المقالات و التقارير > قضية تابت والتدخل الدولي!!

قضية تابت والتدخل الدولي!!

مرة أخرى ندخل في جولة جديدة من الصراع مع المجتمع الدولي بسبب قضية تابت وبالرغم من فظاعة الإدعاءات فان طيها كانت متاحة بين أيدينا بصورة تسكت الأصوات التي دأبت علي النيل من البلاد في سمعتها وسمعة مؤسساتها خاصة العسكرية منها، ولكن سوء إدارة الأزمات تلاحق هذه الحكومة فهي لم تتعلم بعد رغم الضربات الموجعة التي تلقتها مرات ومرات بل ظلت تكرر الاخطاء تلو الأخطاء حتى أخذت بخطامها إلي المحاكم الجنائية الدولية فأوردت البلاد الحصار والمقاطعة، فقضية تابت ظهرت علي السطح بإدعاء ارتكاب جريمة اغتصاب جماعي لنسائها من قبل القوة المتمركزة من
القوات المسلحة في المنطقة وفي أول الأمر تراخت الحكومة في الرد علي تلك الإدعاءات ، حتى علت الأصوات المناوئة عبر الإذاعات التي تملا سماء البلاد والشبكة العنكبوتية ، مما اضطرت الحكومة علي الرد شفاهة عبر المتحدث الرسمي للقوات المسلحة، كما سمحت للقوات الدولية اليوناميد بالتحقيق وبالفعل قامت هذه القوات بالتحقيق في الادعاءات وخلصت الي عدم ثبوت أرتكاب أي جريمة أغتصاب... فرحت الحكومة بهذا النصر المبين واعتقدت آن الأمر قد انتهي بهزيمة مروجيّ الإشاعات وأعداء البلاد ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن , تراجعت البعثة الأممية عن
تقريرها الأول بل شككت في الظروف التي أحاطت بهذا التحقيق ، أما الالة الإعلامية التي درجت علي تضخيم كل ما يحدث في هذه البلاد وبدفع من أعداء البلاد وهم كثر..... وجدت فرصتها فقادت حملة شرسة لا تبقي ولا تذر حتى أدخلت القضية في أضابيير مجلس الأمن الدولي الذي أمر البعثة الأممية بإعادة التحقيق في الادعاءات وهنا جن جنون الحكومة والجنون فنون فذهبت تتخبط وتولول بصورة أظهرت نفسها وكأنها تخفي شيئاً!! وذهبت توزع الاتهامات والتهديدات يميناً وشمالاً وأقسمت يميناً مغلظاً أنها لن ولم تسمح للبعثة بإعادة التحقيق مهما كانت الضغوط لم تكتفي الحكومة
بذلك بل ذهب الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية إلي القول بطرد القوات الأممية علي أن تخرج هذه القوات بالتدريج حسب ما هو معمول به في العرف الدولي!!
وقبل أن يجف مداد هذا الكلام دخل وزير الخارجية علي الخط عبر برنامج إذاعي ليعلن تحذيره للقوات الأممية وتخييرها بين الالتزام بمهامها المحددة وفق المواثيق الدولية أو مغادرة البلاد وهذا الكلام يتناقض مع تصريح الناطق الرسمي لذات الوزارة....هذا التهريج لا يتناسب مع قوة ما يخطط له الأعداء لذلك لا غرو في أن هزائمنا تتوالي تباعاً ولا نبالي , هذه الحكومة وفي تقديرنا أعجز من ان تواجه الاستهداف العالمي المصوب تجاه البلاد , ماذا لو أسرعت الحكومة فور سماعها الإدعاءات إلي تكوين لجنة قضائية من قضاة مشهود لهم بالكفاءة والدربة والحيدة ليقفوا علي
الحدث في موقعها والقيام بتحقيقات تتمتع بالمصداقية والشفافية كانت كافية لسد أي باب لمن له غرض من الولوج في القضية ... أليس ذلك أوفق وأدعي لبراءة البلاد , أن سوء إدارة هذه الأزمة أدخل البلاد في عنق الزجاجة فهذه القضية تلقفتها الأيادي الأجنبية بغرض الضغط علي الحكومة وحتى نكون دقيقين و منصفين فان هذه القضية ليست مختلقة بالكامل ولا هي من نسج مؤامرة دولية تجاه البلاد ومع أننا لا نستطيع الجزم بحقيقة ما حدث إلاّ بعد الوقوف علي تحقيق محايد ونزيه فأن وراء الأكمه ما وراءها....... يكفينا ما يواجهنا من مشاكل بعضها آخذ برقاب بعض فلماذا نزيد الطين بلة ... مازالت هنالك فرصة للحكومة
للخروج من هذه القضية بسلام , ولا يكون ذلك إلا بالكشف عن حقيقة ما جري أي كان حجمها وإلاّ فلا ينفع ولات حين مناص.....
ماذا يضيرنا لو سمحنا للبعثة الاممية بإعادة التحقيق بطريقة شفافة لا لبس فيها ونتحمل ما تسفر عنها هذه التحقيقات .... اغلب الظن ان التحقيقات سوف تسفر عن كذب الإدعاءات من أساسها أو أن تسفر عن جرائم فردية محدودة يمكن معالجتها وفق إجراءات جنائية بواسطة النيابة المختصة ، في كل الحالات لا تخسر البلاد شيئاً بل تربح الحكومة بان الإدعاءات التي ملات الدنيا وشغلت الناس لا أساس لها , حتى ولو كشفت التحقيقات أن ثمة جريمة اغتصاب ارتكبها فرد أو أثنين من القوات المسلحة ذلك لا يعني أن الجريمة ارتكبت بصورة ممنهجة تحقيقا لأغراض عسكرية أو سياسية ، هذا
الطريق يتفق مع العقلانية والحكمة وفيه النجاة من الاستدراج الذي يسعي له أعداء هذه البلاد في الداخل والخارج ، أما ألانكفاء علي الذات وإدعاء البراءة الكاملة وان الأمر كله مجرد استهداف ومؤامرة لضرب هذه البلاد تقف وراءها الصهيونية العالمية , وان التهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور لا تجدي ، وقد علمتنا تجربة هذا النظام انه ينتفخ ويصول صولة الأبطال ولكن سرعان ما يخضع للضغوط ويوافق علي ما يرفضه ذليلاً , سمعنا كثيراً تلك العنتريات من مثل باطن الأرض خير لنا من ظاهرها ان وطئت قدم جندي أجنبي أرض هذه البلاد الطاهرة ولكن ذهبت كل ذلك إدراج
الرياح ودخلت القوات الاجنبية وهي من كل لون وجنس تسرح وتمرح في بلادنا وتدعي أنها جاءت لصنع السلام و حفظه و حماية المواطنين السودانيين وهلمجرا...... آن الأوان لهذه الفئة الحاكمة أن تعود إلي رشدها وتتعامل مع قضايا البلاد بمسئولية لئلا توردنا موارد الهلاك.
 

الراكوبة


Navigate through the articles
Previous article موريتانيا تحيي ذكرى الإستقلال المترو والسكك الحديد مصر صامدون أمام الإرهاب Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع