زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح
السيسي الأخيرة، إلى الصين توجت سياسة «النوافذ المفتوحة» التي تطبقها مصر منذ وصول
السيسي إلى سدة الحكم؛ بهدف ضمان تحقيق إنجاز في المجالين السياسي والاقتصادي في
أقرب وقت ممكن، وضمان استقلال القرار المصري، وفق خبراء سياسيين.
سياسة النوافذ المفتوحة، بدأت مع طرق مصر لأبواب عدد من الدول زارها الرئيس المصري،
وهي روسيا، وإيطاليا، وفرنسا، وانتهت بالصين التي عاد منها، مطلع الأسبوع، بعد
زيارة استمرت 4 أيام.
مصادر مصرية قالت «سياسة بلاده هي الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع جميع الدول دون
استثناء، دون أن تكون علاقة القاهرة بدولة على حساب دولة أخرى؛ فمن حق مصر أن تسعى
لتوطيد علاقتها مع الشركاء الدوليين، في إطار المصالح المتبادلة، لاسيما في ظل
التهديدات التي تواجهها في الداخل والخارج».
وبشأن طبيعة هذه التهديدات، أشار المسؤول في حديثه إلى جهود بلاده في مكافحة
الإرهاب في الداخل، فيما ألمح إلى دول، لم يسمها، تحيك المؤمرات ضد القاهرة.
ويسابق الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الزمن، حتى يتمكن من تحقيق إنجاز سريع
خلال العامين الأولين من ولايته (4 سنوات)، تحديدا في الشق الاقتصادي؛ حيث يسعى إلى
الحصول على استثمارات تمكّن الاقتصاد المصري من التعافي، وخلق فرص عمل للشباب، وهو
ما يفسّر طلب الرئيس المصري من المصريين، في أكثر من مناسبة، بالانتظار لمدة عامين،
حتى يستشعروا تحسنا في المناحي المعيشية.
واستطاعت وعود السيسي، منذ توليه، بشأن اقتراب تحسين تلك المناحي، أن تجعل قطاعًا
من المواطنين، لاسيما المؤيدين له، يتابعون بشغف المشروعات الداخلية التي يعلن عنها
مثل مشروع قناة السويس الجديدة، بالإضافة إلى الزيارات الخارجية التي يقوم بها.
وفي إطار سعيها نحو الإنجاز السريع، اتجهت مصر نحو عدد من الدول، في إطار سياسة
التعاطي مع النوافذ المفتوحة، على أمل إعطاء زخم كبير لمؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي،
المقرر في مارس / آذار المقبل، حيث تعول عليه في الحصول على دعم مالي ضخم يؤهلها
لتحقيق إنجاز اقتصادي سريع؛ وهو ما يكون له تأثيرات إيجابية على إرضاء الشارع
المصري الباحث عن حياة أفضل. جواد الحمد، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بالأردن،
قال إن القاهرة تسعى إلى توسيع شبكة علاقاتها الخارجية مع القوى الدولية والإقليمية
المؤهلة لأن تكون نافذة مفتوحة لها، لتحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية في أقرب
وقت، مع الاحتفاظ بالعلاقات مع الغرب.
المصالح السياسية والاقتصادية، حسب الحمد، تتعلق بثلاث نقاط رئيسية وهي تنويع مصادر
الحصول على السلاح، وضمان الدعم في مكافحة الإرهاب، والحصول على الدعم الاقتصادي
والاستثمارات، وهي النقاط التي من شأنها تحقيق إنجاز للسلطات الحالية، في الداخل،
وقبل انتهاء فترة ولاية الرئيس الحالي الذي تولى الحكم في يونيو/حزيران الماضي.
ورأى أن «هناك تغييراً نسبياً في السياسة المصرية الخارجية لصانع القرار، فهي تسعى
لتنوع العلاقات، بما يخدم مصالحها، دون التقيد بجغرافية الدول الشركاء، أو التحالف
مع واشنطن والرياض، المستمر من قبل ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011»، لافتاً إلى
أن «تطلعات الشعب المصري يدفع بالقيادة إلى تنويع علاقتها وتوسيعها».
واللافت أن الاتجاه في اتباع سياسة «النوافذ المفتوحة» يميل أكثر للدول التي لا تضع
شروطًا تمس حقوق الإنسان أو اتخاذ مواقف بعينها في قضايا إقليمية ودولية، حيث تتجه
مصر إلى الدول التي تنشغل أكثر بالعلاقات الاقتصادية، وهو ما حدث في الصين، وهو ما
يضمن الحفاظ على التوازن الدولي الخارجي، من خلال وجود شركاء اقتصاديين، متعددين،
كما سيضمن تحقيق الإنجاز السريع.
طلال العتريسي، مدير مركز الدراسات الإستراتيجية بلبنان، فسّر مساعي القاهرة لتطبيق
سياسة «النوافذ المفتوحة»، بقوله: «ليس بغرض ضمان المصالح السياسية والاقتصادية
فحسب، ولكن، أيضا، حتى لا يكون هناك تحكم في صناعة القرار المصري، من خلال فرض شروط
مقابل تقديم دعم سياسي أو اقتصادي، لاسيما في ظل اختلاف المواقف الدولية بشأن قضايا
مثل الأزمة السورية، والقضية الفلسطينية، أو التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين».
وهو يرى أن «سياسة النوافذ المفتوحة ستسهم في تصحيح مسار دول، لم تدعم مصر عقب
أحداث 30 يونيو / حزيران 2012، وأخرى ترددت في تحديد مواقفها، بما يدفع هذه الدول
إلى تقديم دعم اقتصادي للقاهرة سواء من خلال ودائع تقدمها على غرار دول الخليج، أو
استثمارات من خلال مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي مارس / آذار المقبل».
وعن مستقبل مصر في ضوء اتباع سياسة النوافذ المفتوحة، وما إذا كانت ستقوم بتطبيقها
مع دول أخرى، قال مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية
والاستراتيجية إن «مصر ستتوسع في تطبيق هذه السياسة، في إطار ضمان أكبر لمصالحها،
فعلى حد قوله، كلما تعددت النوافذ، استطاعت القاهرة أن تستقل بسياستها الخارجية».
وركز غباشي في حديثة على المكاسب المأمولة لمصر من طرق نوافذ دولية متعددة، بخلاف
الولايات المتحدة، قائلاً: «مصر تركز في التعاطي مع النوافذ الدولية المختلفة في
تحقيق مكاسب عديدة، وظهر ذلك جليا في زيارة موسكو وبكين، ففي الأولى كان التركيز
على التوسع في التعاون في مجال تصدير الأسلحة، وفي الثانية، كان السعي إلى الشراكة
مع ثاني أكبر قوى تجارية اقتصادية في العالم وضمان الحصول على استثمارات في مجالات
عدة».
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد عاد الخميس من الصين، بعد زيارة استمرت 4
أيام، وشهدت توقيع نحو 26 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين الحكومة المصرية والشركات
الصينية لتنفيذ عدد من المشروعات في مجالات عدة من بينها تطوير قطاعي الكهرباء
والنقل.
وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني، قام السيسي بأول جولة أوروبية منذ توليه الحكم في
يونيو / حزيران الماضي؛ زار خلالها كل من فرنسا وإيطاليا، وناقش فيها عدد من
القضايا الثنائية والإقليمية، إلى جانب اصطحاب عدد من رجال الأعمال والمستثمرين،
للتشاور مع شركات فرنسية وإيطالية حول إمكانية فرص الاستثمار في البلاد.
وسبق هذه الجولة زيارة قام بها السيسي، إلى موسكو، في 12 أغسطس/آب الماضي، اتفق
فيها مع نظيره الروسي، على توسيع التعاون في مجال تصدير الأسلحة إلى مصر، إلى جانب
دراسة إنشاء مركز لوجستي مصري على سواحل البحر الأسود.
ولم تخل زيارات الرئيس المصري من طرح وتبادل وجهات النظر مع قادة الدول التي زارها
حول قضايا «مكافحة الإرهاب»، والأزمة في غزة، والأوضاع في كل العراق، وسوريا،
وليبيا.
وحول ما إذا كانت علاقة القاهرة مع هذه النوافذ ستؤثر سلباً على علاقتها ببقية
الدول، اتفق الخبراء الثلاثة أن اتباع هذه السياسة لن يؤثر على العلاقات المصرية
الأمريكية، أو العلاقات المصرية الخليجية، بل ربما يسهم في دعمها خلال الفترة
القادمة.
واعتبروا أن هذه السياسة تشكل عامل ضغط على واشنطن لدفع علاقاتها قدما مع السلطات
المصرية الحالية، مدللين على ذلك باتخاذ الولايات المتحدة قرارها بتسليم 10 مروحيات
أباتشي للقاهرة في 20 ديسمبر/كانون أول، وهي الخطوة التي كانت معلقة منذ نهاية
العام الماضي.
وكانت الإدارة الأمريكية أعلنت في أكتوبر/ تشرين الأول 2013 تعليق جزء من المساعدات
العسكرية السنوية لمصر، بينها 10 مروحيات أباتشي لحين «اتخاذ مصر خطوات على طريق
الديموقراطية»، وذلك في خضم توتر بين البلدين إثر عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في
يوليو/ تموز من نفس العام، قبل أن تسلم هذه المروحيات لمصر الشهر الماضي.
القدس العربي
Navigate through the articles | |
الإيبولا لن ينتهِ مع عام 2015 | توسع الدور الإثيوبي في الصومال.. تأمين أم اختراق؟ |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|