مصر

يحبس المصريون أنفاسهم خلال الساعات القليلة القادمة تحسبا لما قد تؤول إليه مظاهرات ينظمها معارضو الرئيس محمد مرسي، ومؤيدوه، مساء الثلاثاء.


ومنذ بداية الأزمة السياسية التي أشعل شرارتها الإعلان الدستوري الصادر في 22 تشرين ثان/ نوفمبر الماضي، والذي ألغي في وقت لاحق، لم ينظم الطرفان احتجاجات حاشدة في يوم واحد، وكان اللقاء الوحيد لجموع من المعسكرين في موقع واحد الأربعاء الماضي قد انتهى بمقتل ما لا يقل عن ثمانية أشخاص وإصابة المئات في اشتباكات على أعتاب قصر الاتحادية الرئاسي.

ودعا معارضو مرسي، وفي الصدارة منهم (جبهة الإنقاذ الوطني)، التي تشكلت بعد صدور الإعلان "الملغي" من شخصيات وأحزاب مناهضة للإعلان الدستوري ومسودة الدستور الجديد للبلاد، إلى "مليونيتين" حاشدتين تحت عنوان (لا للغلاء والاستفتاء) في ميدان التحرير بقلب القاهرة وأمام قصر الاتحادية، احتجاجا على سلسلة الإجراءات التي يرونها "غير موفقة"، والتي يتخذها مرسي منذ نحو 20 يوما من إصدار إعلان دستوري ثم إلغائه وإصدار آخر يرونه لا يعدو أن يكون إعادة صياغة للأول، ثم قرار زيادة الضرائب فتعليقه بعد ساعات، إضافة إلى الإصرار على إجراء الاستفتاء في موعده السبت القادم رغم اعتراضهم عليه، وأخيرا منح الضبطية القضائية لقوات الجيش وهو نفس الإجراء الذي كان مرسي قد عارضه عندما كان مرشحا للرئاسة.

أما الإخوان المسلمون وواجهتم السياسية حزب الحرية والعدالة الذي ينتمي إليه مرسي، فقد فدعوا مع حلفائهم في "ائتلاف القوى الإسلامية" إلى مليونيتين لـ "دعم الشرعية" أمام مسجد آل رشدان وأخرى أمام مسجد رابعة العدوية بمدينة نصر شرق القاهرة، والقريبة جدا من ضاحية مصر الجديدة حيث القصر الرئاسي، كما دعوا إلى مليونية ثالثة في مدينة الإسكندرية الساحلية ورابعة في محافظة أسيوط بصعيد مصر.

ويخشى الإسلاميون من "مؤامرة" تحدث عنها مرسي وجميع قيادات التيار الإسلامي ، دون أن يكشفوا عنها صراحة. وتهدف "المؤامرة" وفقا لما يرددون إلى إسقاط الشرعية عن الرئيس "الإسلامي" الذي يرى كثير من مؤيديه أن الأجهزة الأمنية والعسكرية في الدولة ربما لا تدين له بالولاء.

اللافت الثلاثاء، أن الطرفين أكدا الحرص على تجنب الاحتكاك بالآخر، وقاما بوضع خطوط سير محددة ودقيقة لمسيرات كل طرف، بحيث تكون بعيدة عن الطرف الآخر، خاصة وأن أماكن التجمعات قريبة إلى حد ما.

وقال القيادي بالجمعية الوطنية للتغيير أحمد بهاء شعبان لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "مسيرات اليوم ليست فقط للتأكيد على الموقف الشعبي الرافض للدستور المزمع الاستفتاء عليه لكنها أيضا لرفض قرار رفع أسعار عدد كبير من السلع الأساسية"، لافتا إلى أن مرسي لم يتراجع عن قرار زيادة الضرائب، ومن ثم رفع الأسعار وإنما أرجأ تطبيقه لأن التوقيت غير مناسب".

أما منسق اتحاد شباب الثورة حمادة الكاشف، فقال: "مرسي بإصراره على الإعلان الدستوري المستبد وعلى إجراء استفتاء على دستور يكرس للدولة الدينية الاستبدادية يكشف عن الوجه الفاشي لجماعة الإخوان المسلمين، كما أن قرار رفع الأسعار كشف عن التوجه الاقتصادي للإخوان والذي لا يختلف في شيء عن توجهات الرئيس السابق حسني مبارك".

وعلى الجانب الآخر، قال جمال حشمت عضو الهيئة العليا لحزب "الحرية والعدالة": إن ائتلاف القوى الإسلامية، والإخوان كجزء منه، سيشارك في مظاهرات اليوم لدعم "الشرعية" وتنظيم الاستفتاء في موعده المقرر السبت المقبل.

وأضاف: "رسالتنا اليوم للعالم ستكون أن الرافضين لإجراء الاستفتاء على مسودة الدستور الجديد ليسوا أغلبية الشعب المصري.. والليبراليون ودعاة الديمقراطية رسبوا في اختبار الديمقراطية.. تحالفوا مع فلول النظام البائد لإثبات وجودهم بعد أن نفد رصيدهم في الشارع".

بدوره، أكد المتحدث باسم الجماعة الإسلامية عاصم عبد الماجد مشاركة الجماعة الإسلامية في مليونية اليوم دعما لإجراء الاستفتاء على الدستور وتأييدا لقرارات مرسي المنتخب شرعيا. وقال لـ(د.ب.أ) :"إننا مع الاستقرار ومع إجراء الاستفتاء على الدستور أيما كانت نتائجه".

وتوقع البعض ألا تتمتع مظاهرات اليوم بالحشد الضخم الذي يسعى الطرفان لتصويره ، وذلك لأن معارضي الرئيس ربما شعروا أن معركة الاستفتاء أصبحت محتومة، خاصة مع إبداء عدد من القضاة استعدادهم للإشراف على الاستفتاء، حتى ولو بشروط.

على الجانب الآخر، رأى بعض الإسلاميين أن "موقعة الاستفتاء" هي المعركة التي ينبغي العمل حاليا عليها بعيدا عن الاحتشاد، كما أن حزب النور الحليف الأبرز للإخوان المسلمين في الفترة الماضية ترك باب احتمالات المشاركة مفتوح في مظاهرات اليوم، فأعلنت قيادات بالحزب أنهم لن يشاركوا لتكريس جهودهم للحشد للاستفتاء، وأعلن آخرون أنهم سيكتفون بمشاركة رمزية فيما أعلنت الصفحة الرسمية للحزب على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" مشاركة كاملة في المظاهرات.

ويحرص كل طرف على التقليل من شأن تجمعات الطرف الآخر ، حيث يتهم المعارضون الإخوان "باقتياد" أنصارهم وحشدهم في حافلات من مختلف محافظات الجمهورية، ويفخرون دوما بأنهم "يحتشدون ولا يحشدون"، أما الإسلاميون فيرون أن المعارضين ليسوا إلا قلة وأن الإعلام هو الذي يبالغ في تصويرهم، وهو ما عكسته تصريحات خيرت الشاطر نائب مرشد الاخوان والرجل الأقوى داخل الجماعة، الذي قال إن عدد المشاركين في تظاهرات المعارضين لا يتجاوز 50 ألفا في حين أن وزارة الاتصال بررت قطع الاتصالات في إحدى المظاهرات أمام الاتحادية بتجاوز عدد المحتشدين 500 ألف متظاهر.

وبغض النظر عما يموج به الشارع المصري حاليا، يبدو أن الجميع يدركون أن معركة الاستفتاء ليست نهاية المطاف وأن الهدف الفعلي هو مجلس الشعب القادم، والذي من المفترض أن يتم انتخابه بعد شهرين من بدء العمل بالدستور، كما هو متوقع من السوابق التاريخية للاستفتاءات في مصر.

وتنص مسودة الدستور على أن "لكل من رئيس الجمهورية ومجلس النواب طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور .. وإذا صدر طلب التعديل من مجلس النواب وجب أن يوقعه خمس عدد الأعضاء على الأقل".

ويتطلع الإسلاميون عموما والسلفيون بصفة خاصة إلى المجلس المقبل ربما لتعديل الدستور لإضافة المزيد من المواد المتعلقة بتطبيق الشريعة الإسلامية، كما يتطلع المعارضون إلى الاستفادة من "تراجع شعبية الإخوان والسلفيين في الشارع"، وفقا للاستطلاعات، لتحقيق تواجد مريح في المجلس، وحينها يستطيعون السيطرة بصورة أكبر على مجريات الأمور.
القدس العربي


الخبر السابق - الخبر التالي تحضير للطباعة أرسل هذا الخبر إنشاء ملفpdf من الخبر
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع

أخبار أخرى

  • 2021/12/20 9:46:03 وفد مساعدي أعضاء الكونجرس الأمريكي يشيد باجراءات الإصلاح الاقتصادي في مصر
  • 2021/12/12 5:43:20 وفد من جنوب السودان يصل إلى الخرطوم لبحث تنفيذ اتفاق البرهان وحمدوك
  • 2021/12/7 5:45:24 اليوم.. مصر تحتضن مؤتمرًا دوليًا لمواجهة التغيرات المناخية
  • 2021/12/1 9:56:01 بعد قليل.. فتح الطيران المباشر بين مصر والسعودية
  • 2021/11/30 9:50:04 برلمانية: معرض إيديكس 2021 رسالة ردع لكل من يحاول تهديد أمن مصر
  • 2021/11/30 9:47:31 عضو «السيادة السوداني» يبحث سبل حل قضية شرق السودان
  • 2021/7/18 4:24:27 «تطورات خطيرة».. السودان يكشف انخفاض مياه الأزرق لـ 50% بسبب سد النهضة
  • 2021/7/18 4:14:46 مصر سترصد الفضاء بثاني أكبر تلسكوب في العالم
  • 2021/2/13 10:24:06 إثيوبيا تمارس "الاستيطان الإسرائيلي" وينقصها الشجاعة لإعلان الحرب
  • 2021/2/13 10:20:57 مصر تنتظر توضيح مواقف إدارة بايدن من قضايا الإقليم
  • 2021/1/13 7:18:25 تصفية أشهر وأعرق شركة تأسست في عهد جمال عبد الناصر
  • 2020/12/29 3:53:31 الجيش المصري يستعد في شمال سيناء
  • 2020/12/28 8:06:31 على أعتاب الاكتفاء الذاتي في سلعة استراتيجية
  • 2020/12/27 6:21:04 السيسي: اتفاق سد النهضة يجب أن يكون ملزما ويحفظ حقوق مصر
  • 2020/12/13 7:50:00 يغلق معبر أرقين الحدودي مع مصر
  • 2020/12/12 10:18:08 715 مليون يورو تمويلات فرنسية إلى مصر.. وهذه تفاصيلها
  • 2020/12/6 5:31:09 البعثة الأممية في ليبيا تعلن نتائج التصويت على مقترحات آلية اختيار السلطة التنفيذية الموحدة
  • 2020/12/6 5:20:50 إقالات ودعوة لـ"يوم غضب" إثر مقتل طبيب بسقوط مصعد معطل
  • 2020/11/30 4:28:26 البرلمان الليبي يدعو لعقد جلسة خاصة
  • 2020/11/30 4:26:54 تسجيل 66 وفاة و1271 إصابة جديدة بفيروس كورونا
  • 2020/11/28 7:12:19 السودان تشيع جثمان زعيم حزب الأمة الصادق المهدي في جنازة مهيبة
  • 2020/11/25 9:58:44 السيسي: لقاح فيروس كورونا سيكون متوفرا في مصر منتصف العام المقبل
  • 2020/11/23 9:05:05 ماذا يعني انسحاب السودان من مفاوضات سد النهضة؟ خبراء يجيبون
  • 2020/11/18 9:11:06 رئيس وزراء السودان يؤكد الاستعداد للتعاون مع بعثة "يونتامس"
  • 2020/11/17 10:29:29 تبادل إطلاق نيران في ظل وضع ملتبس بالصحراء الغربية وتصعيد بين الجيش المغربي والبوليساري
  • 2020/11/17 10:26:22 صراع الحرب الأهلية يشتد.. محاولات وساطة لوأد النزاع في تيغراي
  • 2020/11/17 10:03:11 بريطانيا تسعى لسحب لقب أكبر مستثمر أجنبى فى مصر من الاتحاد الأوروبى
  • 2020/11/14 9:58:35 مباحثات سودانية - أمريكية في الخرطوم
  • 2020/11/11 6:57:26 إثيوبيون بينهم عسكريون يفرون من القتال في تيغراي إلى السودان
  • 2020/11/11 6:55:21 مجلس الأعمال المصرى اليونانى: استثمارات يونانية فى مصر تخطت المليار يورو