المقالات و التقارير > البرلمان المصري المقبل ظاهره الثورة وباطنه السلطة

البرلمان المصري المقبل ظاهره الثورة وباطنه السلطة

“القوى السياسية القديمة لن تستطيع الوصول إلى البرلمان الجديد”.. تلك الكلمات والتي كانت تصريحًا من المستشار إبراهيم الهنيدي، وزير العدالة الانتقالية للتليفزيون المصري في نهاية ديسمبر الماضي، وحديثه عن احتلال القوى الثورية للمرتبة الأولى في ذلك البرلمان، ربما تعد أُمنية كافة للمواطنين البسطاء والشباب الحالم بمستقبل أفضل له ولدولته، ولكن الحقيقة شيء آخر تمامًا؛ فالمتابع للشارع السياسي يجد أن غالبية القوائم التي ترتكن إليها الأحزاب الحالية تضم شخصيات سياسية من العهد القديم أمثال عمرو موسي وكمال الجنزوري وغيرهما، سيترشحون لمجلس النواب المقبل، وفي حال نجاحهم سيكونون مسئولين عن سن القوانين التي ستحكم البلاد خلال الفترة القادمة، بالإضافة إلى مراجعة القوانين التي صدرت خلال الفترة التي خلت بها مصر من المجلس التشريعي، وهو ما يعني أن المجلس القادم سيكون ربما أخطر مجلس تشريعي تشهده مصر خلال عهدها الحديث، وهو ما أكده أحمد الفضالي رئيس تيار الاستقلال في عدة تصريحات صحفية.

الأمر المثير للدهشة أنه في مصر فقط يكون القاضي والجلاد نفس الشخص، بل وفي بعض الأحيان جهة التحقيق أيضاً، فتلك الشخصيات إذا قدر لها النجاح في الانتخابات البرلمانية، فسوف تقوم بمراجعة نصوص القوانين التي صدرت خلال العهد البائد للمخلوع مبارك وإعادة سنها بما يتماشي مع الوضع الحالي للبلاد والدستور الجديد، وهي نفسها التي أصدرت أو ساهمت في صياغة تلك القوانين، فكيف بها أن تعاود تعديلها؟ وكيف لها أن تقبل علي نفسها ما يقال من كون تلك القوانين معيبة وضد مصالح الشعب المصري، وهم الآن يتحدثون عن كونهم ممثلين للشعب نفسه؟!!

ويرى سياسيون أنه في حال استمرار الوضع الحالي كما هو سيصبح البرلمان المقبل مجرد واجهة للنظام القديم بكافة أساليبه، ولن يكون معبراً عن الشعب أو الثورة، متسائلين: كيف يكون شخص ما مسؤلاً عن تعديل قوانين قام هو بنفسه بسنها من قبل؟! لافتين إلى ضرورة معالجة الوضع قبل أن يتطور ليصل إلى حالة التصادم بين الشعب ونوابه، الأمر الذي قد ينتج كارثة لن تحتملها البلاد.

ويقول رئيس الحزب الاشتراكي المصري أحمد بهاء الدين شعبان إنه لا يعول كثيراً على البرلمان المقبل؛ حيث سيكون المحرك الفعلي له ولتحركاته المال والسلطة، فمن غير المقبول أن نجد مرشحين مثل كمال الجنزوري والذي كان جزءًا أصيلاً من منظومة شاملة أدت إلى الوضع الخرب الذي مرت به البلاد، يتقدم لنيل كرسي بالبرلمان المقبل، والذي من المفترض تمثيله للثورة المصرية التي أطاحت بنظامه، على حد قوله.

وأضاف شعبان أن “القضية يجب النظر إليها من منظور أكبر من كرسي بالبرلمان، فقيام الشعب بثورتين ضد النظام كان بغرض تغيير حقيقي للوضع القائم بكافة صوره وشخصياته وأساليبه وليس فقط الرئيس، كما أن الدافع الحقيقي للثورتين كان الشباب؛ وبالتالي فعندما تجد أن ممثلي الشباب في البرلمان المقبل لن يتعدوا 16 شخصًا، تتيقن بأن المجلس لن يحقق المطلوب منه، هذا بالإضافة إلى تمثيل ملايين الأقباط بنسبة ضئيلة، والعمال والفلاحين بنسبة لا تتعدى 2%، كل ذلك يفيد بعدم وجود عدالة اجتماعية في التمثيل البرلماني، وهو مايتعارض مع أهم مبادئ الثورة؛ مما يجعل البرلمان المقبل في ظاهره برلمان ثوريًّا، بينما في باطنه وجوهره كسابقه تابع للنظام الحالي وما سبقه”.

ولفت رئيس الاشتراكي المصري إلى أن الدولة ساهمت في ذلك الوضع عن طريق دعمها لأشخاص بعينهم في الترشح للبرلمان المقبل، بحيث يمكن توجيهها والسيطرة عليها فيما بعد لتلافي إمكانية وقوع تصادم بين المجلس والنظام، خاصة في ظل التوسع في صلاحيات المجلس المقبل، لافتًا إلى أن ما لم تحسبه الدولة أن ذلك الأمر قد يؤدي إلى وقوع صدام أيضًا مع الشعب، خاصة في ظل التزايد المستمر للاحتجاجات العمالية نتيجة الشعور بالتجاهل من الجميع، متسائلاً أنه في حال نجاح البرلمان المقبل بهذا الشكل، هل سيقبل الشعب به، أم أن الأمور قد تصل إلى كارثة؟

وأكد الدكتور محمد البسيوني، أمين عام حزب الكرامة، أن البرلمان المقبل سيشهد حالة من الصراع السياسي بين من يريد التقدم لمصر والدفاع عن الحريات العامة والعدالة ممثلاً في التيار المدني الديمقراطي، وبين من يريد جذب الدولة للخلف وعودة النظم الفاسدة اجتماعيًّا ونفوذ رأس المال والسلطة، مشيراً إلى أن المعركة مهمة لتحديد مستقبل البلاد خلال الفترة المقبلة.

وأوضح أمين عام الكرامة أن مخاطر النظام الفردي والقوائم المغلقة بالمجلس المقبل قد تتيح الفرصة لفلول الوطني وأصحاب الأموال للسيطرة على المجلس، ولكنه في نفس الوقت يعول على وعي الشعب المصري، خاصة بعد قيامه بثورتين وتعمقه في الحياة السياسية وإدراكه لحقيقة الوضع السياسي في اختيار الشخص المناسب للمكان المناسب.

البديل


Navigate through the articles
Previous article المصريون في ليبيا بين خطف وقتل وسياسية ليبيا انهارت بالفعل.. ولا حل إلا بإيقاف تسليح الطرفين Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع