المقالات و التقارير > صمت زعيم حركة الشباب الجديد يثير التساؤلات

صمت زعيم حركة الشباب الجديد يثير التساؤلات

بعد مرور نحو شهرين على تسمية أحمد عمر زعيماً جديداً لحركة الشباب بعد مقتل سلفه أحمد عبدي غوداني، قليل ما يعرف عنه وخططه وقدرته على تزعم حركة الشباب التي بدأت تعاني إنشقاقات.

ويرى بعض المحللين أن صمت عمر المتواصل يكشف عن نقص في مهاراته القيادية لرفع معنويات الحركة بعد مقتل غوداني إثر خسائر عسكرية متلاحقة وارتفاع عدد العناصر المنشقة من مقاتليها.

وتتعارض وجهة نظر هؤلاء مع من يعتمد نظرة حذرة في هذا المجال ويرى أنه من المبكر توقع كيف سيقود عمر، الملقب باسم أبو عبيدة، الحركة وبأي إتجاه ينوي أخذها.

ويقاتل عمر الذي كان قريباً من غوداني مع الحركة منذ زمن طويل لكنه يبقى غامضاً حتى ضمن الحركة، بحسب ما قال محمد فرح علي الأنصاري، وهو قيادي سابق في الحركة سلم نفسه للحكومة الصومالية عام 2010 ويعمل الآن على إدارة مراكز الحكومة لإعادة تأهيل عناصر الميليشيات السابقين.

وأضاف الأنصاري لصباحي "يعتقد بأن أبو عبيدة في الخمسينات من العمر، وقد ولد قرب مقاطعة لوق في جيدو حيث تقيم عائلته".

وقبل أن ينضم للحركة، بين الأعوام 1997 و2006، كان ضمن مجموعة الإتحاد الإسلامية وميليشيا راس كامبوني تحت قيادة حسن عبدالله هرسي التركي.

وأشار إلى أنه "انضم لاحقاً كعناصر في صفوف إتحاد المحاكم الاسلامية، ومع تضعضع الجماعة في نهاية العام [2006] عمل جنباً إلى جنب مع [الزعيم السابق لحركة الشباب] عدن هاشي فارح أيرو وعمل كمساعد لغوداني بعد مقتله [عام 2008] حتى الآن".

وتابع الأنصاري أن عمر ليس رجلاً متعلماً، "ولا أعتقد أنه وصل إلى مستوى المدرسة الثانوية حتى"، مضيفاً أن عمر تابع الدروس الدينية حين كان ضمن جماعة راس كامبوني ويتكلم ويكتب اللغتين الصومالية والعربية.

وعلى الرغم من أن عمر لم يتخذ خطوات مدروسة لإبقاء نفسه بعيداً عن الأضواء، إلا أن مقاتلي الشباب لا يعرفون شكله جيداً أو حتى لم يسمعوا عنه، وكان بشكل عام غير معروف خارج الجماعة حتى الآن، وفق ما أوضح الأنصاري.

ولفت إلى أن "[عمر] عمل عام 2010 والياً لباي وباكول، لكنه سرعان ما أعفي من المنصب".
 

مقارنة لقياديي حركة الشباب السابقين والحاليين

ويدل التخلّف العلمي ونقص الخبرة بالقيادة لدى عمر إلى أنه بحاجة للقدرات اللازمة لتزعم حركة الشباب، بحسب ما قال المتحدث السابق لإتحاد المحاكم الإسلامية والمدير الحالي لإذاعة مقديشو، عبدالرحمن عيسى آدو.

وأضاف لصباحي "الزعيم الجديد لا يتحلى بالمستوى العلمي اللازم ولا بالشهرة الواسعة [في صفوف الحركة]، لذا من الصعب عليه أن يجمع شمل الفصائل المختلفة فيها".

وفي المقابل، نجد أن "غوداني كان رجلاً مثقفاً، أنهى دراسته الجامعية وزار دولاً أجنبية وكان له علاقات والكثير من الخبرة"، وفقاً لآدو.

ولفت إلى أن "غوداني كان يمسك بالحركة بقبضة قوية"، وكان ذكياً وتأقلم مع المتغيرات ليبقي الفصائل المختلفة تحت إمرته.

و"هدد بقتل البعض كما قتل البعض، ورشا آخرين وطارد غيرهم، كالمقاتلين الأجانب الذين قمع نفوذهم بشكل كبير. كان حذراً حول من يحيط به ويعرف الكثير عنه".

من هنا فإن عمر خيار ضعيف لإستبدال زعيم مثل غوداني كان يتوخى إجراءات حذرة ويعد نفسه من البداية لتزعم الحركة، بحسب ما قال آدو.

وأشار إلى أن "غوداني كان يعد نفسه ليكون قيادياً [منذ] العام 2005. ولم يدع أحداً يتقرب منه، ورفض أن تلتقط له صورة وكان حذراً في السيارات التي يتنقل بها ومع العدد الكبير من الناس الذين يلتقيهم"، ورأى أن عمر لم يأخذ أي من تلك الإجراءات وعاش كشخص عادي.
 

عملية الخلافة غير واضحة

ومن غير الواضح كيف اختير عمر أو تمت تسميته لتزعم الشباب، وبعض الذين لهم معرفة بالحركة يقولون إنه اختير وفقاً لطلب أخير من غوداني، بينما يعتبر آخرون أنه عين من دائرة الموثوق بهم من غوداني وهم من رأوا فيه الأجدر بالزعامة.

وأكد آدو لصباحي "وفقاً للمعلومات التي أملكها، كان أبو عبيدة الأول على قائمة من خمسة أسماء قال غوداني إنهم سيستلمون الزعامة بالتدرج"، رافضاً تسمية من غيره على القائمة سوى مهد محمد علي "كاراتي"، الذي كان بين أقرب حلفاء غوداني.

وأوضح "أبو عبيدة كان قريباً جداً من غوداني وكان مسؤولاً عن التنسيق بين المحافظات وإدارتها. وكان يزور الكثير من البلدات لجمع المعلومات التي تتعلق بالحركة، وكيف يراها السكان".

ولكن الأنصاري رأى أن تعيين عمر لم يكن نتيجة طلباً أخيراً من غوداني، بل كشف أنه رجل لا يمكن التخلي عنه بسبب المعلومات التي كان يملكها بإعتبار أنه كان أحد أقرب المقربين لغوداني.

وقال إن "الرجل له معرفة بمصادر التمويل ومعلومات سرية كمثلاً الحكومات الأكثر ميلاً لدعم [الحركة]، والأماكن التي يتم من خلالها تهريب الأموال والمعدات والعلاقة مع تنظيم القاعدة و[المعلومات] حول العلاقات الادخلية للحركة".

ولكن الأسرار التي يحفظها عمر هي الميزة الوحيدة التي تشفع به كزعيم للحركة بحسب الأنصاري الذي اعتبر أنه من الممكن أن تعين الشباب زعيماً أكثر خبرة في الأشهر المقبلة لتهدئة عناصرها.

ومن جانبه، اعتبر ليبان عبدي علي وهو صحافي يعمل في قناة الحرة التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها وعمل سابقاً في إذاعة مقديشو الصومالية الرسمية أن تعيين عمر أتى نتيجة خلاف ضمن الدائرة الداخلية لغوداني.

وقال علي لصباحي "كان هناك الكثير من الرجال الذين يسعون لترؤس الحركة واختاروا [عمر] تفادياً للخلاف فيما بينهم".

ولكن يبقى من المبكر جداً بحسب علي التقرير ما إذا كان عمر سيتحلى بالجاذبية والمهارات الخطابية التي عرف بها غوداني، لا سيما وأن ما من خطاب مسجل سابق له ليتم تحليله.

وأشار إلى أن "الخطاب الأول الذي سيلقيه سيكشف مستوى قدراته".
 

عمر يواصل إلتزام الصمت

ويبقى المحللون في ارتباك حول أسباب التزام عمر الصمت لهذه الفترة الطويلة، فقد عيّن في 6 أيلول/سبتمبر ولم يلق بعد أي كلمة علنية للحركة أو مناصريها أو ينشر له أي تصريحات عبر وسائل الإعلام.

وبعد الهزائم التي منيت بها الحركة على يد الجيش الوطني الصومالي والقوات المتحالفة، ليس لدى عمر أي انتصارات يفاخر بها أمام مناصري الشباب ومقاتليها وهو ينتظر الفرصة الصحيحة، بحسب ما قال آدو الذي يدير إذاعة مقديشو.

وأضاف "استلم أبو عبيدة زعامة الحركة بينما هي في أشد المراحل صعوبة عليها منذ نشأتها. وهو يواجه عناصر مجتمعة مثل الشرخ الداخلي الكبير الذي يهدد عناصر حركة الشباب إضافة إلى موت زعيمها والخسائر الميدانية وانحسار مناطق سيطرتها والصعوبات المادية التي تعانيها الحركة".

ونظراً لأن عمر شخصية غامضة، فإن الكلمة الأولى التي سيلقيها سيكون لها الفرق الأكبر على مناصريه، وفقاً لآدو.

و"على سبيل المثال، عليه أن يعلن بوضوح كيف سيتعامل مع القاعدة أو جماعات أجنبية أخرى وكيف سيدير مناطق [سيطرته في الصومال] وكيف سيقود الحركة. [لكنه] لم يعرف بعد الاستراتيجية التي يجب أن تعتمدها الحركة في المستقبل، ومن الممكن أيضاً أن تكون الإستراتيجية ستوضع في الخارج وهو بانتظار خبر من العناصر الأجنبية".

ومن جانبه، صرف عمر ضاهر شيخ عبدالرحمن، مدير مركز الإعتدال والحوار، النظر عن الكثير من التساؤلات طارحاً سيناريو آخر يقوم على أن عمر مشغول بإعداد خطط وعمليات للحركة وأن إلقاء خطاب ليس له الأهمية الكبرى بنظره.

وقال لصباحي "من الممكن أنه ممن يفعلون ولا يتكلمون"، مضيفاً أن صمت عمر قد لا يكون دلالة على الضعف ويجب عدم الإستخفاف به.

وأشار إلى أن "الرجل الذي جاء خلفاً لغوداني، على الرغم من أن القليل معروف عنه، قد يكون قادراً تماماً وقد فعل الكثير سراً [لخدمة الحركة] وتم إختياره لسبب ما. ومن الممكن أنه غير متمرس في التعبير عن نفسه في حين أن أداءه قوي".

وختم قائلاً "من الممكن أنه لا يظهر بصوته لأسباب أمنية ويفضل الكلام للمجموعات المختلفة بدلاً من إلقاء الخطب العلنية".

الصباحي


Navigate through the articles
Previous article كيف استطاعت القوى اليسارية والقومية الفوز بالانتخابات التونسية؟ إقناع ديك المؤتمر الوطني Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع