المقالات و التقارير > مستشار الرئيس والحكومة في وجه الوزير

مستشار الرئيس والحكومة في وجه الوزير

أكثر من 24 مستشارًا تم تعينهم لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، ويقابلهم 34 وزيرًا لمجلس وزراء مصر، علمًا بأن مهام هاتين الفئتين تتشابه كثيرًا كمستشارين ووزراء، فهل يتعارض عمل هؤلاء؟ وما فائدة تعيين مستشار في ظل وجود وزير يدخل في اختصاصاته عمل المستشار؟ ومن سلطته أعلى من الآخر: المستشار أم الوزير؟

فعلى سبيل المثال وليس الحصر نجد أن هناك منصب مستشار رئيس الوزراء لشئون الثقافة يشغله الدكتور محمد إسماعيل أمين سراج الدين، على الرغم من وجود الدكتور جابر عصفور كوزير للثقافة، وأيضًا المهندس هاني حلمي عازر مستشار رئيس مجلس الوزراء لشئون النقل والمواصلات والأنفاق، وفي نفس الوقت يوجد المهندس هاني ضاحي وزيرالنقل، بالإضافة إلى الدكتور فتحي صالح مستشار رئيس مجلس الوزراء للحفاظ على التراث، في ظل تواجد الدكتور ممدوح الدماطى وزيرالآثار..

منصب الوزير نعرف مهامها وحدودها وصلاحيتها، أما منصب مستشار رئيس الوزراء فلا يوجد له أي تعريف أو توضيح لطبيعة المهام في أي من قرارات الحكومة، كما أنه غير موضح مدى صلاحياته.

«وزير مكرر».. ولا نفهم السبب

في البداية يعلن الفقيه الدستورى نورالدين فرحات أنه لا يفهم لماذا يقدم رئيس الحكومة على تعيين مستشار له في ظل وزير في نفس المهام، ضاربًا مثالاً بوزير الثقافة، ومتسائلاً “ماذا يفعل وزير الثقافة؟ وأين هو؟ وإن كان رئيس الحكومة غير مقتنع في الأساس بالوزير الذي عين لنفس مهامه مستشارًا له، فليقم بإقالته، مشيرًا إلى أنه إذا كان رئيس الوزراء مقتنعًا بالوزير وبكفاءته، وقام في نفس الوقت بتعيين مستشار كـ “وزير مكرر” فهذا يدخل في باب العبث السياسي والإداري معًا.

وعن مستشاري الرئيس قال “فرحات” إن الفرق بين الوزير ومستشار الرئيس هو أن الوزير يكون مسئولاً سياسيًّا عن سياسة يضعها غيره، أما المستشار فيقترح السياسات دون وقوع أي مسئولية عليه.

وقال شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الأسبق في حكومة كمال الجنزوري، إنه شخصيًّا لا يعرف ما الفائدة والنفع العائد من وراء تعيين مستشار لرئيس الوزراء لملف يوجد بالفعل وزير مسئول عنه بشكل كامل وقام رئيس الحكومة باختياره.

ولفت “عبد الحميد” إلى أن منصب مستشار رئيس الحكومة لشئون الثقافة لم يكن موجودًا عندما كان وزيرًا، معقبًا “من يستطيع أن يفك هذا اللغز هو مجلس الوزراء وحده”.

المستشار لا يخضع للتقييم.. وخارج نطاق المسئولية

أما الدكتور جمال سلامة رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، فيرى أن مبدأ تعيين مستشار لرئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية يرجع إلى شخص الرئيس ورئيس الحكومة، حيث إن هناك عددًا ممن تولوا المنصب قبلهما لم يأتوا بمستشارين لهم في مناصب كما حدث الآن، والعكس صحيح.

وأوضح أن بعض رؤساء مجلس الوزراء يرون أنهم يحتاجون إلى مستشار لهم في أحد الملفات؛ ليكون بمثابة همزة الوصل مع الوزير، كما أن هناك بعض أصحاب الخبرات الرفيعة التي لا تتمكن من التواجد، وخدمة الملف كوزير مقيد على عكس المستشار الذي يكتقي بإبداء الآراء والدراسات حول الملف الذي يتولاه.

وتساءل سلامة “هل يقوم هذا المستشار بالدور الذي يجب أن يقوم به؟”، مطالبًا بوجود مراجعة دورية على المستشارين؛ للوقف على مدى الاستفادة منهم، لافتًا إلى أن معظم دول العالم تستعين بهؤلاء المستشاريين/ ولكن بمعايير.

وتساءل “ما السبب الذي يجعل المصالح الحكومية ومؤسسات الدولة تستعين بمنصب مستشار قانوني من مجلس الدولة أو أحد القضاة، على الرغم من وجود منصب رسمي في تلك الهيئات اسمه مدير إدارة الشئون القانونية؟!”.

الرئاسة.. مستشارون مكررون للوزراء ولكن بضوابط

لم يسلم أيضًا مستشارو الرئيس من تكرار الملفات التي يتولون العمل عليها، حيث نجد أنه يضم في مجال الزراعة الدكتور هاني الكاتب في ظل وجود الدكتور عادل توفيق السيد البلتاجي وزيرًا للزراعة، وفي الاقتصاد الدكتور محمد العريان في ظل وجود هاني قدري يوسف دميان وزيرًا للمالية، وأشرف عبد التواب سالمان وزير الاستثمار، وفي الطب والصحة العامة الدكتور محمد غنيم، والدكتور مجدي يعقوب على الرغم من وجود الدكتور عادل حسن عبد اللطيف عدوى وزيرًا للصحة، وفى مجال التعليم العالى والبحث العلمى يضم الدكتور أحمد زويل، ونبيل أحمد فؤاد، وفيكتور أوغست رزق الله، ونبيل فؤاد فانوس جريس، وفي المقابل يشغل السيد أحمد عبد الخالق وزيرًا للتعليم العالي، وشريف على محمد حماد وزيرًا للبحث العلمي. وفى مجال الطاقة المهندس هانى النقراشى، والمهندس إبراهيم سمك، وفي الناحية الأخرى يشغل محمد حامد شاكر المرقبي وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، وشريف إسماعيل محمد إسماعيل وزيرًا للبترول والثروة المعدنية. وفي مجال التعليم ما قبل الجامعى الدكتورة ميرفت أبو بكر سيد أحمد على الرغم من وجود منصب وزير التربية والتعليم يشغله الدكتور محمود محمد وأبو النصر.

رغم كل هذا التكرار في الملفات، إلا أن منصب مستشار رئيس الجمهورية لم يكن غامضًا كنظيره في مجلس الوزراء، حيث إن قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بتشكيل مجلس استشاري له حمل تعريفًا دقيقًا لهذا المنصب ومدى صلاحياته وتكليفاته، وأوضح أن مهام هؤلاء المستشارين هي:

يختص المجلس بـ ”تقديم الاستشارات العلمية والفنية لرئيس الجمهورية في كافة المجالات، ودراسة ما يقدم إليه من اقتراحات أو أفكار وتحديد مدى ملاءمتها للتنفيذ الفعلي من وجهة النظر العملية – تقديم المقترحات اللازمة للارتقاء بمنظومة التعليم والبحث العلمي وعرضها على الرئيس – اقتراح مخططات المشروعات القومية الكبرى، والسياسات المستقبلية لكافة قطاعات الدولة على أسس علمية، وعرضها على رئيس الجمهورية – إطلاع رئيس الجمهورية على أحدث ما وصلت إليه العلوم الحديثة على مستوى العالم.

هاني عازر.. المستشار المزدوج

وبعيدًا عن إشكالية تعيين مستشارين لرئيس الجمهورية والحكومة للقيام بمهام من صلب الوزراء المختصين، فإنه مع ملاحظة أسماء المستشارين، وجدنا أن كلاًّ من رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء إبراهيم محلب اختار اسمًا واحدًا ليكون مستشارًا لكل منهما، يحمل صلاحيات وآليات مختلفة للتطبيق، وهو هاني حلمي عازر، مستشار رئيس مجلس الوزراء لشئون النقل والمواصلات والأنفاق، وفي نفس التوقيت عضو مجلس العلماء الاستشاري للرئاسة، على الرغم من اتفاق كل من الحكومة والرئاسة على وزير مختص لشئون النقل، وهو المهندس هانى ضاحى.

صلاحيات توازي مجلس الوزراء ينقصها التنفيذ

أعطى رئيس الجمهورية لمستشاريه صلاحية استدعاء أي من الوزراء أو المحافظين أو رؤساء المصالح أو الهيئات أو من ينيبوهم لحضور مناقشة موضوع معين للاستفسار عن أمر يدخل في اختصاص الجهة الحاضر عنها، وأجاز له الاستعانة بأي من العاملين برئاسة الجمهورية أو غيرها من الجهات؛ لتولي كافة الأعمال الإدارية المتعلقة بالمجلس ولجانه.

ومن ضمن الصلاحيات التي يتمتع بها أنه يجوز له أن يقوم بتشكيل لجنة أو أكثر لدراسة موضوع أو موضوعات معينة، ولكل عضو من أعضاء المجلس من غير أعضاء اللجنة أن يحضر اجتماعات اللجنة دون أن يكون له صوت معدود في مداولاته، وأعطى له حق تنظيم ‘لائحة بإجراءات ونظام عمله وإجراءات ونظام عمل اللجان التي يشكلها وكيفية التصويت على قرارات اللجان، والأغلبية اللازمة لإقرار التوصيات الصادرة عنه.

ولم تترك الرئاسة المجلس الاستشاري بدون تقييم لما أنجزه في الملفات المكلف بالعمل عليها، حيث نص آخر بند من قرار تدشين المجلس على أن يعرض المنسق العام على رئيس الجمهورية تقريراً كل شهرين بنتائج أعمال المجلس متضمناً التوصيات والمقترحات الصادرة.

البديل


Navigate through the articles
Previous article الإيبولا.. شبح قاتل يهدد الجميع خريطة الجماعات الإرهابية في إفريقيا Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع