سيطرت تطورات الهجوم الإرهابي
على مركز حرس الحدود بواحة الفرافرة بمحافظة الوادي الجديد، واستشهاد أكثر من عشرين
ضابطا وجنديا على اهتمامات الصحف الصادرة أمس الثلاثاء 22 يوليو/تموز، مع استمرار
الصدمة والغضب واتهام الدولة بعدم الجدية في مكافحة الإرهاب، وعدم اتخاذ إجراءات
عنيفة ضد الإخوان المسلمين ومظاهراتهم كل جمعة، ونحو أعمال التخريب التي تتم بشكل
يومي، خاصة ضد أبراج وشبكات الكهرباء وتفجيرها.
كما أعلن الجيش عن بدء عملية للثأر من المشاركين في ارتكاب الحادث والمنظمات التي
تساندهم، وتتكون من عدة مراحل بدأت بمرحلة «الثأر واحد»، كما تشارك طائرات
الهليكوبتر وقوات الصاعقة في محاصرة وتمشيط المنطقة لمنع هروب أي عناصر إلى ليبيا
أو السودان. وأعلن عن نجاح الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية في القبض على احد
المشاركين في الهجوم، وهو من أبناء محافظة الوادي الجديد بعد العثور على بطاقته في
احدى السيارات التي تركها المهاجمون وفروا.
وترأس الرئيس عبد الفتاح السيسي اجتماعا وزاريا موسعا لبحث البدء بعد عيد الفطر
المبارك في خطة إضافة أربعة وعشرين ألف كيلومتر من الطرق الجديدة يتم تنفيذها على
مدى عامين، بالإضافة إلى إعادة تأهيل الطرق الموجودة وإسناد العملية إلى الشركات
العامة والخاصة، وهي وغيرها من العمليات الكبرى مثل، قيام شركة إرابتك الإماراتية
بتنفيذ مشروع المليون وحدة سكنية ومشروع إقليم قناة السويس سيحرك بسرعة قطاع
المقاولات وارتباط أكثر من مئة صناعة به. وواصل الناس متابعة المسلسلات والبرامج
التلفزيونية وأعمال مكاتب تنسيق القبول بالجامعات في المرحلة الأولى، ونجاح وزارة
التموين وجهاز الخدمة العامة بالقوات المسلحة في توفير سلع جيدة على البطاقات
التموينية وبدء حجز التذاكر على القطارات المتجهة للصعيد والوجه البحري، بسبب اجازة
العيد وإعداد ساحات الصلاة والحدائق وقيام محافظة القاهرة بإزالة الإشغالات التي
قامت بها المحلات أمام مول جنينه بحي مدينة نصر. كما نشرت الصحف اعتذار وزارة
الخارجية لشعب وملك المغرب عن الإساءة التي قامت بها مقدمة البرامج في قناة «أون تي
في» أماني الخياطي لأشقائنا المغاربة عندما قالت ان اقتصاد المغرب قائم على
الدعارة.
كما وصل إلى القاهرة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزير الخارجية
الأمريكية جون كيري لبحث وقف العدوان الإسرائيلي الوحشي ضد أشقائنا في غزة، وتأكيد
مصر بأنه لا تعديل في بنود المبادرة لأنها نفسها التي قبلتها حماس عام 2012 أيام
حكم الإخوان، وأن أي مطالب بفك الحصار سيتم بعد وقف شلال الدم. والى بعض مما
عندنا..
قدسية متخيلة لا يحاكم فيها أحد على خطأ
وإلى ردود الأفعال على المذبحة وأولها كان يوم الاثنين في «التحرير» لزميلنا
وصديقنا الفنان الموهوب حلمي التوني، الذي أخبرني أنه نزل لسماع صوت المسحراتي
فوجده امرأة تمثل مصر وهي تبكي وتعرضت لإصابات في رأسها وخدها الأيسر الجميل وهي
تدق على الطبلة وتقول:
- إصحي يا نايم وحد الدايم.
لتذكر النائمين بأنه للمرة الثانية وخلال شهرين في المكان نفسه، يتم اغتيال
أبنائها.
وما أن سمع زميلنا في «التحرير» وائل عبد الفتاح دقات الطبلة والنداء حتى صاح في
العدد نفسه قائلا وقد تملكه غضب شديد:»قتلهم الإرهاب الذي يحمل علم «القاعدة» نعرف
الآن الرواية الرسمية لكن لماذا تركت وحدة الفرافرة وحيدة من دون عناصر مدربة؟
لماذا تترك مصر كلها أسيرة للإرهاب ولخلل منظومة الأمن، من دون أن تتم محاسبة مسؤول
أو تغيير المنظومة وتعليه كفاءاتها. كل مذبحة يتم استغلالها سياسيا وهذا لم يعد يمر
على أرواح جنود الفرافرة وهم يدركون الأن أنهم كانوا عرايا من دون حماية، وهم
الموكول إليهم مهمة حماية حدود مصر.
تعرف أرواح الفرافرة أن الأمن عندنا استعراض لا تدريب ولا بناء للشخصية المقاتلة
على طريق غير الشحن المعنوي، كيف تريد من جندي لم يتدرب على ضرب النار أو كل
كفاءاته هي الاستجابة لتدريبات كسر إرادته وروحه أن يدافع عن نفسه حتى؟ وكيف تبرر
تكرار المذابح وغزوات الإرهاب، رغم أن السيسي وقبل أن يكون رئيسا حصل على تفويض
شعبي، ثم انتخب من أجل هذه المعركة، ثم تغاضى الناس عن عدم إعلانه برنامجا رئاسيا
وبرروه بقرارات عنترية حتى يشعروا بالأمان. كل هذا ولا أحد فكر في تغيير عقل
ومنظومة الأمن، بل أن أرواح الفرافرة لا تثق الآن بأنها كانت ضحية الإرهاب وحده، بل
ضحية الدفاع عن قدسية متخيلة لا يحاكم فيها أحد على خطأ، وبسبب هذه القدسية لم نعرف
حتى الآن من المسؤول عن هزيمة يونيو/حزيران 1967، ولماذا حدث بينما إسرائيل العدو
التاريخي حاسبت المسؤولين عن انهيار أسطورتها في أكتوبر/تشرين الاول 1973، ولم
تعتمد فقط على أسلوب والله زمان يا سلاحي».
ووائل يشير إلى تشكيل إسرائيل لجنة برئاسة القاضي أجرانات للتحقيق في أسباب هزيمة
القوات الإسرائيلية في بداية الحرب، وصدر التحقيق تحت عنوان التقصير. ولكنه وقع في
خطأ فادح جدا لقوله ان قدسية الجيش منعت معرفة ماذا حدث في هزيمة 1967، لأنه ألقي
القبض على عدد كبير من كبار الضباط وقادة الأسلحة، وتم تقديمهم للمحاكمة العلنية
وصدرت ضدهم أحكام لم يرض عنها الشعب، فنزل في مظاهرات غاضبة كان من نتيجتها قرار
الرئيس عبد الناصر، آسف جدا قصدي خالد الذكر، إعادة المحاكمة، وصدرت أحكام أشد كل
ذلك كان مذاعا ومنشورا علنا.
داعش الفكرة وداعش البغدادي
على الحدود المصرية
ونترك وائل في «التحرير» لنتجه إلى زميلنا في «الوطن» علاء الغطريفي الذي مد بصره
خارج حدود مصر إلى دول المغرب قائلا:»الإرهاب في المغرب العربي استهدف قبل أيام
جنودا صائمين في تونس، واليوم يستهدف مثلهم من المصريين، اذن الأفكار واحدة
والمناسبة الرمضانية تبدو يقينا تقربا من هؤلاء المتطرفين لله، حسب اعتقادهم، انها
أفكار داعش وقوتها وعدوانها، انها العصابات منحتها الظروف مساحة من الحركة شكلت
بوضوح خريطة للإرهابيين في الشمال الأفريقي، ومعها بالطبع استدعاء لأحلام داعش التي
سيطرت على مناطق في العراق، والتأسي عادة عربية وأيضا عادة عالمية، فعالمية داعش لا
تنكر، حيث الظروف مثالية، إخوان داعمون وتنظيمات إرهابية شقيقة في سيناء، وحدود
رخوة ودولة قضت على الإسلام السياسي. وهذه التنظيمات القائمة في ليبيا التي قد تكون
ضالعة في حادث الوادي الجديد مثل، أنصار الشريعة تتماشى مع أفكار داعش وإعلان
انضمامها إلى البغدادي بات قريبا، اذن داعش الفكرة وداعش البغدادي على الحدود
المصرية وجريمة الفرافرة هي بداية لحربنا مع هؤلاء، ومن ثم فإن الأمر لن يفلح معه
تأمين الحدود فحسب، بل يحتاج الى تحركات إقليمية لمصر الرسمية لتقييد الحركة وحصار
الخطر المقبل من الغرب لأنه يكفينا ما نراه في الشمال الشرقي».
الضربة الاستباقية للإرهاب هي الحل الأمثل
وفي ما يبدو نسي علاء أن هذا التعاون بين مصر ودول المغرب بدأ فعلا، وتم عقد مؤتمر
أمني في تونس، والاجتماع القادم سيكون في القاهرة، وإلى أن يتم هذا الاجتماع ويناقش
الحاضرون ماذا يفعلون بادر زميلنا في «الأهرام» عمرو عبد السميع في عموده اليومي ـ
حالة حوار ـ بشن عمليات عسكرية في ليبيا والسودان بقوله:»اننا دائما نفتقد زمام
المبادرة، يعني حين نعرف أن هناك معسكرات تدريب في ليبيا والسودان تحشد فيها عناصر
من الإرهابيين ينبغي على الفور أن أوجه ضربة استباقية، ضربة إجهاض لتلك العناصر،
سواء بالتنسيق مع حكومات الدول المعنية أو عبر العمليات السرية، ولا أنتظر أبدا حتى
تلقي ضربة تلو الأخرى، ثم أبدأ متحيرا التفكير في الرد، خاصة أن عملية إرهابية أخرى
حدثت منذ أسابيع في المكان نفسه تقريبا. خاصة أيضا أن الفضائيات المصرية الخاصة بثت
أفلاما تصور مواكب الإرهابيين في ليبيا ومعسكرات تدريبهم، وخاصة كذلك أن وكالة
رويترز أذاعت منذ أيام تحقيقا عن ان بعض مرتدي الملابس السوداء دخلوا ملثمين إلى
دكان بالسلوم ستة كيلومترات داخل الحدود المصرية وتبضعوا كثيرا وسألهم الأعرابي
صاحب الدكان بعد أن لفتته ملابسهم السوداء من أنتم فأجابوا سوف تعرفون قريبا من
نحن».
الأمن القومي المصري لن يكون
أبدا مجالا للعبث الإرهابي
وعندما علم زميلنا وصديقنا في «الأخبار» رئيس تحريرها الأسبق جلال دويدار باقتراح
عمرو القيام بعمليات عسكرية وسع من الدائرة بأن قال في يوم الاثنين نفسه في عموده
اليومي ـ خواطر:»هذه الممارسات التي تتعرض لها الدول المصرية، خاصة إذا كانت قادمة
عبر حدودنا مع هذه الدول، لابد أن تواجه بكل القوة والحزم حتى يدرك الجميع أن الأمن
القومي المصري لن يكون أبدا مجالا لمثل هذا العبث الإرهابي.
علينا ونحن نأسى لسقوط هؤلاء الشهداء الأبرار الذي جعلنا أسرى للحزن الشديد في هذه
الأيام المفترجة، أن نتذكر تعامل الزعيم الراحل أنور السادات مع عبث إرهابي مماثل،
كان قد أقدم عليه رئيس ليبيا السابق الذي قامت بتصفيته الثورة الليبية، أن السادات
ومن واقع مسؤوليته على أمن واستقرار الوطن المصري أصدر تعليماته إلى القوات الخاصة
المصرية باستهداف وردع مواقع الإرهاب داخل الأراضي الليبية. استطاعت هذه الحملة
التأديبية العسكرية التي اضطلعت بالمهمة، التي تكلفت بها أن تتوغل داخل الأراضي
الليبية، حيث كانت تنوي على أن تقوم بأسر القذافي وأعوانه الذين كانوا وراء هذه
الأعمال التخريبية الإجرامية، التي كانت تستهدف إرهابنا، ثم وضع نهاية لهذه
الممارسات ووقفها بوساطة وتدخل الرئيس الجزائري الراحل بومدين. ليس خافيا أن وراء
هذا الحادث الإرهابي الذي شهدته منطقة الفرافرة عملية غدر، صحبها وللأسف إهمال
وتهاون من جانبنا».
الدعشنة والصهينة تتنامى
بلا خجل داخل مجتمع النخب
ومما كتبه محمود سلطان رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة «المصريون» الاسبوعية نقرأ:»
حادث «الفرافرة».. عمل خسيس لا علاقة له لا بدين ولا بضمير ولا بأخلاق.. ولقد صُدمت
بما صدر من «مصريين» هاربين خارج البلاد، من شماتة وسباب في الجيش المصري. المصاب
جلل.. ومع ذلك طلت على مواقع التواصل الاجتماعي، وجوه وأسماء متبلدة المشاعر،
يحملون ـ للأسف الشديد ـ ألقابا من المفترض أن لها في الضمير الديني منزلة التوقير
والاحترام… ما حدث في الوادي الجديد، كان مفجعا ومؤلما، لا يفرح له إلا من كان هواه
مع داعش والقاعدة وأنصار بيت المقدس.. ولا يعرف معنى لوطن ولا لمؤسسة وطنية.. ولم
يخالط قلبه إلا الحقد والكراهية ولا يغضب لله ولا لبلده ولا لوطنه.. وإنما يغضب فقط
لمصالحه ولحزبه ولتنظيمه ولجماعته. كذلك.. كل من ابتهج بالعدوان الإسرائيلي على
قطاع غزة، فهو كالأنعام وأضل سبيلا، فالبهائم ـ على الأقل ـ تحس وتشعر وتتألم.. ولا
يمكن إدراج «الليكوديين» المصريين الموجودين في الإعلام وفي الصحافة الآن، إلا في
قائمة أقل تصنيفا في التطور البيولوجي.. فهم محض «كائنات» تتطفل على الجثث وعلى
الدم.. ولا تعيش ولا تنمو إلا على الحروب والفتن.. وتتلذذ برؤية جثث النساء
والأطفال وهي تُرفع من تحت أنقاض الأبنية المدمرة. كل من فرح في مقتل الـ 22 ضابطا
وجنديا في حادث «الفرافرة».. فهو «إرهابي» داعشي الأصل وقاعدي النسب.. وكل من يشمت
في الفلسطينيين وهم يذبحون بلا رحمة أمام العالم كله فهو «إسرائيلي» و»صهيوني»..
ولو حمل هوية مصرية وزعم أنه مسلم موحد بالله. الطبطبة في أمهات القضايا الوطنية لا
تنفع بل هي تواطؤ ومشاركة وتغطية على المجرمين وتشجيعا لهم.. والمواءمات السياسية
وجبر الخواطر في مثل هذه القضايا «مياعة» تجعل من ثقافة «قطع الرؤوس» خلافا
سياسيا.. ولا يمكن بحال أن تكون الجرائم والشماتة في قتل المصريين «حرية رأي». بعض
القضايا الدقيقة والحساسة التي تتسم ببعدها الوطني المحض، لا تقبل «الحياد»
بشأنها.. فإما أن تكون مع أو ضد: فإذا خير المصريون بين جيشهم الوطني وأي تنظيم أو
حزب او جماعة أخرى فلا خيار آخر إلا الانحياز للجيش.. وكذلك لا يقبل الحياد حال خير
العرب والمسلمون ـ ومن بينهم المصريون بالطبع ـ بين حماس أو الصهاينة. يبدو لي أنه
قد بات ملحا مواجهة ظاهرة «الدعشنة».. و»الصهينة» التي تتنامى بشكل فظ وفج وبلا خجل
داخل مجتمع النخب السياسية والثقافية والصحـــــافية والإعلاميــــة في مصر.. لأنها
تشكل سلسلة لا نهاية لها من الأنفاق التي تســـهل التســــلل إلى المجـــــتمع
وتفخيخه.. وتحـــــويل مصر إلى دولــــة «مرمتون» تستجدي وجودها ووحدتها بالخدمة في
بيوت دول إقليمية أقل قيـــــمة وقــــامة منها».
العمليات الإرهابية تهز هيبة القوات المسلحة
أما في «وفد» الاثنين فقد طالب زميلنا علاء عريبي بالتحقيق مع القيادات العسكرية
المسؤولة بقوله: «قبل شهر عند وقوع مذبحة الفرافرة الأولى طالبت بأن تغير القيادات
والخطط ونوعية السلاح بهذه المنطقة، ما حدث في الفرافرة يجب ألا يمر من دون مساءلة،
ويجب التحقيق مع جميع المسؤولين عن هذه المجزرة البشعة وكل من أهملوا في أداء
وظيفتهم. كان يجب توفير المعلومات الكافية عن هؤلاء الأفراد الذين نفذوا الجريمة،
وكان يجب وضع خطة تأمينية ومراقبة على الطرق والمدقات التي تؤدي لموقع الحادث، وإلى
أي موقع مماثل. وكان يجب على قائد حرس الحدود أن يعيد النظر في تسليح وأفراد وتدريب
الكتيبة، وكان عليه أن يدعم المنطقة بالتنسيق مع رئيس المنطقة الجنوبية بفرق
استطلاع ومراقبة.
المجزرة التي راح ضحيتها واحد وعشرون من شبابنا الضباط والمجندين ليست خسائرها في
الدماء النفيسة والطاهرة والشابة فقط، بل خسائرها في صورة وهيبة قواتنا المسلحة
نتيجة لتكرار الأخطاء نفسها بالسيناريو نفسه. القوات المسلحة المصرية أكبر بكثير من
هؤلاء الفاشلين الذين يؤدي استمرارهم إلى هز هيبة قواتنا وسوف يجعلها مطمعا لمجموعة
من السفلة الكفرة».
العمليات الإرهابية تهدف
جر الجيش لحرب عصابات
ثم نغادر «الوفد» إلى «اليوم السابع» لنكون مع زميلنا عادل السنهوري وقوله:»علينا
أن نقرأ بدقة ووعي وإدراك واسع لمغزى العملية الإرهابية الأخيرة في واحة الفرافرة،
التي تتعرض للمرة الثانية في أقل من شهر لهجوم إرهابي، فالمحاولات لن تتوقف لفتح
جبهات أخرى أمام الجيش المصري لتشتيته وإرهاقه، وجره إلى حرب عصابات وجماعات
تكفيرية في ليبيا وفي سيناء، بعيدا عن مهامه الأساسية في الداخل لحماية مؤسسات
الدولة الدستورية والسياسية، والمشاركة في عملية التنمية، وفي الخارج لحماية حدود
الوطن من الإرهابيين والغزاة.
نحن أمام حرب حقيقية الآن أبطالها معروفون، وهم الذين يحركون خيوط المعركة ضد مصر
وجيشها، وعلى الشعب المصري أن يدرك تلك الحقيقة، والاستمرار في الوقوف خلف جيشه
وشرطته والحفاظ على التماسك والانتباه لكل محاولات بث الفرقة والفتنة والشائعات
المغرضة من جماعة الإرهاب الكارهة لكل ما هو مصري ووطني. الصورة باتت واضحة تماما
والجيش المصري يخوض حرب البقاء والحفاظ على الدولة، فعليه أن يظهر غضبه وشراسته
ويضرب بقوة لقطع أذرع الإرهاب في الداخل وحتى في الخارج».
لماذا لا يتم تسليح الأكمنة بالأسلحة الثقيلة؟
أما رأي زميله عبد الفتاح عبد المنعم فكان في العدد ذاته والصفحة ذاتها وهو:»السؤال
الآن إلى متى ستظل قواتنا، سواء في الجيش أو الشرطة عرضه للإرهاب الأسود، ولماذا لا
يتم تسليح هذه الأكمنة بالأسلحة الثقيلة حتى لا نفاجأ بتكرار كارثة كمين الفرافرة؟
ولماذا لم يستخدم الطيران لحماية هذا الكمين؟ والحقيقة أن لدي العديد من الأسئلة
المشروعة وغير المشروعة لحل لغز هذا الحادث، الذي يجب ألا يمر مرور الكرام، ويجب أن
تكون هناك وقفة حقيقية وتحقيقات جادة لعدم تسليح هذه الأكمنة بكل أنواع الأسلحة
الثقيلة والخفيفة والمتوسطة، حتى لا نصحو في يوم أسود مثل السبت الماضي على جريمة
جديدة لا تختلف في بشاعتها عن مجزرتي رفح الأولى والثانية التي وقعت أيضا في شهر
الصيام».
انتقادات تضر بالروح
المعنوية للقوات المسلحة
ولكن جاء رد «الأهرام» في اليوم التالى الثلاثاء عنيفا جدا على مهاجمي الجيش، فقد
نشرت في صفحتها الأولى تعليقا عنوانه «معركة الوطن» قالت فيه:»تابعنا خلال الساعات
التالية لهجوم الوادي الجديد الإرهابي ظهور العديد ممن يطلقون على أنفسهم خبراء في
وسائل الإعلام وإصدارهم فتاوى وانتقادات تصب كلها في خانة الإضرار بالروح المعنوية
للقوات المسلحة وان راجعت احدهم يتحجج بحرية الرأي وحق التعبير، ناسيا أن ذلك يمثل
نوعا من الخيانة غير المقبولة في زمن الحرب. نعم نحن في زمن حرب، وفي الحروب لا
يقبل سوى أحد أمرين، إما أنك مع البلد وإما تقف على الجهة المناوئة له فليس هناك
خيار ثالث، وعلى أصحاب العقول الراجحة المفاضلة بين هذين الخيارين، يزيد على هذا أن
حرية التعبير لها ضوابط وحدود لا يجب تخطيها، ولننظر إلى ما تفعله البلدان
الأوروبية والولايات المتحدة مع الإعلاميين الذين يشطون في آرائهم بصورة تؤثر على
الروح المعنوية للجيش والدولة، فلا تهاون ولا إنصات للحجج الواهية، بل مواجهة حاسمة
حازمة، فلا يصح وضع اليد على حافة الخطر مهما تكن الذرائع والمبررات، ثم لماذا
يتغافل هؤلاء عن حقيقة أن المعارك لها خسائرها البشرية. أيضا لماذا يتغافلون عن أن
القوات المصرية تحتل المرتبة الثالثة عشرة بين جيوش العالم، التي تحارب الإرهاب على
ثلاث جبهات صعبة، في الجنوب والغرب والشرق، ومع هذا لم تقصر في واجباتها
والتزاماتها في تأمين الداخل وقت الانتخابات الرئاسية على سبيل المثال، وانتشارها
في 26 محافظة ومشاركتها في مناورات من دون أن يخل ذلك بمهامها الداخلية.
إن النخبة السياسية والإعلامية مدعوة إلى حوار جاد عميق وقت العبث والانفلات
المستشري في المنظومة الإعلامية حفاظا على المصلحة العامة وإذا تقاعست عن القيام
بهذا الدور فلا بديل عن اضطلاع الدولة بمهمة حماية الأمن القومي من عبث العابثين».
سياسة العطاء أصبحت أثرا بعد عين
ولا تزال الخلافات مستمرة حول قضية السيسي وتبرعات رجال الأعمال لصندوق تحيا مصر
التي قال عنها يوم الأحد زميلنا في «الأهرام» الدكتور سعيد اللاوندي: «تبرع رئيس
الدولة بنصف راتبه ونصف ما ورثه عن والده يرحمه الله، واقتدى به رئيس مجلس الوزراء
وعدد محدود من رجال الأعمال المصريين ونفر قليل من المواطنين، وكان الأمل معقودا
على عدد من الإعلاميين الذين تبلغ رواتبهم الملايين، ثم كبار الموظفين الذين انتفخت
أوداجهم من كثرة الغنى ومديري الشركات والهيئات والمؤسسات وما أكثرهم، لكن شيئا من
ذلك لم يحدث، والسبب هو غياب ثقافة التبرع، والأهم أن الانتماء لمصر لا يعرفه هؤلاء
أو يعرفونه ولكن بشكل مغلوط، وحسب علمي انها المرة الأولى في العالم التي يتبرع
فيها رئيس دولة بنصف ميراثه عن والده وكل ما يملك من أجل مصر، ويذهب لفتح حساب
ويسلم حقيبة يده التي بها الأموال ثم يعود إلى مكتبه في رئاسة الجمهورية.
انني أخشى أن أقول لو كان هذا التبرع تم في دولة أخرى وبين فئات شعب أخر لكان هناك
رد فعل مختلف، لكن يبدو أن رئيس الدولة يزرع مفاهيم في غير أرضها، ولذلك غض البعض
الطرف عما فعل مع أنه قمة في الوطنية والخيرية وحب مصر، وهي مفاهيم غابت تماما عن
قلوب وعقول الكثيرين الذين لا هم لهم سوى الأخذ من مصر وتكوين الثروات والإرسال بها
إلى الخارج. أرض مصر من الجيل الحالي لا تعرف إلا سياسة الأخذ، أما سياسة العطاء
فلقد أصبحت أثرا بعد عين، نحن في حاجة إلى تذكر تاريخنا العريق في مجال ثقافة
التبرع، فمستشفى المواساة في الإسكندرية تبرع به أحد المورثين، وكلية قصر العيني
تبرع بها العيني باشا، أما كلية الآداب بجامعة القاهرة فكانت أرضا فضاء تبرعت بها
الأميرة فاطمة بنت إسماعيل، إذن نحن بحاجة إلى استرجاع ثقافة التبرع التي غابت
وكانت الأساس في المشاريع القومية الكبرى مثل، مشروع القرش ومشروع الحفاة ومشروع
الطربوش. ما فعله الرئيس السيسي يتماشى تماما مع روح مصر وما عدم اهتمام الجيل
الحالي من شعب مصر إلا سحابة صيف، وسوف يثوب هؤلاء المقتدرين إلى رشدهم، لأن مصر هي
الأبقى وما ينفع الناس هو ما يمكث في الأرض».
وفي الحقيقة فإن الأميرة فاطمة ابنة إسماعيل باعت أيضا مجوهراتها للصرف على الجامعة
الأهلية التي تحولت إلى جامعة فؤاد، نسبة إلى الملك فؤاد والد الملك فاروق التي
سميت بعد ذلك باسم جامعة القاهرة بعد ثورة 23 يوليو /تموز سنة 1952 والإطاحة
بالنظام الملكي.
رجل أعمال في موضع المسؤولية
لن يرضى أن يتوقف ما بدأه
المهم أنه في اليوم نفسه فإن زميلتنا الجميلة في «الوفد» نيفين ياسين أخبرتنا أنها
غيرت رأيها في رئاسة رجال الأعمال لصندوق تحيا مصر وقالت:»أثار تشكيل اللجنة الخاصة
بإدارة أموال صندوق «تحيا مصر» الكثير من التساؤلات منذ اللحظة الأولى لإعلانه،
خاصة اختيار رجال الأعمال، فقد أعتقد البعض أن هذا التشكيل يجسد ما تردد حول نجاح
لوبي ضغط رجال الأعمال على الرئيس في فرض سيطرتهم ونفوذهم من جديد بالشكل نفسه الذي
كان مع الأنظمة السابقة، خاصة أن بعضهم اصطدم حديثه وآراؤه مع الرئيس خلال اجتماعه
بهم. ومنهم من بدأ يستخدم درع الحماية الخاص به مما يملكه من وسائل إعلام مقروءة
ومرئية للضرب تحت الحزام، وتوجيه انتقاد لاذع لمؤسسة الرئاسة وبعض قرارات الرئيس،
من خلال مجموعة معينة من كتاب المقالات أو من خلال بعض برامج التوك شو. وفي ما بين
هذا وذاك كان سجال الحرب واضحا للجميع، وإن كان غير معلن وجاء تشكيل اللجنة ليطرح
الكثير من التساؤلات ويضع العديد من علامات الاستفهام والحقيقة أنني كنت واحدة ممن
استنكروا هذا التشكيل في بدايته إلا أنني وبعد عدة جلسات نقاشية وحوارية مع بعض
النخب وكذا المصادر في موقع المسؤولية توصلت لرد على بعض هذه الأسئلة أهمها:
ان صاحب المال سيكون الأصلح لإدارة أمواله ووضعها في مكانها الصحيح، لتحقيق أفضل
استفادة منها بما يرجع عليه بالفضل والشكر وتسجيل ما فعله في ذاكرة الوطن شعبا
وحكومة.
ثانيا في اختيار هذه الشخصيات مصلحة كبيرة للتأكد من استكمال المشروعات التي ستقرها
اللجنة، فلن يرضى رجل أعمال في موضع المسؤولية أن يتوقف ما بدأه، أو أن يوصف
بالفشل، لذا سيعمل المستحيل ويذلل كل العقبات لينجح في مهمته، ولو استدعى الأمر ضخه
المزيد من الأموال في الصندوق».
القدس العربي
Navigate through the articles | |
كيري يعود للقاهرة اثر زيارته تل ابيب، ماذا يريد؟ | حركة «تمرد» ستدخل مع عمرو موسى في تحالف الأمة المصرية |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|