المقالات و التقارير > نتائج حملة اللواء حفتر لاستعادة بنغازي

نتائج حملة اللواء حفتر لاستعادة بنغازي

يواصل الجيش الليبي وقوات تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر العمليات التي بدأت قبل شهر ضد المسلحين الإسلاميين في مناطق متفرقة من بنغازي التي يحاول الجيش استعادة السيطرة عليها في عمليات أوقعت منذ بدئها 353 قتيلا على الأقل، حسب مصادر طبية وعسكرية. وشن حفتر بمساندة الجيش ومسلحين مدنيين من مختلف مناطق بنغازي في 15 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي هجوما ثانيا لاستعادة المدينة التي وقعت في أيدي الإسلاميين في نهاية يوليو (تموز) هذا العام. وقال مصدر في مركز بنغازي الطبي إن «13 شخصا قتلوا اليوم وتلقى جثثهم المركز، نتيجة أعمال العنف وإعدامات خارج إطار القانون». وقالت مصادر طبية - حسب وكالة الصحافة الفرنسية - إن «المعارك وأعمال عنف متفرقة في بنغازي وإعدامات خارج إطار القانون أوقعت منذ 15 أكتوبر نحو 353 قتيلا بينهم أكثر من 200 جنديا». وأوضحت هذه المصادر التي تعمل في مستشفيات وجمعية الهلال الأحمر أن «بين القتلى مدنيون أصيبوا برصاص أو قصف عشوائي في مناطق الاشتباكات إضافة إلى المدنيين المسلحين الذين شاركوا قوات حفتر القتال». وتشمل هذه الأرقام «مقاتلين إسلاميين وصلت جثثهم إلى مستشفيات المدينة». ونادرا ما يعلن الإسلاميون عن خسائرهم في المعارك. كما من النادر نقلهم لجرحاهم وقتلاهم إلى مستشفيات المدينة العامة أو الخاصة.

وكان اللواء حفتر أطلق عملية الكرامة في 16 مايو (أيار) لمحاربة الإرهاب في بلاده كما قال. لكنه وجد نفسه في مواجهة حلف من الإسلاميين المتشددين وآخرين أكثر اعتدالا من الثوار السابقين الذين ساهموا في الإطاحة بمعمر القذافي الذين شكلوا «مجلس شورى ثوار بنغازي». وتمكن الإسلاميون للوهلة الأولى من دحر قوات حفتر إلى تخوم المدينة وأفرغوها من أي وجود لرجال الجيش والشرطة بعد سيطرتهم على معظم المعسكرات ومراكز الشرطة. لكن هؤلاء المقاتلين الإسلاميين تقهقروا مجددا وعادوا للتحصن في مناطق آهلة وسط المدينة بعد انطلاق الحملة الثانية لحفتر التي لاقت دعما شعبيا واسعا، وهو ما ضيق الخناق على الإسلاميين. وحفتر الذي وصفت حملته الأولى بأنها انقلاب، لقي أخيرا اعترافا صريحا من السلطات التشريعية والتنفيذية للبلد. ونفذت قوات حفتر خلال الحملة الثانية لاستعادة بنغازي عمليات دهم واسعة النطاق ألقت خلالها القبض على عدد من القادة الإسلاميين إضافة إلى تدمير بيوتهم وقتل كثير منهم.

ومن جهتها أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن القتال العنيف بين الجماعات المسلحة المتناحرة في مختلف مناطق ليبيا أجبر أكثر من 100 ألف شخص على الفرار من منازلهم في أكتوبر الماضي. وقالت المفوضية في بيان إن «الصراع المتفاقم في بنغازي ودرنة شرقا، وفي أوباري في جنوب شرقي البلاد، وفي ككلة غربا. يعيق عمليات الإغاثة بسبب انعدام الأمن». وقال تقرير المفوضية إن «وكالات الإغاثة ما زالت تحاول تقدير حجم النزوح الداخلي». وقال المتحدث باسم المفوضية، أدريان إدواردز، في جنيف «وصلتنا أخبار مؤكدة من شركائنا من المنظمات غير الحكومية تتحدث عن فرار 56.500 شخص من بنغازي في الأسابيع القليلة الماضية»، مضيفا أن «بينهم نحو 2.500 شخص نزحوا سابقا من بلدة تاورغاء الشمالية الغربية المهجورة». وأضافت المفوضية أن المزيد من الأشخاص فروا من بلدة درنة الساحلية الشرقية أيضاً، لكن المفوضية لم تستطع تحديد عددهم. وقالت إن لجان الأزمات المحلية في الجنوب الشرقي تؤكد على فرار نحو 11.280 شخصاً من القتال في أوباري، في حين تفيد الجماعات المدنية في الغرب عن نزوح 38.640 شخصاً بسبب القتال في ككلة، منهم عدد كبير من النساء والأولاد. وأوضح إدواردز قائلا: «في المحصلة، نقدر أن يكون أكثر من 393.420 شخصا في عداد النازحين داخليا في ليبيا منذ تصاعد العنف في شهر مايو، يتوزعون على 35 بلدة ومدينة وهم بأمس الحاجة إلى المأوى والرعاية الصحية والغذاء والمياه والسلع الأساسية الأخرى.

ورغم سيطرته التامة على معظم أحياء بنغازي بحسب المتحدث الرسمي باسم رئاسة الأركان العامة للجيش العقيد أحمد المسماري، ما زال تقدم الجيش بطيئا في محور منطقة الصابري وسط المدينة رغم خوضه عدة معارك عنيفة تستخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة معززة بغارات لمقاتلات سلاح الجو التابع لحفتر. وقال المسماري إن الجيش ما زال يخوض معارك ضارية على محور المدخل الغربي للمدينة حيث مقر ميليشيا 17 فبراير (شباط) الإسلامية، إضافة إلى مقرين هامين للجيش هما اللواء 204 دبابات والكتيبة 21 التابعة للقوات الخاصة والصاعقة. وأضاف أن المحور الجنوبي الشرقي للمدينة تسيطر عليه قوات الجيش التي تتقدم لخوض المعركة الكبرى في منطقة الليثي جنوب وسط المدينة والتي تعد معقل الجماعات الإسلامية وخصوصا المتطرفة منها. وأوضح أن ما يعيق عملية الحسم للجيش في محوري الصابري والمدخل الغربي لمدينة بنغازي هو امتلاك الإسلاميين لأسلحة قنص متطورة وبعيدة المدى إضافة إلى تحصنهم داخل الأبنية والمؤسسات العالية. وقال: «نحن بدأنا نستخدم أسلوبهم وصرنا نعمل على قنصهم مثلما يفعلون. لا نريد مزيدا من التدمير للممتلكات من خلال استهدافهم بالمدفعية والغارات».

من جهته أعرب العقيد جمال الزهاوي آمر الكتيبة 21 عن أمله في أن «يصمد المدنيون المسلحون الموالون للجيش في مختلف مناطق المدينة ويستمروا في إغلاق منافذ مناطقهم حتى لا يتمكن الإسلاميون من الفرار إليها». وطالب الزهاوي المناطق الواقعة غرب بنغازي بتأمين كل الطرق المؤدية إلى المدينة لإغلاق خط الإمدادات للإسلاميين. وقال: «إنهم كل يوم في ازدياد كلما قضينا على مجموعة نفاجأ بمجموعات أخرى تأتي من مناطق غرب بنغازي». وكان المسماري أعلن أن «رئاسة الأركان العامة للجيش دعت كل المجموعات المسلحة التي لا تتبع شرعية الدولة إلى تسليم أسلحتها في فترة أقصاها نهاية الشهر الحالي». وأكد أن «كل من يسلم سلاحه للجيش الوطني قبل انتهاء المهلة المحددة سيتم إعفاؤه من أي ملاحقة أمنية وقانونية لتحقيق المصلحة العليا للوطن وضمان ترسيخ الأمن والاستقرار في ربوع البلاد». لكنه شدد في الوقت نفسه على أنه «سيضرب وبقوة كل مجموعة مسلحة ترفض الاستجابة للدعوة التي تستهدف حقن دماء الليبيين».

ودانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بشدة أعمال العنف الأخيرة في شرق وغرب ليبيا، ومن بينها القتال الدائر في مدينة بنغازي. وأعربت البعثة في بيان ليل الخميس الجمعة عن قلقها البالغ من التقارير حول القصف العشوائي على الأرض ومن الجو على المناطق المكتظة بالسكان في بنغازي وعمليات القتل غير المشروع والتدمير المتعمد للمنازل والممتلكات الأخرى وخطف المدنيين بمن فيهم العاملون في المجال الطبي وعرقلة الجهود المبذولة لإجلاء الجرحى وتوزيع المساعدات الإنسانية. لكن السفير البريطاني لدى ليبيا مايكل أرون دعا المعتدلين في ليبيا للتوحد ضد المتطرفين في بلادهم. وقال في عدة تغريدات له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» الجمعة إن الاعتداءات الإرهابية تضر كل الليبيين والعنف أمر غير مقبول. وأكد أن بريطانيا تدعم جهود الأمم المتحدة من أجل الحوار في ليبيا، كما أنها تقف مع الليبيين ضد المتطرفين، مشيرا إلى أن «المعتدلين من كل الأطراف وهم الغالبية العظمى بحاجة إلى أن يلتقوا ويتحدثوا ويصلوا إلى اتفاق سياسي، ويواجهوا الإرهابيين معا في ليبيا». وتعاني مدينة بنغازي من انعدام أوجه الحياة بشكل شبه تام، فضلا عن نقص في الأدوية والمحروقات والسلع والمواد الغذائية، مع شلل أصاب جميع المصارف والدوائر الحكومية والمؤسسات التعليمية وعدد من المرافق الطبية.

الشرق الأوسط


Navigate through the articles
Previous article ألف مقاتل أجنبي يحولون ليبيا إلى معقل جديد لداعش ولايتان رئاسيتان فقط Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع