بالرغم من وقوع النيجر في قلب
الصحراء الكبرى القاحلة إلا أن الأثار التاريخية تؤكد على أن هذه الأراضي كانت
أراضي عشبية خصبة حتى خمسة آلاف سنة مضت والدليل على ذلك ما تركه الرعاة الذين
استعمروا تلك الأرض من رسومات ونقوش خلفوها ورائهم تمثل الحياة البرية واستئناس
الحيوانات بالإضافة إلى صور وأثار لعربات تجرها الخيول وثقافة أصيلة يمتد عمرها إلى
عشرة آلاف سنة قبل الميلاد.
بدايات التاريخ
أزدهرت الحضارة في هذه المنطقة في الصحراء الكبرى بالقرب من بحيرة تشاد
الواقعة في الجنوب الشرقي للبلاد، عرفت هذه الحضارة باسم حضارة قانم - بورنو، وراحت
تنشر الإسلام في هذه المنطقة القاحلة اعتبارا من القرن الحادي عشر للميلاد. وفي
القرن الخامس عشر أقام الطوارق سلطنة أجاديز التي كان لها السيادة على شمالي
البلاد.في نهاية القرن 16 قامت دولة السعديين ببعثة بقيادة جودار باشا وانتهت
بانهاء عهد إمبراطورية الصونغي وأصبح شمال النيجر تابعا للمغرب لعدة سنين وفي القرن
السابع عشر أقامت قبائل الجرما إمبراطورية على شاطئ نهر النيجر في الجنوب الغربي
للبلاد.
و في القرن الثامن عشر أسست شعوب الهوسا مملكة جوبير القوية. وفي أواخر القرن
الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر قام المستكشفون الأوروبيون بزيارة البلاد وكان
من أول وأشهر تلك الحملات الاستكشافية للبلاد تلك التي قادها كلا من البريطاني
مونغو بارك والألماني هاينريخ بارت وذلك لاستكشاف منابع نهر النيجر. وفي هذه
الأثناء أقام الفولانيون سلطنة سوكوتو وذلك سعيا منهم لإحياء الحركة الدينية
الإسلامية في المنطقة.
و في أواخر القرن التاسع عشر قامت فرنسا بغزو المنطقة وأنهوا تجارة الرقيق هناك.
وفي عام 1904 أصبحت النيجر جزءا من إفريقيا الغربية الفرنسية، لكن قبائل الطوارق
ظلت تقاوم الاحتلال الفرنسي حتى عام 1922 عندما حولت فرنسا البلاد إلى مستعمرة
فرنسية.
و في عام 1946 أصبحت النيجر واحدة من الأقاليم الفرنسية فيما وراء البحار، ولها
مجلسها التشريعي الخاص بها، ولها تمثيل نيابي في البرلمان الفرنسي.
الاستقلال
في 23 يوليو 1956 اتخذت السلطات الفرنسية قرارا بإعادة النظر في هيكل
مستعمرات ما وراء البحار الخاضعة للحكم الفرنسي تبعه إعادة تنظيم البرلمان الفرنسي
في أوائل 1957 ومن ثم إصدار قرار بشأن إلغاء التفرقة في الإدلاء بالأصوات داخل
البرلمان ومنح ممثلي الأقاليم الخاضعة تحت الحكم الفرنسي حقوقا مساوية لأعضاء
البرلمان فرنسي الجنسية ومن ثم المشاركة في تشريع القوانين سواء الفرنسية أو تلك
المختصة بشئون أقاليم ما وراء البحار، الأمر الذي ساعد العديد من الدول الواقعة تحت
السيادة الفرنسية على التمتع بشئ من الحكم الذاتي والقدرة على تكوين نواة لحكومات
وطنية تدير شئون البلاد. وكان للنيجر حظا في ذلك حيث تمتعت بالحكم الذاتي تحت
الوصاية الفرنسية بعد قيام الجمهورية الخامسة بفرنسا في 4 ديسمبر 1958 حتى نالت
النيجر استقلالها التام في 3 أغسطس 1960.
الحزب الأوحد والحكم العسكري (1961 – 1991)
منذ اليوم الأول للاستقلال وحتى أربعة عشر عام خضعت النيجر لحكم مدني أحادي
الحزب تحت رئاسة هاماني ديوري والذي استمر في حكم البلاد حتى عام 1974 حافظ خلالها
ديوري على علاقات وطيدة مع فرنسا والتس ساعدتها على بداية إنتاج اليورانيوم عام
1971. حتى عصفت بالبلاد أزمة جفاف شديدة القسوة تزامنت مع العديد من الاتهامات
والاعتقالات من جانب الحكومة تجاه أعضاء المعارضة وحملات مكثفة ضد من وصفتهم
الحكومة بالفاسدين، الأمر الذي أدى إلى قيام انقلاب عسكري بقيادة رئيس الحكومة أن
ذاك العقيد ساني كونتشيه حيث تمت الإطاحة بنظام ديوري واعتلاء كونتشيه سدة الحكم.
وظلت النيجر تحت طائلة الحكم العسكري حتى وفاة كونتشيه عام 1987 وقع خلالها على
اتفاقية للتعاون المشترك مع فرنسا عام 1977. كما قام بخصخصة جزئية للشركات المملوكة
للدولة، وذلك نتيجة لوقوع جفاف آخر بالبلاد وزيادة مديونية الحكومة خاصة أسعار
اليورانيوم عالميا.
وخلف كونتشيه في الحكم رئيس حكومته العقيد علي سايبو الذي قام بإطلاق سراح
المسجونين السياسيين وقام بتحرير العديد من القوانين خاصة السياسية وقام بإعلان
الجمهورية الثانية في النيجر وتبنى نظام حكم معتدل أحادي الحزب في محاولة منه
للسيطرة على الأمور السياسية للبلاد. وبالرغم من ذلك لم يتمكن سايبو من إحكام
السيطرة على مقاليد السياسة بالبلاد نتيجة لمطالب المعارضة وإضرابات متكررة قام بها
الطلاب والعاملين بالقطاع الصناعي للدولة بإقامة نظام حكم ديموقراطي يقوم على
التعددية الحزبية مما أدى إلى رضوخ نظام سايبو في النهاية لمطالب المعارضة مع نهاية
عام 1990.
ومع بداية عام 1991 ازدهرت الحياة السياسية بالنيجر ونشأت العديد من الأحزاب
والجمعيات الأهلية الأمر الذي ساعد على إقامة مؤتمر للمصالحة الوطنية في يوليو 1991
تمهيدا لتبني العديد من مشروعات القوانين التي من شأنها إقامة حياة سياسية جديدة
وانتخابات رئاسية نزيهة. كما أصدر المؤتمر برئاسة أندريه ساليفو قرارا بتجريد سايبو
من سلطاته وتعيين حكومة انتقالية لإدارة شئون البلاد حتى الانتهاء من الانتخابات
الرئاسية.
الجمهورية الثالثة
استمرت الحكومة الانتقالية في إدارة شئون البلاد من نوفمبر 1991 وحتى
انهيارها في أواخر عام 1992 وسط مشاكل اقتصادية واضطرابات عرقية من جانب الطوارق
أصحاب الفكر الانفصالي في شمال البلاد. وبالرغم من تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد
خلال هذه الفترة الانتقالية إلا أن النيجر شهدت تطورا كبيرا في الكثير من المجالالت
الحياتية والسياسية والاجتماعية لعل من أهمها النجاح في تشكيل قانون لإعادة هيكلة
الهيئات الإدارية للبلاد وإقامة انتخابات هادئة حرة ونزيهة بالإضافة إلى حرية
الصحافة؛ الأمر الذي ساعد على صدور العديد من الصحف المستقلة بالبلاد.
و في إبريل 1993 فاز حزب تحالف قوى التغيير (و هو حزب يساري وسطي) بأغلبية مطلقة في
انتخابات المجلس التشريعي، وتم انتخاب ماهامان عثمان، وهو مسلم من قبائل الهوسا،
رئيسا للجمهورية في أول انتخابات ديموقراطية حرة تشهدها البلاد.
و في عام 1994 تم توقيع اتفاق سلام مع طوارق الشمال حيث تم منحهم حكما زاتيا
محدودا.
وتمتعت النيجر بحياة سياسية هادئة حتى الانتخابات البرلمانية في يناير 1995 والتي
فاز بها أيضا حزب تحالف قوى التغيير ولكن بنسبة أقل هذه المرة وظهر جليا خلال تلك
الانتخابات تنازع كل من رئيس الدولة ورئيس الوزراء على إحكام السيطرة على مقاليد
السياسة للبلاد مما مكن العقيد إبراهيم باري مناصرة بالإطاحة بالجمهورية الثالثة
خلال الانقلاب العسكري الذي قاده في يناير من عام 1996.
الحكم العسكري والجمهورية الرابعة
بعد ستة أشهر من جلوسه على رأس الحكومة الانتقالية للبلاد، عمد العقيد
إبراهيم باري للمختصين بالشئون الداخلية لإنشاء مسودة قرار لإعلان قيام الجمهورية
الرابعة للبلاد في مايو 1996. ودعى لانتخابات رئاسية في يوليو من العام نفسه. وخلال
سير الاقتراع على منصب الرئاسة قام باري بحل اللجنة المشرفة على الانتخابات وتعيين
لجنة جديدة قامت بإعلان فوزه فور نهاية الإتراع وحصول حزبه على نسبة 57% من مقاعد
البرلمان في انتخابات نشبتها العديد من التلاعبات والانتهاكات القانونية.
و تولى العقيد إبراهيم مناصرة رئاسة البلاد في حين عهد لبخاري حاجي بتشكيل الحكومة
ورئاستها حتى أقاله مناصرة في أواخر عام 1996 وتعيين أحمدو بو بكر رئيسا للحكومة.
وبعدل فشل باري في إحلال صبغة شرعية على انقلابه العسكري وكذلك فشله في تبرير
العديد من التساؤلات حول الانتخابات الرئاسية التي نصبته رئيسا للبلاد، امتنعت
العديد من الدول الغربية على مد يد العون للنيجر وبالتالي تم قطع المعونات الوافدة
للنيجر من الغرب؛ الأمر الذي دفع باري لانتهاك الحظر التجاري المفروض على ليبيا في
ذلك الوقت في محاولة منه للحصول على المال اللازم لإنعاش النظام الاقتصادي للبلاد.
ومع تدهور الحال الاقتصادي للبلاد تدهورت أيضا سائر جوانب الحياة الاجتماعية
والسياسية بالنيجر؛ حيث قامت الحكومة بانتهاك العديد من القوانين المدنية كذلك نظمت
السلطات حملات اعتقال منظمة ضد زعماء المعارضة والصحفيين من خلال مليشيات غير رسمية
من أعضاء بالجيش والشرطة قاموا أيضا بحرق وتدمير العديد من المكاتب الصحفية.
الجمهورية الخامسة (1999 – 2010)
في التاسع من إبريل عام 1999 أعلن مقتل الرئيس إبراهيم باري خلال الانقلاب
العسكري الذي قام به الرائد داوودا مالام وانكي، الذي قام بتأسيس مجلس حكم عسكري
انتقالي أعلن من خلاله قيام الجمهورية الخامسة بالنيجر على النظام النصف رئاسي
الفرنسي.
وفي خلال الاقتراع الوطني لإعلان الجمهورية الخامسة بالنيجر والذي أشرف عليه
مراقبون دوليون وصفوه بالحيادية والنزاهة، وافق أبناء الشعب على إقامة الجمهورية
الخامسة للبلاد في يوليو من عام 1999 مما ساعد على إقامة انتخابات رئاسية في أكتوبر
ونوفمبر من العام نفسه فاز خلاله تحالف الحركة الوطنية للتنمية والائتلاف
الديموقراطي الاشتراكي برئاسة البلاد تحت زعامة السيد مامادو تانجي.
الجمهورية السادسة (2010 – حتى الآن)
تم الاطاحة بنظام الرئيس مامادو تانجي يوم 18/02/2010 اثر انقلاب عسكري
تزعمه العقيد سالو جيبو قائد لواء المدرعات في الجيش النيجيري حيث تم تشكيل المجلس
الأعلى لاستعادة الديموقراطية وحل جميع المؤسسات بالبلاد
Other articles in this category |
---|
النيجر في لمحة واحدة |
الجغرافيا |
التاريخ |
الثقافة |
الاقتصاد |
السياسة |
العسكري |
العلاقات الخارجية |