بعد احتلال المرتبة الأولى بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان) واكتساح الانتخابات البلدية بالمغرب، كرس حزب الأصالة والمعاصرة هيمنته على المشهد السياسي بتصدره نتائج تجديد ثلث مجلس المستشارين (الغرفة الثانية) وانتخاب أمينه العام محمد الشيخ بيد الله رئيسا للمجلس.
وبهذا النصر الثلاثي أصبح الحزب الذي أسسه ويقف وراءه فؤاد عالي الهمة وزير الداخلية المنتدب السابق والمعروف بصداقته للملك محمد السادس، يمسك بمفاتيح الساحة السياسية وفق تعبير أستاذ العلوم السياسية محمد ضريف.وقال ضريف للجزيرة نت إن الانتخابات المقبلة والحكومة المقبلة حسمتا اليوم، وليس الغد سوى تحصيل حاصل، بعد أن استطاع الحزب الجديد في ظرف وجيز أن "يحقق هذه الانتصارات بفضل معرفته الدقيقة بالحالة الحزبية والانتخابية وبطريقة اشتغاله الفعالة".
كما يتوقع أن يشكل الأصالة والمعاصرة مركز استقطاب لباقي الأحزاب لتشكيل تحالف كبير قد يضم الحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، لتكوين حكومة تقطع الطريق على حزب العدالة والتنمية وتعزله. وكان أعضاء مجلس المستشارين انتخبوا الأمين العام للأصالة والمعاصرة رئيسا لهم، وصوت عليه أعضاء من أحزاب من الأغلبية الحكومية الحالية، مما اعتبره ضريف من مميزات الحقل السياسي المغربي، حيث تفسر العلاقات والصفقات الشخصية كثيرا من خصائص السياسة.
رسالة تطمين
ورغم النتائج الواضحة، لا يبدو أن الحزب الذي أسسه فؤاد عالي الهمة عام 2008، متعجل في سيره نحو رئاسة الحكومة.وقد بعث الحزب رسالة تطمين لحكومة عباس الفاسي الأمين العام لـحزب الاستقلال، حيث أكد، في بلاغ بعد ظهور نتائج انتخابات تجديد ثلث مجلس المستشارين "موقفه الثابت تجاه الحكومة ورغبته في الاستمرار في العمل من موقعه السياسي الحالي".وأضاف أنه لا يسعى إلى "زعزعة التوازنات السياسية القائمة، ولا المزايدة المبنية على العنف اللفظي، ولا توظيف المشترك المشكل للإجماع، لغايات سياسوية ضيقة، ولا استغلال أحداث عارضة للحديث عن أزمة سياسية أو مؤسساتية".
"لن نستسلم"
وقال حزب العدالة والتنمية إنه لن يستسلم لمخططات عزله، فـ "نفهم جيدا أن هناك حزبا جديدا جاء الساحة السياسية، من عمق السلطة ليقطع الطريق على حزبنا في الانتخابات السابقة وكذلك، في انتخابات 2012" كما قال الحسن الداودي نائب أمينه العام.
وأضاف "منذ خروجه إلى الوجود وهو يحمل اسم حزب ضد العدالة والتنمية"... ولكننا له بالمرصاد، مازلنا نعمل ونسعى ليكون التنافس من أجل الوصول إلى السلطة والحكومة، تنافسا ديمقراطيا شريفا شرعيا". وقال عضو الأمانة العامة بالعدالة والتنمية أن حزبه استطاع إفشال خطة عزله التي سعى إليها الأصالة والمعاصرة في الانتخابات البلدية السابقة "وسيعيد الكرة في المناسبات الانتخابية المقبلة".وذكر عبد العالي حامي الدين أيضا بحديث للجزيرة نت أن نقطة ضعف حزب صديق الملك تكمن في خروجه من جلد السلطة وتنفيذ مخططاته بتنسيق معها. ويرى أنه رغم كون نتائج الانتخابات التشريعية المقبلة محسومة سلفا لصالح الحزب الجديد، فإن ذلك لا يمنع العدالة والتنمية من توسيع نشاطه السياسي وطرح البدائل وفضح اللعبة.