بعدما تحولت ليبيا الى غابة .. يأكل فيها
القوي الضعيف ، ويحكمها العسف وتسيطر عليها لغة السلاح ودين السلاح وسلطة السلاح ..
وتستقوي فيها الشرعية بالبطش والارهاب ويتسلق فيها رواد ومدمنو النهب والاختلاس على
رقاب الطيبين والمظلومين .. بعد كل هذا لازال يتشدق البعض بالقانون والجائز
والمفترض وهم يمارسون العسف بشرعيتهم المغتصبة قهراً وزيفاً .. ويتحدثون عن
الدستورية وما تنص عليه لوائحهم المفبركة ..!
نخبوياً أعلن الليبيون افلاسهم .. وافتضحوا بنواياهم وانساقوا طائعين لتحقيق رؤى
وتنبؤات القذافين « الصغير والكبير « .. فارتهنت كل عصبة وعصابة الى تاريخها المحشو
بالاكاذيب والخيالات وجدد زمن الخلافات البغيضة « خلافات العقد الثاني والثالث
للقرن العشرين « .. وشرد الليبيون وصارت طرابلس « حفرة دم واحقاد « .. واضحى
الليبيون لاجئين على الاراضي التونسية. بعضهم يتوسد الملايين ويهنأ بالمقام الطيب ،
وبعضهم يبيع مجوهرات نسائه ويقاسي حياة التقشف والجوع والاذلال صبراً على مآسي
اصطنعها سلطويون يسودهم النهم لم يقبلوا مغادرة السلطة وفضلوا أن تسكب دماء
الليبيين وتنتهك اعراضهم وتفجع نسائهم على الامتثال لحق ارادة الشعب وارتضاه ..!!
الاعلان الدستوري حجة صنعها البعض وهو مليء بالنواقص والاخطاء والشبهات في التأويل
والفهم ، ووضع ليكون له ألف تفسير ويساير أهواء من وضعوه ليحكموا ويسرقوا وينهبوا
بسلطانه .. وخلو المجلس الانتقالي من سلطة قضائية تحاسب اعضاءه وتجرمهم أو تدينهم
سنة اتبعها المؤتمر الوطني فظلت كل جرائم اعضائه بمنأى عن المحاسبة أو التحقيق
واختبأوا وراء حصاناتهم « المؤلهة « و واستعانوا بالشيطان على ابناء وطنهم الذين
انتخبوهم في غفلة او مخدوعين بنقائهم الزائف .. وظهرت علينا اليوم قنوات واعلاميون
يصدحون بجرائم المؤتمر التي اغفلوها في حينها واستخدموها الان كوسيلة للادانة وغسيل
وسخ جاء وقت نشره لتحقيق مآربهم الخاصة وليس للدفاع عن مظلومين تجرعوا الظلم أمام
اعينهم ولم ينبسوا حينها بقول ..!
التجارة بليبيا غاية للجميع .. بلا استثناء ..!
القبلية التي يهتف بها الجميع عدو الدولة الاول .. فالقبلية النقيض الحقيقي للعدالة
الاجتماعية والقانون .. وبراءة الليبيين جعلتهم يحولون عاصمتهم المدنية الي قبائل
وتجمعات ولائية احبطت فرص نجاحها ونجاتهم من مراهقات امراء الحرب المؤدلجين ،
والعودة الى سيناريو القبلية جريمة ستضعنا في مأزق يستمر لعقود وسيدفع ليبيون كثر
ثمن ذلك من حياتهم، فاستبدال قبيلة مكان اخرى .. أو أمراء حرب مكان آخرين لن يكون
حلا لازمة ليبيا .. فلكل قبيلة حلفاء وغرماء ، وحيازة أي قبيلة للسلطة وسطوتها على
السلطويين ستجعل من ابنائها ملوك ليبيا وسادتها والمتصرفين باعمالها واداراتها
دوناً عن الاخرين .. وستغدو القيمة والمعيار هو الانتماء القبلي وليس الكفاءة
والجودة .. ولن نكون ساذجين لنؤمن أن هنالك « ملائكة ليبيون « سيفضلون سواهم علي
ابنائهم وجنودهم القبليين .. فلا تعودوا للغفلة طائعين أو خائفين.
تدخل قوات دولية هو الحل الامثل اليوم لكسر شوكة المليشيات العصابية ونزع اسلحتها
وتجريم افعالها ومحاسبتها على ما تسببت به من اضرار للوطن واهله بلا استثناء ..
واللجوء الى الفيدرالية سيكون هو الحل الوحيد لاستقرار اللـيبيين الى جانب تكوين
حكومات محلية مدنية تقوم بتسيير متطلبات المواطنين وتوفر احتياجاتهم بشرط الاحتكام
الى سلطة قضائية مستقلة ومدعومة بالقوات الدولية لتتمكن من محاسبة المجرمين وتعويض
المتضررين واسترجاع حقوق المظلومين والمشردين داخل ليبيا وخارجها ..!
بلا شك .. التوجه الى المستقبل عبر بوابات القانون وسبله سيكون عسيرا وطويلا لكثرة
المظالم وتنوعها .. وللكم الرهيب من الجرائم الانسانية المرتكبة في كل المدن
الليبية من قبل المليشيات او من قبل السلطات المحلية « مشبوهة الشرعية « ومن قبل
المجلس الانتقالي والمؤتمر الوطني ..
فالليبيون كلهم ظلمة وكلهم مظلومون في آن واحد ..!!
لعل السبيل الامثل الى التقدم نحو المستقبل هو اعلان وفاق وطني شامل يتحقق فيه
الرضا ، وتوضع له وثيقة تفصيلية تتعرض لجميع الاحداث وتبين المذنبين فيها ، وتدعم
فيها العدالة الاجتماعية وتضطهد فيه القبلية المعيقة لبناء ليبيا دولة المساواة
والعدل والقانون ..!
أما .. مجلس النواب فملقاة على عاتقه مسؤوليات كبيرة ليست له الامكانيات او القدرة
على انجازها .. ووجوده كمطبعة لوضع القرارات واستخراج الادانات والشجب وصرف الاموال
على اعضائه ومنحهم الحصانات لتمرير مصالحهم وتكديس الاموال سيكون بمثابة اعادة
سيناريو المؤتمر الوطني .. فمجلس النواب بدون حكومة قادرة على اداء مهامها لا فائدة
منه .. وعليه ان يتخذ اهم القرارات في جلساته الاولى ويقوم بتشكيل هيئة قضائية
دستورية عليا مستقلة مختصة بمراجعة قراراته ومحاسبة اعضائه ونزع الحصانات عنهم في
حالة وجود شبهات قانونية حول استغلالهم للسلطة او أي جرائم اخرى ، ويشكل أيضاً
محكمة مختصة بمحاسبة اعضاء المجلس الانتقالي واعضاء المؤتمر الوطني وابراء ذممهم أو
تجريمهم بشرط نشر تقارير مفصلة مستندة الي دلائل ووثائق عن كل اعمال المجلس
الانتقالي والمؤتمر الوطني وتقوم بانشاء قانون لعزل المدانين منهم سياسياً وادارياً
.. وأن يعلن الغاء الاعلان الدستوري واجراء تعديلات قانونية سريعة على دستور « 1963
« واعتباره دستورا للبلاد الي حين الاستفتاء على دستور جديد .. وأن يسعى الي تدعيم
السلطة التشريعية بتأسيس مجلس شيوخ يهتم اعضاؤه بالمشكلات المحلية ويدعمون سلطة
البرلمان ويصححوا اخطاءه أن حدثت ..!
الأجدر أن نستفيد من فوضى السنوات الثلاث .. ولنؤمن أن اصلاح واستقرار ليبيا مهمتنا
.. وأن اكتشاف الاخطاء واعلانها بداية الطريقة نحو الاصلاح .. ولتكن الشفافية شعار
البناء .. والصلح جوهر الاصلاح ..!
القدس العربي
Navigate through the articles | |
حقوقيون مغاربة يناشدون الدولة التدخل لإنقاذ حياة طالب يساري معتقل من الموت | مصر وخطب الرؤساء الموزونة |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|