المقالات و التقارير > الأحياء الشعبية بالعاصمة تونس

الأحياء الشعبية بالعاصمة تونس

تعيش الأحياء الشعبية المنتشرة في ضواحي العاصمة تونس على غرار حي “المنيهلة “و”التضامن” و”الملاسين” و”السيدة المنوبية” و”جبل جلود” و”الكبّارية” على وقع انطلاق الحملات الدعائية للأحزاب لتكون قبلة لأغلب القوى السياسية التي تسعى لكسب ود جمهور عريض من هذه الفئة.

بمساحة تقدر بـ400 هكتار وبكثافة سكانية تناهز 140 ألف ساكن يتصدر حي “التضامن”، غربي العاصمة تونس، الأحياء الشعبية الأكثر تنوعا وأهمية والأكثر استقطابا لنشاط الأحزاب التونسية مع انطلاق الحملة الانتخابية للتشريعية.

وكانت هذه الأحياء نواة أساسية في دفع الاحتجاجات والمواجهات مع قوات الأمن التونسية إبان ثورة يناير/ كانون الثاني 2011 حيث احتدت الاشتباكات وهاجم المتظاهرون مراكز الأمن ومؤسسات حكومية احتجاجا على تفاقم ظاهرة البطالة والفقر والتهميش.

ومع انطلاق الحملة الانتخابية تركز اهتمام ونشاط كل من حزب حركة النهضة (حملة باب باب) ونداء تونس (انطلاق حملته بخطاب جماهيري للباجي قائد السبسي)، والحزب الوطني الحر (زيارات متواصلة لرئيسه للمنطقة)، والتحالف الديمقراطي (حملة نظافة)، والجمهوري من مكاتبهم الفرعية في أحياء التضامن والملاسين وروًاد (حسب توقعات لمعهد الإحصاء فإن تعداد هذه المناطق في 2013 يبلغ 184 ألفا).

وكانت أغلب الأحزاب السياسية ضمنت محاور التنمية والتشغيل والقضاء على الفقر، في جداول برامجها الانتخابية، وهي ذات المطالب الملحة لهذه الشريحة التي طالما اعتُبرت مواطن لتطور الجريمة والانحراف.

وفي تحليله للظاهرة، قال أستاذ العلوم الاجتماعية ورئيس المرصد الوطني للشباب (حكومي) محمد الجويلي، لوكالة الأناضول،: “الأحياء الشعبية طاقة انتخابية كبرى، وقرب الأحزاب من هذه المناطق يعني ضرورة أنها تتبنى مطالبهم وتتقاسم همومهم وما يعانونه من فقر وتهميش”.

وتؤوي هذه الأحياء فئات اجتماعية متنوعة ومختلفة أغلبهم من النازحين من المحافظات الداخلية (الشمال الغربي) للبلاد (ظاهرة انطلقت منذ 1960) وينتشر فيها العنف.

وخلال بداية تسعينيات القرن الماضي كان حي التضامن معقلا لإسلاميي حركة النهضة الملاحقين من قبل نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي.

وبعد أحداث الثورة تحول “التضامن” لمركز تنشط فيه عناصر تنتمي للتيارات الدينية المتشددة منها تنظيم “أنصار الشريعة” المحظور الذي دخل في مواجهات أمنية في مايو/ أيار 2013 عندما مُنع من تنظيم مؤتمره الثاني بالقيروان.

وحسب الجويلي فإن هناك أيضا “الرمزي في تواجدهم في الأحياء الشعبية ، وكل خطاب سياسي يولي أهمية لهذه الفئة يكسب ودها لأن الاستجابة للمطالب الشعبية لهذه المناطق هو استجابة فعلية لمطالب الثورة في التنمية والتشغيل”.

وأكد الجويلي على أن “الطلب الاجتماعي كثير ومتنوع ومن يفوز في هذه المناطق هو قادر تبعا لذلك على تلبية كل المطالب الاجتماعية ويرتفع عنده منسوب يضمن شعبية أكبر”.

من جانبه، قال عصام (32 عاما)، صاحب كشك (محل صغير لبيع السجاير) في منطقة التضامن في حديث للأناضول: “هم (الأحزاب ) يدركون جيدا أن أغلبية ساكني الحي فقراء وبسطاء وعندما يزورنهم بطبيعة الحال الناس يتأثرون بهم وينظرون بإكبار لاهتمامهم بهم لذلك يمنحونهم أصواتهم”.

ويتابع الشاب المتحصل على الأستاذية في العلوم السياسية والعاطل عن العمل، والذي اكتفى بذكر اسمه الأول: “المشكل أن زيارتهم تنتهي بانتهاء الحملة الانتخابية ولا نراهم يعودون إلا مع قرب موعد انتخابي جديد”.

موقف عصام يرى فيه الحاج عمر، أحد سكان حي التضامن وهو في الستينات من عمره “مبالغة”، ويقول للأناضول: “يجب على السياسيين أن ينطلقوا من ما يريده العياشة (البسطاء)، الأغنياء عندهم كل شيء نحن من نطلب مواطن الشغل وأبسط متطلبات العيش ويجب على من يفكر في قيادة تونس مستقبلا أن يعي ذلك”.

ووفقا للتعداد السكاني لعام 2014 فإن قرابة 2.6 مليون ساكن يقطنون إقليم العاصمة تونس (يضم 4 محافظات: تونس، أريانة، منوبة، بن عروس) وأن الكثافة السكانية في الاحياء الشعبية ترتفع مقارنة بالوسط الحضري.

وانطلقت الحملة الدعاية للأحزاب والائتلافات والمستقلين في 4 من أكتوبر/تشرين الأول الجاري وتستمر لمدة 21 يوما.

وتجرى في تونس الانتخابات التشريعية في 26 من أكتوبر/تشرين الأول الحالي بمشاركة 1327 قائمة، فيما يخوض 27 مرشحا سباق الانتخابات الرئاسية التي ستقام جولتها الأولى في 23 من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

القدس العربي


Navigate through the articles
Previous article العمل الإعلامي في ليبيا مصراته تعود إلى رشدها Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع