المقالات و التقارير > العلاقات المغربية الفرنسية إلى سابق عهدها

العلاقات المغربية الفرنسية إلى سابق عهدها

اجتازت العلاقات المغربية الفرنسية بعضًا من التوترات التي سادت الأجواء بين البلدين منذ عام تقريبا، حيث تدهورت العلاقات في الفترة الأخيرة بطريقة لم يشهدها تاريخ العلاقات المغربية الفرنسية في أحلك أوقاتها وأشد أزماتها.

المؤشرات الأخيرة تدل على بداية عودة الدفء إلى العلاقات المغربية الفرنسية مرة ثانية، خاصة بعد زيارة وزير العدل المغربي “مصطفى الرميد” إلى باريس للقاء نظيرته الفرنسية “كريستين توبيرا” بهدف مناقشة النقاط العالقة في التعاون القضائي المجمد بين البلدين منذ مطلع عام 2014 إثر اندلاع أزمة دبلوماسية ما زالت مستمرة، وتناول لقاء “الرميد” و”توبيرا” التعاون القضائي بين البلدين والذي شابه الكثير من الفتور مؤخرا.

أعلنت وزارة العدل الفرنسية على إثر الزيارة أن وزيرة العدل “كريستيان توبيرا” ونظيرها المغربي “مصطفى الرميد”، قررا تفعيل التعاون القضائي بين بلديهما، وأضافت أن الوزيرين توصلا إلى اتفاق على “نص معدل لمعاهدة التعاون القضائي المغربي الفرنسي ويسمح بتعاون أكثر فاعلية بين السلطات القضائية في البلدين وتعزيز عملية تبادل المعلومات”، ووقع الوزيران بالأحرف الأولى في باريس التعديل الذي “يشكل تتويجا لمحادثات بدأت قبل أشهر عدة بين حكومتي البلدين”، وأشاد الوزيران بالنتائج وقررا إعادة العمل فورا بالتعاون القضائي والقانوني بين فرنسا والمغرب وكذلك عودة القضاة المكلفين الاتصال.

بدأ مسلسل تدهور العلاقات المغربية الفرنسية في فبراير 2014، عندما قرر القضاء الفرنسي إرسال استدعاء وقوات شرطة إلى مقر سفير المغرب في باريس “شكيب بن موسى” للاستماع إلى أقوال رئيس الاستخبارات المغربية “عبد اللطيف الحموشي” بعد أن رفعت جمعية مسيحية مناضلة دعوة ضده بممارسة التعذيب على مغاربة مروا بالسجون المغربية، ما جعل الرباط تستدعي السفير الفرنسي لديها احتجاجا على القرار الفرنسي.

هذه القضية وضعت العلاقات المغربية الفرنسية في امتحان صعب وغير مسبوق في تاريخ العلاقات بين البلدين تسبب في أزمة دبلوماسية أدى إلى تجميد التعاون القضائي بين البلدين، حيث جمد المغرب التعاون القضائي والأمني مع فرنسا منذ 20 فبراير 2014.

إزدادت أجواء العلاقات بين البلدين تعكيرًا، وتضخمت الأزمة الدبلوماسية بعد تصريحات السفير الفرنسي في الأمم المتحدة عندما شبه المغرب بـ”العشيقة التي نجامعها كل ليلة رغم أننا لسنا بالضرورة مغرمين بها، لكننا ملزمون بالدفاع عنها”، على حد تعبيره، وعلى الرغم من نفي السفير ما نسب إليه إلا أن هذا النفي جاء متأخر بعد أن تم شحن الأجواء جيدًا من قبل وسائل إعلام البلدين.

رغم المحاولات الدبلوماسية لإنقاذ العلاقات التي بدأت تنهار بين البلدين في ذلك الوقت إلا أن الوقائع التي حدثت بعد ذلك وإن كانت صغيرة إلا أنها مثلت “القشة التي قسمت ظهر البعير”، حيث وقعت أزمة جديدة بين البلدين بعد شهر واحد فقط من الأزمة الأولى، إثر تعرض وزير الخارجية المغربي “صلاح الدين مزوار” إلى تفتيش وصفته المغرب بـ”المهين” في مطار شارل ديغول الدولي في مارس 2014 حين طلب شرطي الحدود من الوزير خلع حذاءه وحزامه بالرغم من أنه قدم لشرطة الحدود جوازا دبلوماسيًا.

منذ مجيء الرئيس الفرنسي “فرانسوا أولاند” إلى الحكم وجعل الجزائر أول محطة لزيارته في المغرب العربي بدلاً من المغرب، استشعرت الرباط ببدء تحول غير معلن في دبلوماسية فرنسا، لاسيما وأن الرئيس الفرنسي الأسبق الاشتراكي “فرانسوا ميتران” كان قد قاوم ضغوطًا عند وصوله إلى السلطة ولم يزر الجزائر كأول دولة بل زار المغرب.

جاءت لحظات تقارب بين مسئولي البلدين لكنها لم تؤدي إلى أي نتيجة، وأبرز هذه اللحظات كانت الزيارة التي قام بها وزير الزراعة والناطق باسم الحكومة الفرنسية “ستيفان لوفول” إلى معرض الفلاحة في مكناس خلال أبريل 2014، ثم تواجد الملك “محمد السادس” في عطلة في فرنسا إذ لم يحدث أي لقاء بين الملك والرئيس “أولاند” في باريس خلال تواجد الأول في مقر إقامته شمال باريس، كما زار وزير الخارجية المغربي “صلاح الدين مزوار” قصر الاليزيه لتقديم واجب العزاء بضحايا باريس الذين سقطوا في الهجمة الإرهابية على صحيفة “شارلي إيبدو”، لكنه لم يشارك في المسيرة الجمهورية التي تصدرها الرئيس الفرنسي والى جانبه عدد كبير من قادة العالم، مما أثار سيلا من ردود الفعل المتراوحة بين مؤيد ومعارض للموقف المغربي.

البديل


Navigate through the articles
Previous article ثورة تأكل أبناءها الصين والسودان، نحو 6 سنوات من التعاون النفطي Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع