المقالات و التقارير > “السبسي” رئيسا لتونس.. التحديات والمخاطر

“السبسي” رئيسا لتونس.. التحديات والمخاطر

طوت تونس صفحة الانتخابات الرئاسية وأسدلت الستار على الجولة الثانية التي تنافس فيها “الباجي قايد السبسي” و”محمد المنصف المرزوقي”، بإعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن رئيس الوزراء التونسي الأسبق “السبسي” هو الفائز في الانتخابات الرئاسية بنسبة 55,68 بالمائة من الأصوات، ليتربع بذلك على كرسي الرئاسة في قصر قرطاج لمدة 5 أعوام بعد ثورة قادها الشباب التونسي في 17 ديسمبر 2010.

 

السبسي في سطور

“محمد الباجي بن حسونة قائد السبسي”، سياسي ومحامي تونسي ورئيس حزب نداء تونس، ولد في 29 نوفمبر عام 1926، وتقلّد العديد من المناصب الوزارية في عهد الرئيس الأسبق “الحبيب بورقيبة” الذي حكم تونس بقبضة من حديد بين 1956 و1987، كما كان رئيسا للبرلمان بين 1990 و1991 في عهد الرئيس المخلوع “زين العابدين بن علي” وشغل حتى 2003 عضوية اللجنة المركزية لحزب “التجمع” الحاكم في عهد “بن علي”، ولذلك فإن معارضوه يقولون إنه “يمثل النظام القديم”، ويعتبرونه “خطرا على الديمقراطية وعلى الثورة”.

تولى “السبسي” مناصب بينها وزارات الداخلية والدفاع والخارجية من قبل، وأسس حزب “نداء تونس” في 2012، ونظراً لما يحكى عنه أنه من “أزلام العهد البائد” لم يضمّ إليه مسئولين تولوا حقائب وزارية في عهد “بن علي”، وفي مطلع فبراير 2011، عاد “الباجي قائد السبسي” إلى الساحة السياسة التي هجرها قبل عشرين عامًا، بعدما تم تعيينه رئيسا للحكومة خلفاً للمستقيل “محمد الغنوشي” وبقي في هذا المنصب حتى نهاية 2011، تاريخ تسلم حركة النهضة الحكم إثر فوزها في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي 23 أكتوبر 2011، وكانت حينها أول انتخابات حرة وديمقراطية في تاريخ تونس.

السبسي والنهضة

دعم “السبسي” حزب النهضة في انتخابات 2011 وقال إن الإسلام لا يتعارض مع الديمقراطية وأن حزب النهضة التونسي ليس مثل الآخرين، لكنه تراجع عن ما أسماه بـ”الخطأ الذي ارتكبه في تاريخ حياته السياسية” معتذرا للتونسيين، وألقى باللوم على “النهضة” بسبب ما اعتبره تراخيًا منها في التعامل مع عنف مجموعات متطرفة ظهرت بعد الثورة”، وفي 2013 نزل حزب نداء تونس بثقله في احتجاجات وتظاهرات طالبت بالإطاحة بحكومة “الترويكا” التي كانت تقودها حركة النهضة.

“السبسي” وحزبه سرعان ما فرضوا أنفسهم على الساحة السياسية، وحلّ الأول في الانتخابات التشريعية التي أجريت يوم 26 أكتوبر 2014، وترأس أحد أعضاء الحزب البرلمان، وترشح “السبسي” لأول انتخابات رئاسية بعد الثورة أمام نظيره الرئيس المنتهية ولايته “المنصف المرزوقي”، وتم انتخابه أمس رئيسًا خامسا للبلاد.

الحزب الواحد

بالرغم من أن الدستور الجديد الذي تمت صياغته بعد الثورة داخل المجلس الوطني التأسيسي قلص من صلاحيات الرئيس لمصلحة رئيس الحكومة، ضمن نظام سياسي يقوم على المزج بين الرئاسي والبرلماني، إلا أن الرئيس لا يزال يتمتع بسلطات مهمة تشمل السياسة الخارجية والأمن والدفاع فضلا عن سلطاته التشريعية، ما يجعل “السبسي” يواجه تحديات هائلة، أولها طمأنة شعبه بأنه سوف يكون “رئيس لكل التونسيين” ورغم قوله ذلك بالفعل في أول مؤتمر له بعد إعلان فوزه، إلا أن البعض منهم يشعر بالخوف من المستقبل وإعادة “دولة الحزب الواحد”، حيث يدور حديثهم حول انفراد حزب واحد بالسلطة خاصة بعد فوزه برئاسة البرلمان وأغلبية المقاعد في المجلس، ما يجعله يشق نفس طريق حزب “التجمع” الذي حكم تونس لمدة ستين عامًا وثار ضده التونسيون، وفي أول رد فعل احتجاجي أقدم معارضين لفوز “السبسي” على إحراق مقر حزب “نداء تونس” في مدينة تطاوين بجنوب البلاد، حيث بدأت الأحداث بإحراق عجلات مطاطية ثم توجهوا لمقر نداء تونس واتلفوا محتوياته وأضرموا النار فيه، وفي وقت سابق أطلقت الشرطة قنابل الغاز لتفريق مئات المحتجين في “الحامة” بجنوب البلاد، واحرق المحتجون الغاضبون أيضاً مقرين للشرطة في المدينة.

السياحة والإرهاب

كشفت الثورة عن هشاشة الاقتصاد التونسي، ومع اندلاعها وخلال الفترة الانتقالية تواصل تراجع نسب النمو الاقتصادي، خاصة بعد توقف بعض الأنشطة التي كانت تمثل مصدر للدخل القومي وللعملة الصعبة وأهمها السياحة، كما تعاني تونس من الإرهاب الذي يهدد حياة التونسيين واغتال بالفعل بعض قياداتهم وجنودهم على أيدي جماعات متطرفة مثل أنصار الشريعة وتنظيمي القاعدة وداعش، الذين ينشطون خاصة في جبل “الشعانبى” على الحدود مع الجزائر، فعشية الانتخابات أعلنت مجموعة من الشباب التونسي داخل داعش بداية ما وصفوه بـ”الجهاد المقدّس” على تونس، واعترفوا باغتيال الزعيمين الليبراليين “شكرى بلعيد” و”محمد البراهمى”، كما سيجد “السبسي” ملف عودة العلاقات الدولية والإقليمية واسترجاع هيبة الدولة بين جيرانها من أهم القضايا العالقة في تونس بعد الثورة.

رئاسة الحكومة

منصب رئاسة الوزراء هو الخطوة القادمة والمكملة للسلطات في تونس، فإذا رشح “نداء تونس” قيادياً من حزبه لشغل المنصب، يكون بذلك قد أحكم الحزب قبضته بشكل مباشر على السلطات الثلاثة في البلاد “الرئاسة والبرلمان والحكومة”، أو قد يتجه “السبسي” لإسناد رئاسة الحكومة لأحد الأحزاب المتحالفة مع “نداء تونس” تجنبا للانتقادات وعودة الحزب الواحد.

المرزوقي حزب جديد

أعلن المرشح الخاسر في انتخابات الرئاسة التونسية “منصف ﺍﻟﻤﺮﺯﻭﻗﻲ” الأسبوع الماضي عن ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺣﺰﺏ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﺟﺪﻳﺪ يسمى “ﺣﺮﻛﺔ ﺷﻌﺐ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ”، حيث ﻳﻬﺪﻑ ﺍﻟﺤﺰﺏ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﺇﻟﻰ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻋلى ﻣﻦ ﻳﺤﺎﻭﻟﻮﻥ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﻮﻧﺲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺮﺑﻊ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ، حيث من المتوﻗﻊ انضمام ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﻱ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ “ﺣﻤﺎﺩﻱ ﺍﻟﺠﺒﺎﻟﻲ” بجانب بعض أنصار “ﺍﻟﻤﺮﺯﻭﻗﻲ” للحزب الجديد.

البديل


Navigate through the articles
Previous article بعد التفتيت.. أمريكا تتخلى عن جنوب السودان “السيسي” و”أردوغان”.. من الدفاع والحكومة إلى الرئاسة Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع