أبدى رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، ''ارتياحا'' لنتائج الإصلاحات السياسية، وأهم بواعث ارتياحه ''الارتفاع المشهدي لعدد البرلمانيات المنتخبات''.
ويرى الرئيس أن مسار الإصلاحات ''يحظى بالإجماع أو يكاد لدى الطبقة السياسية والمجتمع المدني''، لذلك فإنه ''لا رجعة فيه''. وتحدث عن مراجعة لاحقة للدستور تكرس ''الثوابت الوطنية والديمقراطية ودولة الحق والقانون''، وأظهر ''تضامنا'' مع ''الانتفاضات العربية'' لكنه رافع لما يفهم منه أنه استثناء جزائري.
أجرى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مقابلة خطية مع وكالة الأنباء الفرنسية، نشرت مقتطفات منه فقط أمس، وقدمته وكالة الأنباء الجزائرية كاملا، أعطى خلالها انطباعا بأنه لا يتفق مع انتقادات من المعارضة تتهم السلطة بالاستفراد بعملية الإصلاح السياسي، بما أن هذا المسار ''يحظى بالإجماع أو يكاد لدى الطبقة السياسية والمجتمع المدني''. وسئل بوتفليقة الذي نادرا ما يجري حوارات صحفية سيما مع وسائل الإعلام الوطنية، إن كان راضيا عن نتائج الإصلاحات التي أقرها لتجنيب بلده السقوط في متاهات الربيع العربي؟ فتمسك بالرواية الرسمية التي تتحدث عن ربيع جزائري قبل عشرين عاما.
وقال الرئيس في هذا الشق إن الجزائر ''أطلقت انفتاحها السياسي في 1989 وتم تحقيق تقدم ملحوظ، إلا أن بعض الانحرافات كادت تتسبب في انهيار الدولة الجمهورية وجرت البلاد إلى سنوات طويلة من الدمار والمعاناة، لكن دون إعادة النظر في الديمقراطية كخيار وحيد للحكامة بالنسبة للشعب الجزائري الذي واجه بمفرده الظلامية والإرهاب''.
ولاحظ بوتفليقة اختلافا جزائريا عن بلدان الربيع العربي قائلا: ''في تقديري أن سنة 2011 بلغ فيها المجتمع الجزائري درجة من التنمية والنضج تتيح الانتقال إلى مرحلة جديدة في سير مؤسسات الدولة والأحزاب السياسية ووسائل الإعلام، بما يمكن من وضع جهازنا التشريعي والتنظيمي في مستوى المعايير العالمية الحالية... وقد توج النقاش الوطني حول هذه المواضيع بصدور عدة قوانين إصلاحية في مجال المساواة بين المرأة والرجل وحرية التعبير والمجتمع المدني والأحزاب وأخلقة الحياة السياسية''.
وتقييم بوتفليقة لنتائج الإصلاحات بالتالي: ''هي بالنسبة لي مبعث للارتياح... وأعني بالخصوص الارتفاع المشهدي لعدد البرلمانيات المنتخبات خلال التشريعيات الأخيرة، والذي كان توجها أثبتته الانتخابات المحلية البلدية منها والولائية التي جرت في 29 نوفمبر المنصرم. كما أشير إلى إنشاء وإطلاق العديد من الأحزاب السياسية الجديدة بما يشهد على اهتمام الجزائريات والجزائريين بالحياة السياسية والاجتماعية''.
واكتفى بوتفليقة بشرح بعض مقاصد تعديل الدستور المرتقب في عناوين عريضة لا تجيب عن أسئلة في الداخل إن كان أساس التعديل هو إتاحة عهدة رابعة له، فقال عن مسار الإصلاحات: ''سيتوج بمراجعة الدستور بقصد تكريس الثوابت الوطنية والديمقراطية ودولة الحق والقانون أسسا للعقد الوطني الذي يوحد أبناء الأمة الجزائرية المستقلة ذات السيادة''.
وأعلن بوتفليقة أن الجزائر تريد ''علاقة قوية وحيوية مع فرنسا''، وتمنى ''إضفاء مضمون ملموس وعملي على الشراكة الاستثنائية'' دون إيلاء اهتمام زائد لشكلها، كما طالب بأن تتحرر العلاقات من ''الاعتبارات الظرفية الزائلة لا محالة''، وهي إشارة لملف الذاكرة. وتابع: ''إن ما تنتظره الجزائر من فرنسا هو المرافقة في مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية، وهي ورشة واسعة يجري التكفل بها حاليا وتحتاج إلى تحسين تكوين العنصر البشري وإلى النقل الحقيقي للتكنولوجيا وإلى شراكة مربحة للطرفين في المنظومة الإنتاجية''. ونصح بأن ''نستخلص العبر من تجربتنا الماضية من أجل أن نصحح منحى التعاون والشراكة الذي يبقى دوما قابلا للتحسين''.
وجدد بوتفليقة دعم الجزائر ''حلا تفاوضيا'' في مالي ''لأن الأزمة معقدة تشمل جوانب سياسية وأمنية واقتصادية وأخرى إنسانية''. ولمح إلى ملف العسكرة في مالي على أنها مساعدة للجيش المالي في محاربة الإرهاب، قائلا: ''محاربة الإرهاب الذي أصبح يعتبر اليوم عن حق تهديدا عالميا لا جنسية له ولا انتماء جغرافيا أو دينيا، فإنه من الطبيعي أن تستفيد مالي من دعم المجموعة الدولية من أجل قطع شأفته''.
وأظهر الرئيس بوتفليقة ''ليونة'' في التعاطي مع ثورات الربيع العربي على نقيض ما كان يفهم من الموقف الرسمي، فسماها ''الانتفاضات'' التي تؤكد فيها الجزائر ''مودتها وتضامنها للبلدان التي تشهدها وما تزال.. لا ننسى بأن ملايين الشباب والنساء العرب يطالبون بالحرية، وفوق ذلك بالاحترام والكرامة''. وفي الشأن السوري، لفت الرئيس إلى أن الجزائر تدعم ''حلا متوازنا يأخذ تطلعات الشعب السوري في الحسبان دون أي تهميش مهما كان شكله''. وشجع بوتفليقة بخصوص الملف النووي الإيراني: ''معالجة عادلة ومتوازنة'' في إطار مسعى شامل يقوم على إشراك العناصر المترابطة''.
الخبر