شكك خبراء ومحللون ليبيون في قدرة حكومة
بلادهم على الإيفاء بتعهدها في تقديم أية ضمانات لتأمين مطاري معيتيقة ومصراتة
اللذان ألغت السلطات المصرية والتونسية الرحلات المتجهة منهما وإليهما، خصوصا وأن
المطارين لا يخضعان بتاتا لسيطرة الحكومة، بحسب الخبراء ذاتهم. وتعهدت الحكومة
الليبية المؤقتة للسلطات المصرية والتونسية بتقديم كافة الضمانات لهذين البلدين
المجاورين لليبيا لإعادة فتح المجال الجوي على هذه المطارات الليبية في أعقاب قرار
القاهرة وتونس ألغاء معظم الرحلات المتجهة إلى ليبيا والقادمة منها. وقالت الحكومة
في بيان لها الليلة الماضية إنها "تلقت قرار السلطات المختصة في دولتي تونس ومصر
الشقيقتين بشأن إيقاف استقبال الرحلات من مطاري معيتيقة ومصراتة على اساس تعدد
الاختراقات الأمنية في المطارين المعنيين حفاظا لأمنهما القومي".
لكن السلطات التونسية قالت إن قرارها هذا جاء "كإجراء وقائي" بسبب "كثرة وتضارب
المعلومات المتعلقة بالوضع الأمني في المطارات المذكورة" إضافة إلى مطار مدينة سرت،
فيما لم تعلن السلطات المصرية رسميا حتى مساء أمس الجمعة هذا القرار. وقال مصدر
ملاحي مصري إن "ذات المطارات شملها قرار منع الرحلات من مطار العاصمة المصرية
القاهرة فقط". وقال المراقب الجوي الليبي محمد سعد إن "تونس أبلغت السلطات الليبية
فعليا بالقرار فيما تستعد طائرة ليبية للمغادرة من مطار معيتيقة مساء اليوم الجمعة
في اتجاه مطار برج العرب في مدينة الإسكندرية المصرية". ولا يخضع مطار معيتيقة (30
كلم شرق طرابلس) وهو قاعدة مزدوجة للطيران المدني والعسكري لسيطرة الحكومة المؤقتة،
إذ تسيطر عليه منذ إعلان تحرير ليبيا من قبضة نظام القذافي في العام 2011 ميليشيات
إسلامية. وفي 25 يوليو السابق منعت مجموعات مسلحة تسيطر على مطار معيتيقة، رئيس
الحكومة الليبية المؤقتة عبدالله الثني، وعدد من أعضاء حكومته من السفر عبر المطار
إلى مدينة طبرق شرق البلاد.وفي حينها قالت الحكومة في بيان إن الواقعة تعد "انتهاكا
لشرعية الدولة"، وأضافت أن "ذلك يؤكد أن "مطار معيتيقة خارج سلطة الدولة". ومطار
معيتيقة الذي يقع داخل قاعدة عسكرية وكان يستخدم غالبا لرحلات الشخصيات المهمة أو
العسكرية وأصبح يسيطر عليه المسلحون الإسلاميون أعيد فتحه من خلال السلطات في أواخر
شهر يوليو الماضي لتعويض إغلاق مطار طرابلس الذي أصيبت منشآته بأضرار بالغة، ودمرت
عشرات الطائرات الرابضة بمدرجاته أثناء معارك عنيفة. ومطار مدينة مصراتة (200 كلم
شرق طرابلس) يقع تحت سيطرة كتائب المدينة المتحالفة مع الاسلاميين، وإن كانت شكليا
منضمة إلى مؤسسات الدولة، لكنها باتت تفرض قانونها الخاص منذ انتصارها على قوات
القذافي في الحرب التي اندلعت في أعقاب ثورة 17 فبراير 2011. وتعارض ميليشيات مدينة
مصراتة والمتحالفون معها من الإسلاميين سلطتي الدولة التشريعية والتنفيذية
لاتهامهما بدعم كتائب الزنتان (جنوب غرب طرابلس) المتحالفة مع "الوطنيين
والليبراليين" في مختلف ربوع البلاد، والتي تلقى تأييدا من اللواء المتقاعد خليفة
حفتر الذي يشن عملية عسكرية منذ شهر مايو الماضي ضد الإسلاميين. وقال المحلل
السياسي عادل خطاب "كيف لحكومة لا تستطيع التحرك بطائرتها الخاصة عبر هذه المطارات
من التعهد بتأمينها دون أدنى سلطة عليها". وأضاف "أن بيان الحكومة مضطرب، فلم نرى
إعلانا رسميا من السلطات المصرية بالقرار، وكذلك يعزز الاتهامات بأن الحكومة لا تقف
على مسافة واحدة من الجميع، وأنها هي من طلبت الإجراء فيما لو صح من سلطات البلدين
الجارين".
وأوضح أن "مناطق شرق طرابلس بما فيها مصراتة ضاق عليها الخناق خصوصا وأن معظم
الجرحى من هذه المناطق والمشاركين في القتال الدائر في طرابلس وفي بنغازي يغادرون
للعلاج إلى تونس عبر مطاري مصراتة ومعيتيقة". ويقول مقاتلوا مصراتة وحلفائهم إن
القرار جاء بناء على توصيات لوزير المواصلات والنقل الليبي عبدالقادر أحمد المنتمي
إلى قبيلة الزنتان، بحسب ما قالت وسائل إعلام موالية لهؤلاء المقاتلين وحلفائهم.
وبرر خطاب شكوكه هذه ب"إغلاق الحكومة لقناتين تلفزيونيتين تابعتين للحكومة
والبرلمان يدعمان مصراتة وحلفائها"، قالت الحكومة إن "قرار إغلاقهما جاء بسبب سيطرة
ميليشيات عليهما وتغيير نهجهما الذي أصبح يحرض على العنف". لكن حسن هاشم خبير أمن
المطارات قال ل((شينخوا)) إن "سلطات تونس التي أعلنت عن قرارها رسميا وكذلك ربما في
القاهرة يرفضون التعامل مع الإسلاميين وبعض الميليشيات الجهوية المسيطرة على هذه
المطارات تخوفا من أي عمل إرهابي أو اختراق أمني".
ورأى أن "إعلان دول جوار ليبيا مخاوفها من أية أعمال إرهابية منطلقة من ليبيا على
غرار تلك التي حدثت في العام 2001 في الولايات المتحدة، خصوصا بعد اختفاء طائرات
مدنية من مطار طرابلس الدولي بعد الحرب الدائرة حوله، قد يكون السبب وراء القرار
التونسي وربما المصري كذلك". ومطار مدينة سرت (500 كلم شرق طرابلس) مغلق فعليا إثر
اشتباكات مسلحة جرت في محيطه بين فيدراليو إقليم برقة شرق ليبيا ومقاتلوا مدينة
مصراتة منذ شهر مارس الماضي، فيما أغلق أيضا مطار بنينا الدولي في مدينة بنغازي
ثاني أكبر المطارات الليبية بسبب اشتباكات بين قوات حفتر وجهاديو مجلس شورى ثوار
بنغازي للسيطرة عليه.وكانت السلطات التونسية قالت إن الربط الجوي بين تونس وليبيا
سيكون متواصل عبر مطاري لبرق (1250 كلم شرق طرابلس) وطبرق (1600 كلم شرق) وهي
مطارات ما تزال خاضعة للحكومة التي نقلت مقرها من العاصمة إلى مدينة البيضاء (1200
كلم شرق) بسبب أعمال العنف. ويأتي قرار الاغلاق الجزئي للمجال الجوي الليبي بعد
أيام من إعلان الحكومة في طرابلس أن طائرات حربية مجهولة الهوية هاجمت مواقع
لجماعات مسلحة في العاصمة.
ليبيا المستقبل
Navigate through the articles | |
الحكومة القطرية تمنح المغرب هبة بقيمة 136 مليون دولار | نشطاء صوماليون ينددون بالقبلية ويطالبون بالوحدة الوطنية |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|