فشل متكرر دام أكثر من عام في الوصول إلى
اتفاق بين المتحاربين في جنوب السودان، حروب دامية بين الجيش والمتمردين، معاناة لا
تنتهي في هذا البلد الذي شهد أسوء 14 شهر في تاريخه، معارك مستمرة لا تتوقف ولكن من
المفترض أن تنتهي بحلول 5 مارس المقبل، وهي المدة المتفق أن تنهي فيها الأطراف
المتحاربة معاركها، وتتوصل فيها إلى اتفاق حول تقاسم السلطة داخل حكومة انتقالية
وإعادة إحلال السلام في بلدهم.
بدأت وساطة “الهيئة الحكومية للتنمية بدول شرق أفريقيا” المعروفة بـ”إيغاد”،
الاثنين الماضي، مشاورات بشأن الجولة السابعة من مفاوضات طرفي النزاع في جنوب
السودان بمقر اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة، وهو مقر انعقاد
المفاوضات في أديس أبابا”، ومن المفترض أن تفضي هذه المشاورات إلى الإعلان عن
الجلسة الافتتاحية للجولة السابعة من المفاوضات خلال اليومين المقبلين.
منذ 23 يناير الماضي، ترعى “إيغاد”، برئاسة وزير الخارجية الإثيوبي السابق، وسفيرها
الحالي في الصين، “سيوم مسفن”، مفاوضات في العاصمة الإثيوبية بين حكومة جنوب
السودان والمعارضة، فقد وصل وفدا مفاوضات أزمة جنوب السودان إلى أديس أبابا، في 20
من الشهر الحالي لاستئناف المفاوضات بينهما، وفقاً لما اتفق عليه رئيس جنوب
السودان، “سلفاكير ميارديت”، ونائبه السابق وخصمه الحالي “ريك مشار”، فقد اتفقا
الطرفين مطلع الشهر الجاري على تصور لإنهاء القتال بحلول يوم 5 مارس المقبل، على أن
تستأنف مفاوضات الشكل النهائي في 20 من الشهر الجاري، إلا أنها بدأت في 23 من
فبراير.
ونص اتفاق “تقاسم السلطة” الذي وقعه في “سلفاكير” و”مشار”، في أديس ابابا، مطلع
الشهر الجاري، على تصور لإنهاء القتال بحلول 5 مارس المقبل، كما ينص الاتفاق على أن
تكون هيكلة قيادة حكومة “الوحدة الوطنية” الانتقالية لمدة ثلاثة شهور حتى إجراء
الانتخابات كالآتي، الرئيس وهو “سلفاكير”، ثم النائب الأول من المعارضة وهو “مشار”،
والنائب الثاني من مناطق الاستوائية، ومجلس وزراء يضم الرئيس ونائب الرئيس الأول
و27 وزيرًا، وتكون نسب تقاسم السلطة كالتالي، “60% للحكومة الحالية في جوبا، و30%
للحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة ريك مشار، و10% من نصيب المفرج
عنهم والأحزاب السياسية الأخرى”.
كما ينص الاتفاق على أن الجمعية الوطنية “البرلمان” ستتكون من 400 عضو، حيث سيتم
إبقاء الأعضاء الحاليين في البرلمان والبالغ عدده 332، ويضاف إليه 68 عضوا جديدا
يتم تقسيمهم وفقا لاتفاق تقسيم السلطة، وسيكون نصيب الحكومة الحالية لجنوب السودان
60 % من 400 مقعد في البرلمان، و30% للحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان
بقيادة “ريك مشار”، و10% للمفرج عنهم والأحزاب السياسية الأخرى.
يتم اتخاذ القرارات داخل الحكومة في الفترة الانتقالية بالتوافق بنسبة 80%، أما في
الجمعية الوطنية فيكون اتخاذ القرارات بتوافق الآراء، وفي حال فشلت الجمعية الوطنية
في الوصول إلى التوافق يكون الحسم بموافقة 80% من أعضائها، كما نصّ الاتفاق على
أحقية الترتيب للفترة الانتقالية التي لا تتجاوز ثلاثة أشهر وتنفيذ اتفاق السلام
وتهدئة الأوضاع في البلاد و”تسهيل عملية المصالحة الوطنية ووضع الدستور وإصلاح
الحكم.
أجرت أطراف النزاع في جنوب السودان، مشاورات جانبية مشتركة بدون حضور الوساطة في
أديس أبابا، الأحد الماضي، وضمت الأطراف كل من “الحكومة، المعارضة، وأصحاب المصلحة
الآخرين”.
على الرغم من توقيع الطرفين على هذا الاتفاق، وتعهدهم بوقف إطلاق النار، إلا أن
الاتفاق الذي يعتبر السابع منذ بداية الأعمال الحربية في ديسمبر 2013، تعرض
للانتهاك بعد بضعة أيام، وهو ما جعل كبير الوسطاء في “إيغاد” “سيوم مسفين”، يحذر
لدى افتتاح جلسة المفاوضات في العاصمة الأثيوبية أن “هذه المفاوضات هي الأخيرة”،
وأضاف “إنها الفرصة الأخيرة للتقدم نحو عصر سلام في جنوب السودان، يجب أن لا نفشل”،
وأشار “مسفن” إلى أن الخامس من مارس المقبل هي المهلة النهائية، ويجب أن تحترم
لختام المفاوضات بتشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية في يوليو من هذا العام.
وبحسب الجدول الزمني الذي حددته “ايغاد”، فإن فترة انتقالية ستبدأ في الأول من
أبريل في جنوب السودان، وينبغي تشكيل حكومة وحدة وطنية في 9 من يوليو على أبعد
تقدير.
أمام هذا الفشل المتكرر في الوصول إلى اتفاق نهائي يتم احترامه من قبل الطرفين،
أعرب ممثلو المجتمع المدني في جنوب السودان والمجتمع الدولي عن نفاد صبرهم حيال
تفاقم النزاع وتعنت الطرفين، وقال البريطاني “مات كانيل” ممثل الترويكا “الولايات
المتحدة وبريطانيا والنرويج” التي تمول القسم الأكبر من عملية السلام هذه “لقد حان
وقت القيام بتسويات”، من جانب أخر يزيد مجلس الأمن الدولي الضغط الأسبوع الحالي مع
التصويت على قرار يتطرق إلى إمكانية فرض عقوبات ضد المسئولين في جنوب السودان.
منذ منتصف ديسمبر 2013، تشهد دولة جنوب السودان، التي انفصلت عن السودان عبر
استفتاء عام 2011، مواجهات دموية بين القوات الحكومية ومسلحين مناوئين لها تابعين
لـ”مشار”، بعد اتهام “سلفاكير” له بمحاولة تنفيذ انقلاب عسكري، وهو ما ينفيه
الأخير، وأسفر هذا النزاع عن مقتل 50 ألف شخص على الأقل، وتقدر الأمم المتحدة عدد
الأشخاص الذين يعيشون في حالة من البؤس الغذائي بأربعة ملايين شخص.
البديل
Navigate through the articles | |
أموال قطرية وتحركات تركية لتحجيم دور مصر بإفريقيا | 3 أسباب لزيارة “البشير” إلى الإمارات |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|