المقالات و التقارير > تقييد حرية الصحافة في السودان

تقييد حرية الصحافة في السودان

تواجه الصحافة السودانية مأزقًا كبيرًا أمام الدولة، وذلك بعد عدة إجراءات اتخذتها السلطات، قال عنها محللون إنها محاولات لإحكام السيطرة على الصحافة وحرية التعبير في البلاد، حقبة من المعاناة لا تقلّ عن المعاناة التي يقاسيها المواطنون اقتصاديًا وسياسيًا وأمنيًا هناك.

أقدمت السلطات السودانية متمثلة في جهاز الأمن والمخابرات الوطنية السودانية بحملة مصادرة كبرى الأحد طالت 13 صحيفة من إجمالي عدد الصحف السودانية التي تصدر في البلاد ومجموعها 22 صحيفة، الصحف التي تمت مصادرتها تنطوي على توجهات مختلفة فمنها السياسية والاجتماعية اليومية من دون توضيح أي أسباب، في خطوة وصفت بأنها انتكاسة كبيرة لحرية الصحافة في هذا البلد.

شملت الصحف التي تمت مصادرتها على غير العادة صحيفتين اجتماعيتين، هما “الدار” و”حكايات”، في سابقة هي الأولى من نوعها في مصادرة الصحف الاجتماعية والمتنوعة مع بقية الصحف السياسية، بالإضافة إلى 11 صحيفة سياسية شملت “السوداني”، “الرأي العام”، “الانتباه”، “التيار”، “الصيحة”، “آخر لحظة”، “أول النهار”، “المجهر السياسي”، “الوطن”، “ألوان”، و”الأهرام اليوم”.

تشكو الصحافة في السودان من هجمة شرسة تنفذها السلطات الأمنية على فترات متقاربة حيث تتعرض للمصادرة تارة والإيقاف تارة أخرى، علاوة على فرض الرقابة القبلية أحيانًا، ويتهم جهاز الأمن بعض الصحف بتجاوز “الخطوط الحمراء” بنشر أخبار تؤثر على الأمن القومي للبلاد.

على الفور دعا إتحاد الصحفيين السودانيين لاجتماع طارئ للمكتب التنفيذي لمناقشة عملية مصادرة الصحف الأخيرة، وقال نائب رئيس اتحاد الصحفيين “محمد الفاتح”، إن مصادرة الأمن للصحف من المطابع شملت أغلب الصحف الاجتماعية والسياسية، ولم يستثنى منها سوى صحف: “الأيام”، “اليوم التالي”، “المستقلة”، “الأخبار”، و”الوفاق”.

وأكد “الفاتح” أنه دعا للاجتماع بهدف معرفة ملابسات الحادثة التي تعد نادرة بكل المقاييس، والتعرف على عدد النسخ المصادرة من جميع الصحف، والتي تعد خسائر مادية فادحة للصحف التي تعاني أصلا من صعوبات مالية.

يعمد ضباط جهاز الأمن من فترة إلى مصادرة الصحف من دون إبداء أي أسباب، ما يفتح باب التكهنات حول أسباب الخطوة، وهو الأمر الذي يجعل الصحفيين والصحف دائمًا تحت سيف رقابة ذاتية صارمة لتجنب الخسارة.

لاقت حملة المصادرة حملة أخرى في مواجهتها، وهي انتقادات واحتجاجات واسعة شملت اعتصامات وبيانات، حيث عبر الصحفيون عن صدمتهم جراء الخطوة واحتجوا وسط الخرطوم، فقد وصف ناشرون ورؤساء تحرير وصحفيون ما حدث بأنه “انقلاب جديد” بدأ يخيم على العمل الصحفي بأشكاله المختلفة، متسائلين عن عدم كفاية الرقابة القبلية التي تفرضها الأجهزة الأمنية على الصحف حتى يتحول الأمر إلى المصادرة بعد الطبع، كما أدانت قوى المعارضة ما أسمته تعدي السلطات الأمنية على حرية الصحافة.

من جانبها وصفت منظمة صحفيون لحقوق الإنسان “جهر”، مصادرة الأمن لـ 13 صحيفة بأنه سابقة نوعية في تاريخ مصادرة الصحف بعد الطباعة، وقالت “جهر” إن تنامي ظاهرة مصادر الصحف بما فيها المملوكة أو التابعة أو التي تُعبِّر عن خط جهاز الأمن، يُمثِّل تصعيداً غير مسبوق من قبل السلطات في مواجهة حرية النشر والتعبير.

قال المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية “هيئة حكومية”، إن “محاسبة الصحف يجب أن تتم بمنهج وأسلوب يتناسب وقانون الصحافة والمطبوعات الصحفية لسنة 2009″، وأبدى المجلس استياءه من تدخل جهاز الأمن في الشأن الصحفي، وقال المجلس في بيان، أن “الشأن الصحفي في البلاد يُدار بواسطة المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية عن طريق قانون خاص هو قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية، ولأن القانون الخاص يقيد العام فقد كان من المرتجى أن يكون المجلس هو الجهة التي تحاسِب الصحف إذا وقعت في أخطاء مخالفة للقانون”.

أمام هذا الزخم والغضب الشعبي قال وزير الإعلام السوداني، الناطق باسم الحكومة، “أحمد بلال عثمان” إن “الصحافة لا تهمني في شيء ولن أستقيل من منصبي”، وذكر الوزير إن “قانون جهاز الأمن والمخابرات أعطى الجهاز حق المصادرة متى ما رأى أن هناك تهديدا للأمن القومي أو إثارة الكراهية أو بث الشائعات والفتن”، وقال “بلال” إن مصادرة الصحف ستستمر ما استمر قانون جهاز الأمن الحالي.

الاعتداء المستمر على حرية الصحافة والتعبير من قبل السلطات السودانية، جعل الخرطوم تتراجع في مراتب التصنيف العالمي لحريات الصحافة، إذ حصلت على المرتبة 172 من بين 180 دولة، بحسب منظمة “مراسلون بلا حدود”، كما احتل السودان مرتبة “أسوء دولة علي مستوي العالم في انتهاكات حرية الصحافة ومضايقة الصحفيين”، وجاء ذلك في التقرير السنوي للمنظمة نفسها لعام 2013.

البديل


Navigate through the articles
Previous article «الأمن والاستقرار» أساس عودة السياحة المصرية لماذا يذبح الأقباط في ليبيا Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع