يشهد جنوب الصومال حاليا جدلا حول انتشار "الأناشيد الإسلامية" وخاصة الحماسية منها، بعد أن أصبح انتشارها ظاهرة حيث أغرقت البيوت والأسواق، والمؤسسات التعليمية، وحتى المساجد إلى جانب الهواتف، وساحات القتال.
وفي المقابل اختفت الأغنية الصومالية عن الساحة خاصة المناطق الخاضعة لنفوذ المناوئين للحكومة الانتقالية. ويقول حسن نور محمد صاحب محل لبيع الاسطوانات إن الأناشيد تحتل المركز الأول باهتمامات الناس وخاصة الشباب والنساء من بين 206 أناشيد "عربية وصلت إلينا". وحول أبرز هذه الأناشيد ذكر منها "نعم أسامة، جواد الفجر، بارودتي بيدي، اضرب يا أسد الفلوجة، صبرا صبرا يا بغداد، بجهادنا سنفجر الصخر، هيا اقتلوني شهيدا، متفائل، دمع في مآقينا، آلام تمزقنا".
فقرات إذاعية
أما المدير العام لإذاعة الأندلس حسن حاجي فيقول للجزيرة نت "نبث الأناشيد الجهادية بين فقرات البرامج وذلك للتنسيق" مضيفا أن الإذاعة تميزت عن غيرها بعدم نشر الأغاني والموسيقى بين فقرات البرامج وغيرها. وقال أيضا "الأناشيد والبرامج الدينية الأخرى هي التي ملأت هذا الفراغ، ولسنا بحاجة إلى البرامج الهابطة". وفي استطلاع أجرته الجزيرة نت مع شريحة كبيرة من المقاتلين المسلحين حول الأناشيد الحماسية، اتفقوا جميعا على اقتنائهم لها وتعلقهم بها واستماعهم إليها، وأن لها مفعولها السحري، ودورها الحاسم في شحذ هممهم "وصقل نفوسهم نحو الجهاد والقتال في سبيل الله".
ظروف الانتشار
من جانبه قال الشيخ محمد بللي للجزيرة نت "الأناشيد الحماسية أصبحت ظاهرة ثقافية منتشرة جنوب الصومال منذ ظهور المحاكم الاسلامية، وحلت محل الأغاني".ويرى بللي في هذا الانتشار "خيرا كثيرا، فتشجع المجاهدين، وتنشر روح العزة والكرامة، والروح القتالية، والاستشهاد، للدفاع عن الدين، والعرض، والأرض الإسلامية". لكنه يقول إن كثيرا من المتعلقين بتلك الأناشيد أهملوا القرآن، والأذكار، وطلب العلم الشرعي" ووقعوا في محظور شرعي بعلم وبدون علم".
ويتابع "الحماس والغيرة للإسلام مطلوبان، وهو من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أثناء الجهاد في سبيل الله، ولكن ليس على حساب القرآن الكريم".وشدد بللي على ضرورة تصحيح الأخطاء الناجمة عن سيطرة الأناشيد الحماسية على الفئات المستهدفة، وإحياء تلاوة القرآن، والأذكار، وطلب العلم الشرعي بدل الأناشيد.
انهيار الحواجز
وحول تلك الظاهرة يقول أستاذ اللغة العربية في جامعة كيسمايو عبد الله شيخ محمد إن الحكومة المركزية السابقة "حالت بين الشعب الصومالي وبين ثقافته العربية الإسلامية".وأضاف "أما الآن فقد انهارت الحواجز، فقد اتجه الشعب الصومالي نحو ثقافته الأصيلة الثقافة العربية، وأصبحت الأناشيد وغيرها منتشرة في الصومال، لأنه معتز بها ومنتم إليها، ويتفانى في سبيل تحصيلها والانتصار لها".وذكر أن المؤسسات التعليمية الأهلية بعد انهيار الحكومة اهتمت بتعريب مناهج التعليم كمشروع إستراتيجي يسعى إلى نشر العربية وجعلها لغة التخاطب بين الناس.
تعريب
ويعتقد شيخ محمد أن انتشار الأناشيد بالساحة الصومالية يأتي في سياق ضعف الجهات المعادية للثقافة العربية و"الأعمال الجهادية التي تجري على قدم وساق في الجنوب" كما أخذت الأناشيد الإسلامية ذات الصلة برفع شأن العلم، والتربية، واحترام المعلم "حيزا مهما في المدارس الأهلية".وأشار إلى أن الأناشيد العربية حققت نتائج إيجابية في نشر اللغة العربية الفصيحة الراقية في أوساط المجتمع الصومالي العربي.