عاد المحتجون المصريون إلى ميدان التحرير وفي مرمى نيرانهم الرئيس محمد مرسي لكن الجيش الذي كان في قلب الاضطراب السياسي في البلاد حتى أوائل العام الحالي ابتعد عن الأزمة ويرجح أن يظل بعيدا.
ولم يقم الجيش بدور ملحوظ على الساحة السياسية منذ أحال مرسي كبار القادة العسكريين للتقاعد في أغسطس آب أبرزهم المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي أدار شؤون مصر بعد إسقاط الرئيس السابق حسني مبارك في انتفاضة في فبراير شباط العام الماضي حتى تنصيب مرسي في يونيو حزيران هذا العام.
وليس هناك بادرة على أن الأمر سيتغير بعد الأزمة التي تسبب فيها إعلان دستوري أصدره مرسي يوم الخميس موسعا سلطاته.
وحصن الإعلان أيضا من القضاء جمعية تأسيسية تكتب دستورا جديدا للبلاد ومجلس الشورى الذي يهيمن عليه حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان لمسلمين.
وتسبب الإعلان في عاصفة من الانتقادات والاحتجاجات من جانب معارضين.
وقال عسكري كبير لرويترز طالبا ألا ينشر اسمه لأن الجيش يفضل ألا يصدر أي بيانات سياسية "المجلس العسكري والقوات المسلحة تركا الساحة السياسية بعد تسليم السلطة للرئيس المنتخب."
وأضاف "القوات المسلحة عادت الآن إلى دورها الطبيعي وهو حماية الدولة" مضيفا أن الجيش لن يتدخل إلا "إذا دعي لحماية الشعب" في حالة نشوب أزمة.
ويعكس ذلك خطا انتهجه الجيش يتمثل في حماية الدولة وأنه لن يتدخل إلا بطلب وهو خط يقول محللون ودبلوماسيون إن المرجح أن يتمسك به العسكريون خشية وقوع مزيد من الأضرار لسمعتهم التي تلقت ضربة خلال الفترة الانتقالية المضطربة التي كانوا مسؤولين فيها عن إدارة شؤون البلاد.
ويقول محللون ودبلوماسيون إن كثيرا من الضباط شعروا بالقلق من المعارضة المتزايدة لدور الجيش في السياسة وهي أمر يقوض سمعتهم ويهدد القطاع الضخم من من الاقتصاد الذي يديره الجيش.
وربما يكون هذا ما شجع ضباط الصف الثاني في قيادة الجيش على مساندة قرار مرسي بإحالة قادة الجيش إلى التقاعد في أغسطس آب وأبرزهم المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ونائبه الفريق سامي عنان.
ويدين القادة الجدد بترقيهم لمرسي وهم يوالونه.
وقال محمد قدري سعيد وهو عسكري سابق يرأس وحدة الدراسات العسكرية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية "الجيش خارج الصورة الآن."
وأضاف أن الأمور تغيرت عندما أبعد طنطاوي وعنان.
وشغل طنطاوي منصب وزير الدفاع لمدة 20 عاما في عهد مبارك.
وقال وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي الذي خلف طنطاوي في حفل تخرج عسكري قبل أيام إن ولاء القوات المسلحة للشعب والدولة.
وأضاف في تصريحاته التي نشرتها وكالة أنباء الشرق الأوسط أن مهمة القوات المسلحة هي حماية البلاد في الداخل والخارج.
ويعتقد الدبلوماسيون والمحللون أن الجيش لن يتدخل إلا في أزمة تصل لمستوى الانتفاضة التي أطاحت بمبارك. وإلى الآن لم يصل مستوى الاحتجاجات والعنف إلى المستوى الذي سبق إسقاط الرئيس السابق.
وقتل مئات المتظاهرين وأصيب ألوف آخرون خلال الانتفاضة التي شهدت اشتباكات واسعة مع الشرطة وحرقت مقار عديدة للحزب الوطني الديمقراطي الذي كان يحكم البلاد. وإلى الآن قتل شخص في الاشتباكات التي تلت الإعلان الدستوري.
وقال إليجا زروان وهو زميل في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "الانطباع القوي الذي لدي هو أن الجيش صار فعلا خارج السياسة الداخلية والطريقة الوحيدة التي أتوقع بها أن يتدخلوا هي أن يكون هناك اضطراب خطير وأ يكون تدخلهم بطلب من مرسي."
وربما يكون بيان صدر عن الجيش بشأن تحليق طائرات حربية يوم الأحد في سماء القاهرة دالا على المدى الذي يريد به العسكريون الابتعاد عن السياسة.
وكانت الطائرات أحدثت أصواتا مرتفعة كتلك التي أحدثتها طائرات حربية في ذروة الانتفاضة التي أطاحت بمبارك. وقال الجيش إن تحليق الطائرات يوم الاحد كان تدريبا عسكريا.
وقال زروان "أظن أن كثيرا من العسكريين كانوا غير مستريحين أن يستمر الجيش في لعب دور مباشر في سياسة البلاد شاعرين بأن هذا الدور خطير على البلاد ويضر بهيبة الجيش."
ولا يزال الجيش محتفظا بنفوذ على شؤون البلاد. وكان من ذلك دوره في ملاحقة متشددين إسلاميين في سيناء التي ضعفت فيها قبضة الشرطة بالقرب من الحدود الحساسة مع إسرائيل. ويملك الجيش أيضا إمبراطورية اقتصادية تمتد من صناعة الأسلحة إلى تعبئة زجاجات المياه.
ويقول المحللون إن هناك إمكانية أن تكون هذه المصالح عرضة للتساؤل من جانب مدنيين إذا أصر العسكريون على التعلق بالسلطة السياسية أكثر مما تعلقوا بها.
وفي الوقت الحالي لا يوجد دور واضح للجيش في وقت لا يوجد فيه رئيس للدولة من القوات المسلحة مثل مبارك.
وقال سيف الدين عبد الفتاح وهو محلل ومستشار لمرسي "القوات المسلحة مؤسسة محايدة تخدم الدولة وتحمي حدودها."
وأضاف أن "صفحة جديدة فتحت منذ سلم المجلس العسكري السلطة لرئيس منتخب."