المقالات و التقارير > السبسي والمرزوقي يغازلان «الجبهة الشعبية»

السبسي والمرزوقي يغازلان «الجبهة الشعبية»

لم تحسم «الجبهة الشعبية» في تونس قرارها بشكل نهائي حول دعم مرشحي الدور الثاني للانتخابات الرئاسية الباجي قائد السبسي ومنصف المرزوقي، غير أن المزاج العام لدى قيادات الجبهة يتجه نحو التصويت للأول أو على الأقل الدعوة لعدم التصويت للثاني، لكن أغلب المراقبين يؤكدون أن قواعد الجبهة قد لا تلتزم بما تمليه عليها القيادات في هذا الشأن.
وعقد مجلس أمناء الجبهة، التي تضم 12 حزبا موزعة بين اليسار والقوميين، الخميس اجتماعا لإصدار موقف نهائي بخصوص الانتخابات الرئاسية، لكن يبدو أنه لم يتم التوصل إلى قرار موحد بين مكونات الجبهة حتى الآن.
وكان بعض القياديين لجأوا لمغازلة الجبهة (القوة الثالثة في الرئاسية والرابعة في التشريعية)، وهم يعلمون جيدا أنها تشكل رقما صعبا لا يمكن تجاوزه في المعادلة السياسية في البلاد، وبالتالي فإن الحصول على تأييدها قد يرجح كفة مرشح على آخر.
حيث قال الناطق باسم «نداء تونس» لزهر العكرمي في تصريح صحافي «في التوجه العام نحن أقرب للجبهة الشعبية، من حيث النمط المجتمعي الذي نؤمن به واحد، ورؤيتنا للاستقرار والاغتيالات وغيرها، مع بعض الاختلافات في الوضع الاقتصادي وبعض القضايا»، فيما أكد مدير حملة المرزوقي عدنان منصر أنه يعوّل على «مواقف قواعد الجبهة المتمسكة بالديمقراطية والرافضة لرموز النظام السابق».
وكانت الجبهة، التي حصل مرشحها حمة الهمامي على المركز الثالث في الانتخابات الرئاسية، شكلت مع «نداء تونس» وبعض الأحزاب الأخرى «جبهة الإنقاذ الوطني» إثر اغتيال القيادي المعارض محمد البراهمي، حيث دعت لـ»تصحيح مسار الترويكا» وحملتها مسؤولية العنف في البلاد ودعت لإسقاط حكومتها واستبدالها بحكومة إنقاذ وطني.
وكان القيادي في الجبهة زياد لخضر أكد أنها لن تدعم المرشح منصف المرزوقي الدور الثاني لأنّه «حليف الأطراف المعادية للديمقراطية والتي لها علاقة بالإرهاب»، فيما أكدت القيادية في نداء تونس بشرى بلحاج حميدة أن الجبهة الشعبية ستساند المرشح الباجي قائد السبسي.
غير أن القيادي أحمد الصديق أكد أن الجبهة لم تحسم قرارها النهائي بشأن دعم أي مرشح، مشيرا إلى أن مجلس أمناء الجبهة الشعبية سيجتمع لاتخاذ القرار المناسب في هذا الشأن، وإلى أن أي تصريح أو موقف من داخل الهيئة أو خارجها حول موقفها من هذا الأمر لا يلزم سوى صاحبه، على اعتبار أن حمة الهمامي هو المخول الوحيد بالإدلاء بتصريح حول القرار النهائي لمجلس الأمناء.
لكن الصديق أكد في تصريح صحافي لاحق أن الجبهة تتجه لإعلان تأييدها لمرشح حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي في مواجهة الرئيس منصف المرزوقي الذي وجه انتقادات كثيرة لطريقة إدارته للبلاد خلال الفترة الانتقالية.
وترى الباحثة آمنة منيف (رئيسة جمعية كلنا تونس) أن جمهور الجبهة الشعبية ليس جسما منسجما، مشيرة إلى أنها جبهة انتخابية متكونة من أحزاب متعددة، وتحوي قواعدها جزءا كبيرا من الشباب الذين يحملون فكرا ثوريا، و»كذلك توجهات الجبهة متعددة، هناك من ينتمون لليسار الاشتراكي وهناك القوميون والبعثيون ولهذا أعتقد أن النقاش لم يحسم بعد داخل الجبهة الشعبية».
وتضيف لـ»القدس العربي»: «لا أعتقد أن كامل أصوات حمة الهمامي يمكن التعويل عليها لفائدة السبسي، خاصة إذا واصلت حملة السبسي بحدتها ونظرتها «الدونية» إلى المنافس الآخر، فلا بد من التعامل معه بطريقة مختلفة وأعتقد أنه إذا لم يوجد نقاش مباشر (مناظرة تلفزيونية) بين الطرفين حول الماضي لتقييم التجربة السياسية لكلا المترشحين وبرامجهم، فإن جزءا كبيرا من الناخبين قد لا يتبع التعليمات التي تقدمها الأحزاب».
وتشير منيف إلى أن الانتماء الحزبي في تونس «ما يزال هشا، ومن صوتوا للجبهة الشعبية ليس بالضرورة أن ينتمي جميعهم للجبهة الشعبية، فهناك جزء كبير من من صوتوا لحمة الهمامي بالخصوص لأنهم أرادوا لونا آخر وشخصية مختلفة.
وإذا استثنينا حركة النهضة فإن الانضباط الحزبي لا يوجد في تقاليدنا الحزبية بتـــونس، بمعــــنى أن الناخبين ليس بالضرورة أن يتبعوا توصيات أحــــزابهم، خاصة عندما تكون متعددة الأطياف كالجبهة الشعبية».
وأصدرت الجبهة الشعبية مساء الخميس بيانا تؤكد فيه أنها تتابع بانشغال شديد الخطاب الانتخابي الانفعالي لكل من المرزوقي وقائد السبسي «من هتك للأعراض وتقسيم جهوي وعروشي ودعوات للعنف والكراهية وحتی الاقتتال وتهديد لوحدة التراب التونسي».
ودعت الجبهة الشعبية الأطراف المتنافسة إلى «تغليب المصلحة الوطنية والابتعاد عن خطاب التقسيم للشعب»، مذكرة بأن الحملة الانتخابية لمرشحها الســابق حمة الهمامي ارتكزت بالأساس علی شــعار وحدة الشعب «لأن الرئيس المقبل هو رئيس للشعب كله وليس لفئة معينة».
يذكر أن الجبهة الشعبية فازت بالمركز الرابع في الانتخابات التشريعية الأخيرة، حيث حصدت 15 مقعدا في البرلمان، وكان القيادي الجيلاني الهمامي أكد أنها ستبقى منفتحة على جميع القوى التي تشترك معها في التوجهات العامة.
وتوقع أن تضم كتلتها البرلمانية إلى جانب أعضائها الخمسة عشر، بعض الأطراف السياسية كحزب الفلاحين وحركة الديمقراطيين الاجتـماعيين وبعض الشخصيات المستقلة، مشيرا إلى أن انضمام حركة الشعب ما زال غير مؤكد في ظل وجود خلافات معها حول بعض القضايا، كما أكد أن الحديث عن المشاركة بالحكومة ما زال سابقا لأوانه، مذكرا بأن تشكيلها لن يكون قبل معرفة النــتائج النهائية للانتخابات الرئاسية.

القدس العربي


Navigate through the articles
Previous article الارهاب و مصادر التمويل تعرّف على الاسباب التي ادت الى تبرئة مبارك Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع