أوضح عبد القادر مساهل، الوزير المنتدب للشؤون الإفريقية والمغاربية، أن الحملة العسكرية الجاري الإعداد لها في الساحل ''تدعمها الجزائر إن كان القصد منها محاربة الإرهاب والتنظيمات الإجرامية المتورطة في تجارة المخدرات. أما إذا أريد بها استهداف التوارف، فينبغي أن نتركهم يعالجون مشاكلهم فيما بينهم''.
سألت ''الخبر'' مساهل في لقاء قصير بمبنى وزارة الخارجية، عن مدى صحة ضغوط تمارسها قوى غربية وعلى رأسها فرنسا، لدفع الجزائر إلى تأييد مسعى التدخل العسكري في شمال مالي، فقال: ''لا أحد بإمكانه أن يضغط على الجزائر، ولن نقبل أن تمارس علينا ضغوط لا من فرنسا ولا من الولايات المتحدة الأمريكية ولا أي بلد آخر''.
ويرفض مساهل الطرح الذي يقول إن الجزائر غيرت موقفها مما يجري في مالي، فانتقلت من التحفظ بشدة على شن حملة عسكرية إلى الموافقة عليها بعد زيارة وزيرة الخارجية، هيلاري كلنتون، إلى الجزائر. وقال بهذا الخصوص: ''موقفنا لم يتغير وهو واضح منذ البداية. فقد قلنا بضرورة السعي من أجل حل سياسي قائم على الحوار بين الحكومة بباماكو والجماعات الترفية وهي حركة تحرير الأزواد وحركة أنصار الدين. ويكون الحوار بالموازاة مع حرب لا هوادة فيها ضد الإرهاب والمجموعات الإجرامية المتورطة في تجارة المخدرات وكل أشكال التهريب''.
ومعروف أن القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، مصنفتان في الخطاب الرسمي الجزائري، جماعة إرهابية بالنسبة للأولى، وجماعة إجرامية تمول أنشطتها من تجارة المخدرات بالنسبة للثانية. والتنظيمان يضمان عناصر غريبة عن المنطقة، بحسب المفهوم الجزائري. أما تنظيم أنصار الدين فهو فصيل ترفي مسلح، أفراده من أصحاب الأرض. ويرى الجزائريون أن هذا التنظيم مع دعاة الانفصال من الأزواد، الطرفان اللذان ينبغي أن يكونا محاورا للحكومة الانتقالية.
غير أن هذا الطرح ليس بالضرورة هو نفس الطرح لدى المسؤولين بالحكومة المالية ودول غرب إفريقيا، وفرنسا أيضا. وحول اختلاف المقاربة حيال هذه الجزئية الهامة في ملف مالي، يقول: ''اليوم بإمكاني أن أقول لك إن الولايات المتحدة الأمريكية تتقاسم معنا نفس الرؤية، وفرنسا أيضا، ولا تعيروا اهتماما لمن يقول إن موقف الجزائر غامض لأن ذلك ليس الحقيقة''. وحول تفسيره للنفوذ الفرنسي بالمنطقة الذي يدفع باتجاه الخيار العسكري، قال مساهل بنبرة حادة: ''لا تسألوني عن الموقف الفرنسي ولا الأمريكي، فهذا ليس من شأني.. اسألوني فقط عن الموقف الجزائري''.
وجرت الدردشة مع الوزير المنتدب، أمس، مباشرة بعد انتهاء حفل أقيم بمناسبة مرور 50 سنة على انضمام الجزائر إلى هيئة الأمم المتحدة. وحضر التظاهرة أعضاء من الحكومة والسفراء والقناصلة الأجانب المعتمدين بالجزائر. وذكر وزير الخارجية، مراد مدلسي، في خطاب ألقاه على المدعوين، أن ''الوقت لم يفت من أجل أن نغتنم الفرصة لتسوية أزمة مالي بالوسائل السلمية للحفاظ على الوحدة الترابية لمالي واستعادة السلم في البلاد''. وقال مدلسي إن الجزائر ''تتمسك بالسلم في مالي وبالتعاون من أجل بلوغه، طبقا لما جاء في اللائحة .''2071 وأضاف: ''الجزائر تدعو إلى ضرورة شن حرب بلا هوادة على الجماعات الإرهابية التي تتبع لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا وما يتبعها من ظواهر كتجارة السلاح والمخدرات، على أن يكون ذلك مرفوقا ببعث مشاريع التنمية في شمال مالي''. وجدد مدلسي تمسك الجزائر بمبدأ تقرير المصير في الصحراء الغربية، ودعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة. وأثنى على ما أسماه ''إصلاحات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة التي تلبي حاجات اجتماعية''. وقدم الوزير عرضا مقتضبا عن التعاون بين الأمم المتحدة والجزائر خلال نصف قرن.
الخبر