بعد أن تأكد خبر مقتل زعيم حركة الشباب أحمد عبدي غوداني في غارة جوية نفذتها الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، اعتبر زعماء دينيون ومحللون ومراقبون أن الجماعة المتشددة لن تدوم طويلاً وأنها ستنهار وستستلم في الحرب التي تشنها في الصومال.
وأكدت الحكومة الأميركية يوم الجمعة، 5
أيلول/سبتمبر، أن غوداني المعروف أيضاً باسم مختار أبو الزبير قُتل في هجوم جوي
نفذته القوات الأميركية في منطقة شابيلي السفلى on September 1st.
وبعد تأكدها من مقتل زعيمها، عيّنت الشباب أحمد عمر المعروف أيضاً باسم أبو عبيدة
زعيماً جديداً لها، حسبما ذكر المتحدث باسم الحركة، علي محمد راجي، في تسجيل صوتي
بُث على المواقع التابعة للحركة يوم السبت، 6 أيلول/سبتمبر.
وقال راجي إن "القيادة تجدد ولائها لمجاهدي القاعدة".
وهددت الحركة بالاستمرار في حربها في الصومال وفي الجهاد الذي تخوضه حول العالم.
وتابع راجي "لن يتأثر الجهاد بمقتل أبو الزبير. فعلى عكس ذلك، سوف يزداد زخماً.
ديننا لا يمثل أيديولوجية شخص واحد تختفي عندما يموت ذلك الشخص. ثمة آلاف المجاهدين
الذين تدربوا على يد أبو الزبير. اعلموا أننا سننتقم وعاجلاً أم آجلاً سترون عواقب
الإجراء الذي اتخذتموه".
غوداني "الدكتاتور"
في هذا الإطار، قال نائب رئيس الجمعية الصومالية للشيوخ المسلمين، الشيخ نور بارود
غورهان، إن مقتل غوداني سيحلّ قريباً المشاكل التي تتسبب بها الشباب والقاعدة في
الصومال.
وأوضح في حديث لصباحي "كان غوداني دكتاتوراً وما من تسلسل هرمي في النظام
الدكتاتوري. كان يسيطر بشكل مباشر على كل فروع الشباب. وبالتالي، عندما يتم القضاء
على زعيم مثل هذا النظام، يزول النظام. برأيي ستواجه الشباب خسائر فادحة على أثر
مقتل غوداني".
وأضاف أن جهاز الأمنيات وهو أحد فروع الحركة المؤلف من موالين متشددين، كان ينفذ
عمليات ذبح بأوامر مباشرة من غوداني. وكان فريق النخبة هذا من قتل أيضاً بتعليمات
من غوداني العديد من الزعماء الذين كانوا خلفة محتملين للزعيم المذكور، ومنهم
ابراهيم الأفغاني ومعلم برهان، وقد أجبرت ممارسات هذا الفريق آخرين كمختار علي روبو
وحسن ضاهر أويس إلى الهرب والإستسلام للحكومة الصومالية.
ومع أنه لا تُعرف أمور كثيرة عن الزعيم الجديد، إلا أن غورهان رجّح ألا تكون لديه
الشخصية والمهارات اللازمة لقيادة الشباب بصورة فعالة.
وقال "إنه حتماً لن يكون قادراً على المحافظة على وحدة الحركة كما فعل غوداني.
كذلك، من الممكن ألا يكون الكثيرون ضمن الحركة راضين عن الزعيم الجديد، مما قد يؤدي
إلى إنشقاق مجموعات عن الشباب".
حركة الشباب ستنهار
من جهته، رجّح أيضاً عمر ضاهر شيخ عبد الرحمن، مدير مركز الإعتدال والحوار بمقديشو،
ألا يكون زعيم الشباب الجديد على المستوى نفسه الذي كان عليه غوداني.
وقال لصباحي "لا أعرف لماذا تم اختيار الزعيم الجديد. قيل لي إنه كان مساعد غوداني
ولكنه لن يتمكن أبداً من أن [يتحلى] بمهارات غوداني ورؤيته وطريقة قيادته للحركة.
لا أعتقد حتى أن لديه الفكر المتشدد الذي كان [يُميّز] غوداني".
وأضاف عبد الرحمن "كان غوداني زعيماً قاسياً يستطيع إغراء وإقناع الناس بالشعر أو
الخطب. لا أحد يستطيع أن يحل محله".
وذكر "على الأرجح أن الحركة ستنهار. كثيرون هم من كانوا يريدون الانشقاق عنها
ولكنهم كانوا خائفين من أن يقتلهم غوداني. وتتألف الشباب بشكل أساسي من شبان مضللين
ومن مجرمين [سابقين] وأشخاص لم ينجحوا في حياتهم واعتبروا [الشباب] بديلاً أفضل".
وأشار عبد الرحمن إلى أنه إضافة إلى فقدان الحركة قائداً روحياً، خسرت قائداً
عسكرياً كان محترماً جداً.
وقال لصباحي "عندما يُقتل قائد قوة ما، يصعب على [الجنود] استعادة معنوياتهم. وهذا
الأمر متفاقم نظراً للمشاكل التي عانت منها فرق الحركة والخسائر الكبيرة التي
تكبّدتها خلال السنوات القليلة الماضية. كذلك، كان غوداني يتحكم بكل [عمليات]
الحركة ولم يكن أي شخص آخر مطلعاً على الأسرار التنظيمية التي كان يحتفظ بها
غوداني. باختصار، تكبدت الشباب [مع مقتله] خسارة عظيمة".
ويأتي مقتل غوداني بعد أسبوع تقريباً من إطلاق قوة بعثة الإتحاد الأفريقي في
الصومال (الأميصوم) والقوات الحكومية الصومالية عملية المحيط الهندي الواسعة النطاق
والهادفة إلى الاستيلاء على المرافئ الأساسية الواقعة تحت سيطرة الشباب وإلغاء أحد
أهم مصادر إيرادات الحركة، وهو الفحم المصدّر والذي يؤمن لها ملايين الدولارات.
ومنذ بدء العملية، سجلت القوات الحليفة تقدماً على الشباب في عدد من الجبهات.
وفي هذا السياق، ذكر ليبان عبدي علي وهو صحافي يعمل في محطة الحرة التلفزيونية
ومقرها الولايات المتحدة وكان يعمل في إذاعة مقديشو الصومالية الرسمية، أن فعالية
الشباب ستتراجع بشكل كبير على المدى الطويل.
وأوضح "أولاً ليس من المتوقع أن يتم القضاء على الشباب خلال العام المقبل. بتقديري
الخاص، ستفقد الحركة معنوياتها وستتراجع عملياتها. فستضعف بعد أن يسلّم بعض زعمائها
أنفسهم إلى الحكومة وستسلم الميليشيات أسلحتها وتتعاون مع الشعب. ولكن في المستقبل
القريب، يُتوقع أن تنفذ الشباب تفجيرات وهجمات كبيرة في الصومال وفي الدول [الأخرى]
في المنطقة انتقاماً على مقتل زعيمها".
وتابع علي لصباحي "ولكن المهم هو أن الحركة على مسار الانهيار في المستقبل. مثلاً،
يمكن فهم ما حصل للقاعدة في العراق بعد أن قُتل الزرقاوي. فبالطريقة نفسها، ضعفت
القاعدة بشكل كبير عندما قُتل [أسامة] بن لادن. وستواجه الشباب المصير نفسه بعد عام
تقريباً".
من جانبه، حذّر العقيد شريف حسين روبو، وكان قائد استخبارات سابق تحت نظام سياد
باري، من تجاهل خطر الشباب.
وأوضح روبو لصباحي "من المحتمل أن يوحّد الزعيم الجديد بين الجهات المتخاصمة في
الحركة، جامعاً بين الزعماء الذين غادروا الشباب غاضبين مثل مختار علي روبو
والتصالح [معهم] بما أن غوداني الذي كان في قلب النزاع لم يعد موجوداً. وقد يؤدي
ذلك إلى إعادة تجمع الشباب وشنّها هجمات متجددة لإستعادة سلطتها".
فرصة يجب اغتنامها
واعتبر عبد الرحمن، مدير مركز الاعتدال والحوار، أن الحكومة تستطيع اغتنام هذه
الفرصة للدخول في حوار مع الحركة.
وأوضح "برأيي، لم يعد هناك أي زعيم على قيد الحياة يؤمن بأيديولوجية القاعدة كما
كانت الحال مع غوداني. بالتالي، من الممكن أن يكون [زعماء الشباب الباقون] قابلين
للتصالح مع الحكومة والتخلي عن المعركة التي يشنّونها. ويجب أن تغتنم الحكومة هذه
الفرصة".
وأضاف عبد الرحمن "يمكن أن يكون الزعيم الجديد مفيداً في حال تم إشراكه في الحوار.
ويتم ذلك عبر تقديم العفو ثم التصالح مع الشباب ليتخلوا عن السلاح".
من جانبه، أيّد مدير معهد التراث لدراسة وضع السياسات ومقره مقديشو، عبدي أينتي،
فكرة اغتنام الحكومة لهذه الفرصة عبر إشراك الحركة في عملية السلام بالصومال.
وقال "من الأفضل التصالح مع أولئك الذين يقتصر طموحهم على الصومال والذين لا
يشاركون في الجهاد على صعيد العالم".
أما غورهان، نائب رئيس الجمعية الصومالية للشيوخ المسلمين، فاعتبر أن زعيم الحركة
الجديد يفتقر إلى القدرة على المشاركة في حوار مع الحكومة.
وقال "إنه على الأرجح زعيم يفتقر إلى السلطة للقيام بما يريده كالمشاركة في حوار.
ولا يزال جهاز الأمنيات التابع للشباب قائماً وهو يعتمد أيديولوجية الشباب إلى حد
بعيد. فمن المحتمل أن يُقتل الزعيم [على يد جهاز الأمنيات] في حال دخل في حوار مع
الحكومة".
الصباحي
Navigate through the articles | |
الدولة والعائلة و«الديموقراطيات» العربيّة | حركة «الإصلاح الآن» لم تصلح شيئا بعد |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|