مجموعة "الإيكواس" التي نصـّبت فرنسا، رئيسا لها، أعلنت مقترحها لتسوية الأزمة في مالي، من خلال منح "الحكم الذاتي" للأزواد، وهذا يتطابق بالطول والعرض، مع المشروع الفرنسي الهادف إلى تأسيس "دولة التوارق" أو "دولة الصحراء"، بمنطقة الساحل!
اقتراح الإيكواس، يعطي الانطباع، أن فرنسا هي التي تسيّر هذه المجموعة الاقتصادية، وهي التي تأمر رئسيها، ولا يستدعي هنا الأمر الكثير من التفكير والتدبير، لاكتشاف بأن فرنسا نصبت أعينها داخل الإيكواس، حتى تصطاد كلّ شاردة وواردة، دون حاجتها إلى "مخبرين" أو "عملاء" يسرّبون لها آخر الأخبار والمعلومات!
مخطط إحياء مشروع "دولة التوارق"، يعني في ما يعنيه، أن فرنسا، تبحث عن مخارج نجدة، لإعادة بسط نفوذها بشمال إفريقيا، من خلال عسكرة منطقة الساحل، واستهداف ظهر الجزائر، وتلغيم الصحراء الكبرى، بتوفير ظروف الأفغنة، لتبرير التدخل العسكري باسم محاربة الإرهاب ومطاردة فلول التنظيمات المسلحة!
ما يسمى بمشروع "دولة التوارق"، يهدف أيضا، إلى توفير غطاء أمني، للمملكة المغربية، من أجل تسهيل عمليات الإبادة ومواصلة احتلال الصحراء الغربية، ولذلك، تؤكد المعلومات، أن المغرب انخرط مع فرنسا، لتحقيق هذا المشروع الاستعراضي الرامي إلى تفتيت الوحدة الترابية لعدد من البلدان الإفريقية المستقلة!
من الطبيعي أن تهلّل فرنسا وتزمّر وتطبل، لمقترح الإيكواس، طالما أنه يخدم مصالحها ويُفرش البساط الأحمر للتدخل العسكري، بطريقة ديبلوماسية، تطبيقا لتكتيك "الحرب الناعمة"، الذي تـُريده فرنسا هذه المرّة، بوّابة شائكة لعودتها إلى مستعمراتها القديمة تحت غطاء جديد!
الصراع على ثروات وبترول ومناجم الصحراء، كغنائم حرب، يكشفه أيضا، التنافس المحموم بين فرنسا التي تحاول إقامة "دولة التوارق"، والولايات المتحدة الأمريكية، التي حاولت التسرّب إلى منطقة الساحل، بإقامة قاعدة الأفريكوم، وفي كلتا الحالتين، فإن المبرّر هو محاربة "القاعدة"!
الجزائر التي رفضت مشروع الأفريكوم، على اعتبار انه يستهدف سيادة دول المنطقة،مازالت تعارض التدخل العسكري بمالي، انطلاقا من أنه تمهيد لعسكرة المنطقة وتفتيتهاونهب ثرواتها وتفخيخ حدودها!
عندما تدخل فرنسا، على "الخطّ الساخن"، فلا ينبغي انتظار الخير، وحين سرّبت فرنسا "عميلها" إلى الإيكواس، كان واضحا أن في الأمر إنّ وأخواتها، والآن بعد أن بدأ المخطط الشيطاني الرامي إلى إحياء مشروع "دولة التوارق"، تحت مسمى "الحكم الذاتي للأزواد"، لا بدّ من التفطـّن لاستراتيجية تفتيت كامل المنطقة وإغراقها في مستنقع الحرب!
لقد نجحت الجزائر، في تعطيل أو "تأجيل" التدخل العسكري بمالي، ونجحت في توسيع دائرة المعارضين لهذا الخيار، والمساندين للحل السلمي والحوار، وهو الانتصار، الذي يكون قد أغضب لوبيات حاقدة في فرنسا والمغرب، فراحت تحرّك الإيكواس للدفع نحو منح الحكم الذاتي للأزواد، كطريق ثالث، تسعى فرنسا للسير فوقه، حتى وإن اقتضى الأمر المشي فوقالجماجم والأشلاء، قربانا لما فوق وتحت الصحراء!
الشروق