حذر الكاتب الكبير محمد حسنين
هيكل من عودة مقلقة لرجال عصر مبارك إلي صدارة المشهد السياسي في البلاد,
مشيرا إلي أن العودة الواضحة لرجال مبارك تتم بطريقة تستدعي الشك علي أقل تقدير
محذرا مما وصفه بأنياب المصالح التي بدأت تظهر بأكثر مما تقتضيه الأمور وهي أنياب
للفتك وليست للضحك. ودعا هيكل الرئيس عبدالفتاح السيسي إلي أن يقود ثورة علي نـظامه
مشيرا إلي أن مستقبل البلد يحتاج إلي نـظرة متجددة وأن السيسي لم يعد أمامه سوي
تحقيق نجاح كامل فهو لا يكفيه نصف نجاح وإنما أصبح في حاجة إلي أشياء كثيرة لتحقيق
هذا النجاح حتي تقف مصر علي قدميها. وكان الكاتب الكبير يتحدث ليلة أمس إلي لميس
الحديدي علي فضائية سي بي سي في مستهل سلسلة جديدة من الحوارات تحت عنوان2015 عام
الحقيقة عندما قال إن الذكري الرابعة لثورة يناير التي تهل مطلع العام المقبل سوف
تكون فرصة حقيقية لكي يقدم الرئيس ليس فقط رؤية المستقبل وإنما تفسير إلي بعض ما
جري في عهد المجلس العسكري, مشيرا إلي أنه برغم عظمة الإنجازات التي تشهدها مصر
حاليا في كل المجالات إلا أن المستقبل لا يمكن أن يبني علي مصنع أو طريق أو قناة
لكن يجب أن يوضع هذا كله في سياق رؤية وضمن نظرة نقدية لكل شيء حتي نستعيد روح
الثورة سواء في25 يناير أو30 يونيو مشيرا إلي أن الشعب المصري الذي ثار في سبيل
التغيير لابد وأن نصيغي لصوته ولابد من الاستجابة لمطالبه.
وقال هيكل إن الرئيس السيسي يحتاج إلي أن يطرح علي المصريين رؤية أوسع من
المشروعات, مستندا في ذلك إلي ثقة الناس فيه بعدما منحه الشعب مالم يمنحه لأحد منذ
عهد جمال عبد الناصر, لكن هذا يحمله مسئولية أكبر, وهو أن يقدم رؤية وأن يقف بجوار
ما يعتقد أنه صحيح.
ووصف هيكل عصر مبارك بأنه كان عصر تجريف مصر من كل شيء, من مواردها الطبيعة
والبشرية, مشيرا إلي أن محاكمة مبارك جنائيا لم تكن هي المسار الصحيح, وإنما الحل
منذ البداية هو محاكمته سياسيا, وهو أمر لم يعد بالإمكان تحقيقه اليوم بعد مثوله
أمام القضاء. ودعا هيكل الرئيس إلي تشكيل لجنة حقيقية وجدية لتقصي الحقائق حول
العديد من القضايا التي جرت في عصر مبارك, تقدم تقريرا وافيا إلي مجلس النواب
القادم, ليناقش الأمر في جلسات سرية وعلنية, للوصول إلي قرار في القضية, مشيرا إلي
أن هذا موضوع لا يمكن أن يمر, أو أن تكون نهايته روح منك لله.
ووصف هيكل الجو السياسي في مصر بأنه مملوء بالالتباس وفيه تلوث, مشيرا إلي أن صناعة
الأخبار سواء في مصر أو في الخارج, انتقلت من مواقع رسمية إلي قوي حقيقية مؤثرة في
المجتمع. وأضاف لقد أصبح دافوس الآن, أشد تأثيرا من اجتماعات الجمعية العامة للأمم
المتحدة, وحارة حريك في بيروت أهم بكثير من قصر بعبدا الذي يقطنه رئيس الجمهورية في
لبنان, لافتا إلي أن بعض الفضائيات في مصر أصبحت تمارس دور الأحزاب.
ووصف الأستاذ إقدام عدد من السفارات الغربية في القاهرة علي إغلاق أبوابها بأنه دلع
أكثر من اللازم, مشيرا إلي أن هناك من يشعرون بظروف الانكشاف التي تمر بها مصر,
ويتصورون أن الفرصة أكبر للابتزاز للحصول علي أكبر قدر من الامتيازات.
وأضاف إن السيسي رغم أنه يعرف كل شيء في مصر, ويحفظ الأرقام, إلا أنه قابل ما لم
يتوقعه, وهو أن الحقيقة أعمق من الأرقام.
وتابع هيكل الناس تعبت من قلة الموارد, والثورة لم تصنع شيئا للدولة, علي الرغم من
نداءات التغيير وهي نداءات حقيقية وعميقة, وأضاف هيكل: يجب أن نكون منصفين في النظر
إلي الشباب وكثير منهم اليوم غاضب وناقم, لكننا يجب أن نفهم أسباب ذلك ودواعيه, وفي
مقدمته أن هؤلاء الشباب ابتعدوا عن العمل السياسي لفترة طويلة, فيما الشباب الجديد
الموجود الآن نافد الصبر, خاصة أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية تمارس ضغوطا
عليهم. ومضي قائلا: أعتقد أن الرئيسي السيسي الذي يحفظ أرقام المتعطلين, لم يضع في
اعتباره الحالة النفسية لهؤلاء المتعطلين, فيما مطالب التغيير عولجت بمنطق التسيير.
وأكد هيكل أن المشكلة الحقيقية التي عانت منها مصر طوال سنوات حكم مبارك, هي أننا
لم نكن أمام فساد دولة, ولكن دولة فساد, مشيرا إلي أن الخطأ الذي وقعنا فيه هو اننا
حاكمنا مبارك بمقتضي قوانينه وأجهزته, بينما كان يتعين من البداية أن تكون المحاكمة
سياسية. وقال هيكل إن الخطأ الرئيسي هو أننا لم نضع قواعد لمحاكمة سياسية بعد
الثورة, مشيرا إلي أن الثورة من حقها أن تضع دستورها وقانونها, طبقا لرؤي, جديدة
وحقائق جديدة, وهذا لم يحدث, بل إننا واصلنا العمل بنفس المنهج, حتي صدرت الأحكام
ببراءة مبارك.
ووصف هيكل رجل الأعمال حسين سالم, بأنه أحد الألغام الغاطسة في التاريخ المصري التي
ليس لها جواب, مشيرا إلي أنه كان موجودا بجانب الرئيس مبارك يمارس دورا يحتاج إلي
ضوء كبير, وقال إن ما جري خلال سنوات مبارك يعد مصيبة ثقافية وفكرية وإنسانية
وحضارية, اعادت البلاد إلي عصر ما قبل محمد علي.
وقال هيكل إن الموارد المصرية والبشرية تم تجريفها طوال عصر مبارك, مشيرا إلي أن
الوضع في مصر يحتاج الآن, إلي أن يتقدم كل من يستطيع المساعدة, مشيرا إلي أنه لو
حدث تراجع كبير في أسعار البترول, سيقل دخل الدول المساعدة لمصر بنسبة40%, مضيفا:
إذا لم نستطع التصرف بمقتضي الضرورات في مواجهة المستقبل, فإنني أخشي أن نتحول إلي
بلد فاشل, وهذا ما ينبغي ألا يحدث لا لهذا البلد ولا للأمة.
الأهرام
Navigate through the articles | |
خبراء أفارقة يناقشون التهديدات الأمنية | موريتانيا تطلق حملة لمكافحة ظاهرة زواج الأطفال |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|