ال موقع سودان ترببون إن الحكومة السودانية أجرت الإسبوع الماضي تعديلات دستورية تعزز صلاحيات جهاز الأمن، حيث رأى بعض الخبراء أن التعديلات أعطت الأمن كافة الصلاحيات الممكنة وغير الممكنة، كذلك أتاحت تلك التعديلات للرئيس عمر البشير تعيين الولاة بدلا من انتخابهم، كما أنه بموجب هذه التعديلات أصبحت الفقرة المتعلقة بصلاحيات جهاز الأمن تنص على: “يكون جهاز الأمن الوطني قوة نظامية مهمتها رعاية الأمن الوطني الداخلي والخارجي ويعمل هذا الجهاز على مكافحة المهددات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية كافة والإرهاب والجرائم العابرة للوطنية”
وأضيف بند جديد ينص على: “ينظم القانون إنشاء محاكم جهاز الأمن والمخابرات الوطني وتشكيلاتها واختصاصاتها وسلطتها وإجراءاتها وخدمتها القانونية”، وكانت المادة السابقة تحصر صلاحيات هذا الجهاز فقط في “جمع المعلومات والتحليل”.. صحيح أن الدستور المعدل جاء إثر توقيع اتفاق السلام بمشاركة الحركة الشعبية بمعنى أن يد الحزب الحاكم برئاسة البشير لم تكن مطلقة إلا أن هذه المادة كانت في دستور ما قبل مشاركة الحركة الشعبية تنص على: تكون خدمة الأمن الوطني خدمةً مهنيةً وتركز في مهامها على جمع المعلومـات وتحليلها وتقديم المشورة للسلطات”.. أي أن تحول الجهاز لقوة قمعية أمر مستجد يصب في ترسيخ الدولة الأمنية لا بناء الدولة المدنية، وقد تم التمهيد لهذه الخطوة بضم قوات غير نظامية ذات سمعة سيئة تطاردها اتهامات دولية بارتكاب جرائم حرب في دارفور، وسمتها الحكومة بـ”قوات الدعم السريع”، وسبق أن اتهم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون هذه القوات في تقرير قدمه إلى مجلس الأمن الدولي في أبريل الماضي بالقيام بهجمات ضد المدنيين.
يأتي تعديل المادة التي قضت بتعيين الولاة من قبل الرئيس بدلا من انتخابهم في سياق ترسيخ الدولة الأمنية أيضا، ونصت على “يعيين الرئيس ولاة الولايات وشاغلو المناصب الدستورية والقضائية والقانونية الأخرى وقيادات القوات المسلحة والشرطة والأمن، ويعفيهم وفق أحكام القانون”، وكان من المفترض أن تجري انتخابات الولاة في أبريل القادم قبل يستبق البشير ويطلب تعديل الدستور ويحذر نواب حزبه الذين يشكلون أكثر من ٩٥٪ من مجمل النواب ويقول لهم بنبرة تحذيرية طالبا إجازة التعديلات “بدون شوشرة”، وبرغم أن تلك التعديلات على الدستور الهدف منها احكام قبضة الحزب الحاكم على الدولة الا أن تلك الإجراءات لم تزيد الوضع الا تعقيدا، فالمعارضة السودانية انتفضت ضد تلك التعديلات.
أعلن الحزب الشيوعي السوداني رفضه للتعديلات الدستورية التي صادق عليها البرلمان الأسبوع الماضي، وقال إنها تجعل من السودان دولة بوليسية من الطراز الأول، ووجه الحزب إنتقادات حادة للحكومة وجهاز الأمن في إعقاب تزايد التضييق على صحيفة “الميدان” لسان الحزب.
وقال القيادي في الحزب الشيوعي سليمان حامد، في مؤتمر صحفي، السبت، إن التعديلات الأخيرة منحت جهاز الأمن صلاحيات تتجاوز تخصصه في جمع المعلومات الى الإعتقال، والتعذيب والمصادرة وقمع الاحتجاجات السلمية، وأضاف “الأمن أصبح قوة ضاربة، يمتلك قوات وعتاد يضاهي القوات المسلحة، ويتصدى لكل عمل جماهيري ويمنع أي نشاط حتى لو كان داخل دور الأحزاب”.
ندد حامد باستمرارالسلطات الأمنية في مصادرة صحيفة “الميدان” وقال إنهم يعمدون الى الخطوة كلما صدع صوت الصحيفة بالحق وجنحت الى فضح وتعرية ممارسات النظام، وتوقع حامد استمرار السلطات الأمنية في حملتها ضد الصحيفة لكنه شدد على التأكيد بأنهم عازمون على مواصلة الصدور بلا توقف، وبدون التراجع عن الخط الذي ينتهجه الحزب ايدلوجيا وسياسيا.
وعلقت السلطات صدور صحيفة “الميدان” التي يرأس تحريرها مديحة عبد الله أكثر من مرة، وتعد الصحيفة الحزبية الوحيدة في السودان بعد تعليق صدور صحيفة “رأي الشعب” لسان حال المؤتمر الشعبي، وعجز الأخير عن اعادة إصدار الصحيفة بسبب صعوبات مالية.
وحذر حامد من أن توالي الهجوم على صحيفة “الميدان” ليس سوى مقدمة لإمتداد التضييق صوب الصحف الأخرى ومحاصرتها وقال “الهجوم سيطال كل الصحف التي تقف الى جانب الشعب والوطن، كما سيمتد الى الأحزاب الأخرى”.
وتشكو الصحافة في السودان من هجمة شرسة تنفذها السلطات الأمنية على فترات متقاربة حيث تتعرض للمصادرة تارة والإيقاف تارة أخرى، علاوة على فرض الرقابة القبلية أحيانا، ويتهم جهاز الأمن بعض الصحف بتجاوز “الخطوط الحمراء” بنشر أخبار تؤثر على الأمن القومي للبلاد.
وبعد أن رفع جهاز الأمن الرقابة القبلية على الصحف، عمد إلى معاقبتها بأثر رجعي عبر مصادرة المطبوع من أي صحيفة تتخطى المحظورات، وهو الأمر الذي تترتب عليه خسائر مادية ومعنوية على الصحف.
كما ندد تحالف المعارضة أيضا بتلك الإجراءات ، وصرحوا في بيان على صفحتهم بموقع التواصل الإجتماعي الفيس بوك ، بأن تعيين الولاة من قبل رئيس الجمهورية يسلب مواطني الولايات ليس حقهم في اختيار من يعتبرونه الأفضل بل منعهم من إقالته لأنهم ليسوا هم الذين إنتخبوه.
أصبح هذا الحق ملكاً لرئيس الجمهورية يعين من يشاء ويعزل من يشاء وفقاً لرؤاه الخاصة.
وتجربة شعب السودان في معظم ولاياته تؤكد ليس بالنسبة للولاة وحسب، بل لكل العاملين في الدولة، أن معايير البقاء في المنصب المعين هو ليس الكفاءة بل الولاء التام للحزب وليس للشعب ولمن اختاره في هذا المنصب.
السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاحٍ: لماذا يتم القفز فوق هذه المعايير البديهية؟! والإجابة واضحة وضوح الشمس في وضح النهار، هو حب البقاء في السلطة المركزية واختيار من يسندونها في الولايات المختلفة بإنصياعٍ تامٍ لكل ما يأمر به مركز السلطة، هذا يعني، أن السودان وشعبه قادمان على سنوات أكثر مرارة وأشد معاناة إذا ما تم تعديل الدستور بهذه الصورة الشائهة.
وفي الوقت الذي تندد فيه المعارضة بتلك الإجراءات ، وينتقد الشارع السوداني الوضع برمته تتحدى الدولة الرأي العام حيث أعلن وزير الدولة بالداخلية السودانية بابكر دقنة، أن وزارته شرعت في وضع تدابير جديدة لإنفاذ التعديلات الدستورية التي أقرها البرلمان أخيرا بشأن قوات الشرطة، وكشفت الوزارة أن التعديلات كانت ثمار جهد طويل للداخلية مع البرلمان والجهات ذات الصلة.
وأكد الوزير أن وزارة الداخلية تتحمل بموجب هذا التعديل مسؤولياتها كاملة، وعدَّ تعديل الدستور بخصوص قانون الشرطة “نصراً للشعب السوداني ويفيد السودان وليس الشرطة”.
البديل
Navigate through the articles | |
الحل السياسي فى ليبيا يدفع الإقتصاد للنمو 11٪ | شبح "بوكو حرام" يخيم على شبه المنطقة |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|