المقالات و التقارير > مسارات متعددة وخطة عمل ومجموعة أولويات ومخطط لإنقاذ ليبيا

مسارات متعددة وخطة عمل ومجموعة أولويات ومخطط لإنقاذ ليبيا

اقترح أحمد المصطفي وهو ديبلوماسي موريتاني وإعلامي بارز وأحد الخبراء في الشؤون المغاربية أمس خطة لإيقاظ اتحاد المغرب العربي من سباته الطويل. وأكد ولد المصطفى وهو سفير موريتانيا السابق في السودان في مقال تحليلي عرضه أمس «أن موريتانيا بوضعيتها الجغرافية السياسية المريحة وباستقرارها الأمني ووضوح رؤى قيادتها وبعلاقاتها المتوازنة مع كل الفرقاء المغاربيين وبإدارتها الناجحة لصراعات الربيع العربي وما بعده، مؤهلة لقيادة إنقاذ المغرب العربي من خلال مبادرة جديدة». وقال إن «من مسارات المبادرة التي يقترحها إطلاق تشاور فوري مع الأمانة العامة للإتحاد لتحيين خطط التفعيل المطروحة مغاربيا وذلك بالتزامن مع تشاور فوري بكل الطرق والوسائل والوسائط بين قيادات دول اتحاد المغرب العربي بغاية إزالة العوائق البينية وبناء الثقة وإطلاق العمل المغاربي من جديد». واقترح ولد المصطفى «الدعوة لاجتماع طارىء للجنة المتابعة المغاربية يتوج باجتماع لوزراء الخارجية يمهد لاجتماع للوزراء الأول للخروج بخارطة طريق مغاربية ترتب أولويات أساسية بينها تفعيل جهد مشترك لمواجهة الإرهاب وثقافة التطرف والهجرة السرية وتجارة المحرمات والجريمة العابرة للحدود ومواجهة الكوارث والأوبئة التي تجتاح المحيط الجغرافي المباشر». وتحدث الخبير المغاربي عن «التداعي لاتخاذ إجراءات استثنائية لإنقاذ ليبيا من خلال عقد مؤتمر مصالحة ليبية – ليبية برعاية مغاربية وبضمانات دولية لإنفاذ مخرجاته على الأرض».

وأكد ولد المصطفى «أن مجموع هذه الإجراءات يجب أن تتوازى مع إطلاق آلية موازية لتفعيل العمل المغاربي المشترك على كل الأصعدة وعلى مستوى كل اللجان وكل المؤسسات المغاربية المجمدة حاليا، إلى جانب مبادرة كل دولة لتفعيل المؤسسة المغاربية المتواجدة على أراضيها (الأمانة العامة – المغرب) (الهيئة القضائية – موريتانيا)، (مجلس الشورى – الجزائر)، (الأكاديمية المغاربية – ليبيا)، (البنك المغاربي – تونس). ولكي تتكامل الخطة إقترح أحمد ولد المصطفى «العمل على تحضير قمة لرؤساء اتحاد دول المغرب العربي على المدى المتوسط تتخذ القرارات الحاسمة التي تمكن المغرب العربي أخيرا من رفع التحديات الأمنية والتنموية المتصاعدة». ومهد ولد المصطفى لمقترحاته بمقدمة أكد فيها أن «غاية التعاون مغاربيا هي الإندماج في كيان قابل للبقاء وقادر على مواكبة تحولات عالم موار يتشكل من حولنا بسرعة لافتة لا تدع مجالا لبقاء المحميات القطرية الوهمية فإما أن نكون مغاربيين أولا نكون». يذكر أن الحلم المغاربي تجسد بعد مخاض طويل في 17شباط/ فبراير 1989م ساعة توقيع معاهدة مراكش التاريخية التي أسست الاتحاد والتي نصت موادها (14 – 15 – 16) على «تمتين أواصر الأخوة التي تربط الدول الأعضاء وشعوبها بعضها ببعض، وتحقق تقدم ورفاهية مجتمعاتها وتدافع عن حقوقها وتساهم في صيانة السلام القائم على العدل والإنصاف كل ذلك من خلال انتهاج سياسة مشتركة في مختلف الميادين».

وبعد توقيع المعاهدة من طرف قادة تلك الحقبة (الحسن الثاني – معاويه ولد الطائع – الشاذلي بن جديد –معمر القذافي – زين العابدين بن علي) تتالت الخطوات ووضعت الهياكل (الأمانة العامة – الهيئة القضائية المغاربية – الاكاديمية المغاربية – البنك – مجلس الشوري المغاربي)، وتشكل النسيج القيادي مجسدا في لجان قطاعية على رأسها مجلس الرئاسة الذي ألحقت به لجان لكل القطاعات وفرق عمل مشتركة لمعالجة كل القضايا. ورغم كل الإكراهات الداخلية والخارجية أصبح الإتحاد لفترة وجيزة حقيقة وأصبح تكتلا اقليميا وشريكا في مجريات الشأن الاقليمي والدولي، وحاول أن يحقق الممكن وظلت الشعوب تطمح لتحقيق ما يجب أن تطمح له لإزالة الحدود والتأشيرات وبطاقة التعريف المغاربية الموحدة والشراكات على كافة المستويات. وفيما كانت عيون الجماهير المغاربية بصيرة تواقة لمتطلبات الإندماج الكامل، كانت أيادي القيادات السياسية وأجندات القادة قصيرة ومكبلة أحيانا بإكراهات تتأجج هنا وهناك لم تكن قضية الصحراء إلا إحدى تجلياتها المزمنة. وتحدث أحمد ولد المصطفى سماه « الليالي المغاربية الحبلى بالمفارقات والتي جرت رياحها بما لا تشتيه قافلة الاتحاد المثخنة برواسب العوالق البينية المعيقة.. حيث عاشت دول المغرب العربي ليالي ليس لها أسحار صاحبتها ظلمات لا تتخللها أنوار.. تكاثفت خلالها اشتات الغيوم وألقت الستور على النجوم.. وانبلجت عما هو أسوأ.. فتعرضت تونس لإعصار الربيع العربي.. وانهارت ليبيا وتعطلت القاطرة المغاربية وخرجت بعض عرباتها عن السكة وتأرجحت أخرى ولم يصمد التضامن المغاربي الهش أمام امتحان التحولات التي أملتها الفوضى الخلاقة مغاربيا، فتراكمت الإحباطات وانكفأت الدول المغاربية على ذواتها مستسلمة بصورة أحادية لمواجهة قدرها متناسية أن الإستهداف مشترك ومواجهته لا تكون إلا تشاركية».

وفي أجواء الخيبة الاستثنائية هذه سعت الأمانة العامة بإشراف الدبلوماسي المخضرم المميز المغاربي المخلص لحبيب بن يحي أمينها العام إلى استمرار الحد الأدنى من التنسيق المغاربي في انتظار أن تنقشع العاصفة وتتبدد الغيوم وتبادر باقي الدول للنجدة، ووفقت في جمع وزراء وخبراء وفي شغل مقعد الإتحاد في التظاهرات الدولية رغم ما عانته مواردها من شحة بسبب تأخر الدول في دفع اشتراكاتها، وفقت الأمانة العامة في الحفاظ على روح الإتحاد في مستوى العناية المركزة. «وما يتناساه الناس، هو أن الشهيد معمر القذافي حين استبيح بلده وأسقط نظامه وقتل وسحل في ضواحي مسقط رأسه «سرت» كان ما يزال الرئيس الدوري لاتحاد مغاربي لم يتمكن قادته على مدى 15 سنة من عقد قمة تحال فيها الرئاسة لزعيم دولة أخرى كما تنص على ذلك مواثيق الاتحاد». وتابع توصيفه للحالة المغاربية قائلا «..في الحقيقة مثل اختفاء القذافي ومحنة بلده المغاربي الذي لم يتضامن معه أحد صدمة كبيرة لشعوب المغرب العربي وأدركت هذه الشعوب المكلومة المقسمة رغم شعارات الوحدة والأخوة والانسجام التي ترفع هنا وهناك أن معاهدة الإتحاد أصبحت حبرا على ورق خاصة في موادها (14 – 15) التي تنص على ان «كل اعتداء تتعرض له دولة من الدول الأعضاء يعتبر اعتداء على الدول الأعضاء الأخرى – وأن تلك الدول تتعهد بالامتناع عن الانضمام إلى أي حلف أو تكتل عسكري أو سياسي يكون موجها ضد الاستقلال السياسي أو الوحدة الترابية للدول الاعضاء الأخرى».

وختم ولد المصطفى تحليله مؤكدا «أن على موريتانيا أن تبادر بالسرعة الممكنة فلم يعد هنالك وقت للتردد لأن خطر الإرهاب ماثل ويتفاقم على كل الأصعدة المغاربية، وحين يدحر بجهد دولي استعراضي في بلاد الرافدين وبلاد الشام ينزاح تلقائيا نحو بلاد المغرب العربي.. وبالتحديد نحو ليبيا التي إذا لم يتداع الأشقاء لإنقاذها ستتحول إلى حاضنة لإرهاب من نوع جديد تتوفر له الملاذات والأسلحة والموارد.. ارهاب يهدد العالم بأسره.. فهل تدرك موريتانيا حجم المسؤولية التاريخية وحجم الاستحقاقات وتبادر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه على الصعيد المغاربي قبل فوات الأوان؟».

القدس العربي


Navigate through the articles
Previous article حوار غدامس: المخاطر والطموحات ماذا تعني مشكلة الميليشيات الليبية للشرق الأوسط وأمريكا؟ Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع