركزي التونسي طرح أوراق نقدية جديدة فتكلّف الورقة الواحدة 116 ملّيما وفي قضية الحال سوف يتمّ تغيير 24 مليون ورقة من فئة 50 دينارا و49 مليون ورقة من فئة 20 دينارا وهو ما سيكلّف خزينة الدولة حوالي 8.5 ملايين دينار وفي ظلّ الوضع الاقتصادي الرّاهن يبدو من الصعب على التونسيين هضم عملية صرف مثل هذا المبلغ في تغيير الأوراق النقدية ناهيك وأن ميزانية الدولة بعنوان سنة 2013 تعاني من عجز قد يصل الى أكثر من 40٪ وكان من الأجدر توجيه هذه الأموال وصرفها في شؤون أخرى مستعجلة وإن كان محافظ البنك المركزي التونسي قد علّل قراره باحتواء الأوراق النقدية من فئة 50 و20 دينارا على علامات ورسوم تشيد بالنظام السابق فإنه ومن وجهة نظر اقتصادية «براڤماتية» لا يمكن لهذا السبب أن يسمح لعون من أعوان الدولة بإهدار المال العام خصوصا وأن البلاد تمرّ بأزمة مالية واقتصادية خانقة تستدعي توفير كل مليم حفاظا على المال العام.

الدينار التونسي بالأرقام

ـ تم اعتماد الدينار التونسي كعملة رسمية للجمهورية التونسية في 1 نوفمبر 1958 طبقا للقانون المؤرخ في 18 أكتوبر 1958 تحت عدد 109ـ58.
ـ سنة 1960 تم طرح القطع النقدية من فئة 1 و 2 و 5 مليمات من معدن الأولومنيوم وقطع 10 و 20 و 50 و 100 مليم من معدن لايتون.
ـ سنة 1968 تم طرح قطع نقدية من فئة 500 مليم من معدة النيكال وتم طرح سنة 1976 قطعة من فئة 1 دينار وسنة 1970 تم طرح أول قطعة نقدية من صنف 5دينار ليتم سحبها بعد 6 أشهر فقط لعدم فاعليتها لكن البنك المركزي عاد لطرحها من جديد سنة 2002.

أما بالنسبة للأوراق المالية فقد تم طرح أول ورقة نقدية من فئة نصف دينار ودينار واحد سنة 1960 ليتم سحب الأولى من السوق سنة 1973 والثانية سنة 1980.

وفي سنة 1968 تم طرح أول ورقة من فئة 5 دينار وبعدها بسنة واحدة تم طرح الورقة من فئة 10 دينارات وسنة 1980 ورقة 20 دينارا وسنة1997 الورقة النقدية من فئة 30 دينارا وسنة 2009 الورقة النقدية من فئة 50 دينارا.

وتبلغ قيمة الأوراق النقدية والقطع النقدية المتداولة في تونس 5000 مليون دينار ويتم طبع الأوراق المالية عن طريق مؤسسة أوبيرتير للتكنولوجيا وهي مؤسسة أوروبية تعتمد على تقنيات عالية ومتقدمة يابانية وألمانية علما وأن عدد الأوراق المعنية بالتغيير يبلغ عددها بالنسبة إلى الورقة من فئة 50 دينارا 24 مليون ورقة والأخرى من فئة 20 دينارا فيبلغ عددها 49مليون ورقة.
الشروق


الخبر السابق - الخبر التالي تحضير للطباعة أرسل هذا الخبر إنشاء ملفpdf من الخبر
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع

أخبار أخرى

  • 2021/12/20 10:46:03 وفد مساعدي أعضاء الكونجرس الأمريكي يشيد باجراءات الإصلاح الاقتصادي في مصر
  • 2021/12/12 6:43:20 وفد من جنوب السودان يصل إلى الخرطوم لبحث تنفيذ اتفاق البرهان وحمدوك
  • 2021/12/7 6:45:24 اليوم.. مصر تحتضن مؤتمرًا دوليًا لمواجهة التغيرات المناخية
  • 2021/12/1 10:56:01 بعد قليل.. فتح الطيران المباشر بين مصر والسعودية
  • 2021/11/30 10:50:04 برلمانية: معرض إيديكس 2021 رسالة ردع لكل من يحاول تهديد أمن مصر
  • 2021/11/30 10:47:31 عضو «السيادة السوداني» يبحث سبل حل قضية شرق السودان
  • 2021/7/18 5:24:27 «تطورات خطيرة».. السودان يكشف انخفاض مياه الأزرق لـ 50% بسبب سد النهضة
  • 2021/7/18 5:14:46 مصر سترصد الفضاء بثاني أكبر تلسكوب في العالم
  • 2021/2/13 11:24:06 إثيوبيا تمارس "الاستيطان الإسرائيلي" وينقصها الشجاعة لإعلان الحرب
  • 2021/2/13 11:20:57 مصر تنتظر توضيح مواقف إدارة بايدن من قضايا الإقليم
  • 2021/1/13 8:18:25 تصفية أشهر وأعرق شركة تأسست في عهد جمال عبد الناصر
  • 2020/12/29 4:53:31 الجيش المصري يستعد في شمال سيناء
  • 2020/12/28 9:06:31 على أعتاب الاكتفاء الذاتي في سلعة استراتيجية
  • 2020/12/27 7:21:04 السيسي: اتفاق سد النهضة يجب أن يكون ملزما ويحفظ حقوق مصر
  • 2020/12/13 8:50:00 يغلق معبر أرقين الحدودي مع مصر
  • 2020/12/12 11:18:08 715 مليون يورو تمويلات فرنسية إلى مصر.. وهذه تفاصيلها
  • 2020/12/6 6:31:09 البعثة الأممية في ليبيا تعلن نتائج التصويت على مقترحات آلية اختيار السلطة التنفيذية الموحدة
  • 2020/12/6 6:20:50 إقالات ودعوة لـ"يوم غضب" إثر مقتل طبيب بسقوط مصعد معطل
  • 2020/11/30 5:28:26 البرلمان الليبي يدعو لعقد جلسة خاصة
  • 2020/11/30 5:26:54 تسجيل 66 وفاة و1271 إصابة جديدة بفيروس كورونا
  • 2020/11/28 8:12:19 السودان تشيع جثمان زعيم حزب الأمة الصادق المهدي في جنازة مهيبة
  • 2020/11/25 10:58:44 السيسي: لقاح فيروس كورونا سيكون متوفرا في مصر منتصف العام المقبل
  • 2020/11/23 10:05:05 ماذا يعني انسحاب السودان من مفاوضات سد النهضة؟ خبراء يجيبون
  • 2020/11/18 10:11:06 رئيس وزراء السودان يؤكد الاستعداد للتعاون مع بعثة "يونتامس"
  • 2020/11/17 11:29:29 تبادل إطلاق نيران في ظل وضع ملتبس بالصحراء الغربية وتصعيد بين الجيش المغربي والبوليساري
  • 2020/11/17 11:26:22 صراع الحرب الأهلية يشتد.. محاولات وساطة لوأد النزاع في تيغراي
  • 2020/11/17 11:03:11 بريطانيا تسعى لسحب لقب أكبر مستثمر أجنبى فى مصر من الاتحاد الأوروبى
  • 2020/11/14 10:58:35 مباحثات سودانية - أمريكية في الخرطوم
  • 2020/11/11 7:57:26 إثيوبيون بينهم عسكريون يفرون من القتال في تيغراي إلى السودان
  • 2020/11/11 7:55:21 مجلس الأعمال المصرى اليونانى: استثمارات يونانية فى مصر تخطت المليار يورو