في الوقت الذي تتصدر فيه
المواجهات بين المتمردين الطوارق ومجموعات محسوبة على الحكومة المالية المشهد
السياسي بالبلاد، تحتضن الجزائر توقيع اتفاقية سلام بين حكومة مالي و3 من المجموعات
المسلحة، بعد أن توصل الطرفان إلى اتفاق نهائي لوقف الاعتداءات.
وقعت الحكومة المالية اتفاق “السلم والمصالحة” مع ثلاث حركات أزوادية مسلحة، بعد
ثمانية أشهر من المفاوضات بالجزائر، لوضع حد للنزاع في شمال البلاد، بينما طلبت
ثلاث مجموعات أخرى مهلة “معقولة” قبل التوقيع.
شاركت في المشاورات 6 حركات هي “الحركة الوطنية لتحرير أزواد” و”المجلس الأعلى
لوحدة أزواد” و”حركة أزواد العربية” و”حركة أزواد العربية المنشقة” و”تنسيقية الشعب
في أزواد” و”تنسيقية حركات وجبهات المقاومة الوطنية”، إلا أن الاتفاق تم توقيعه
فعليًا مع حركة “أزواد العربية” و”تنسيقية شعب أزواد” و”تنسيقية الحركات والجبهات
الوطنية للمقاومة”، في المقابل طلبت “الحركة الوطنية لتحرير أزواد”، و”المجلس
الأعلى لوحدة أزواد”، وحركة “أزواد العربية المنشقة”، مهلة قبل التوقيع، و قال أمين
عام الحركة الوطنية لتحرير الأزواد “بلال آغ الشريف” إن حركته لن توقع على مشروع
الاتفاق، لعدم الاتفاق النهائي على العديد من البنود المدرجة في مسودة الاتفاق.
حضر حفل التوقيع على الاتفاق الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس بعثة
الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي “مينوسما”
الحامدي المنجي، وممثلين عن الاتحاد الإفريقي ومنظمة المؤتمر الإسلامي.
يعتبر توقيع اتفاق “السلم والمصالحة” في الجزائر خطوة تكلل الجولة الخامسة من
المفاوضات التي بدأت في 16 فبراير، والتي أقيمت بالجزائر على مدار أشهر بالنجاح،
وتم التوقيع على الاتفاق في الجزائر على أن يتم توقيعه في العاصمة المالية باماكو
في موعد لم يحدد بعد، وفقًا لوزارة الخارجية الجزائرية التي أشارت إلى أن هذا
الاتفاق يعد “ثمرة ثمانية أشهر من المفاوضات بين الجانبين”.
يدعو نص اتفاق “السلم والمصالحة” في مالي، المؤلف من 30 صفحة، إلى “إعادة بناء
الوحدة الوطنية في البلاد، بطريقة تحترم وحدة أراضيه وتأخذ في الاعتبار تنوعه
الإثني والثقافي”، ويقترح الاتفاق تشكيل مجالس إقليمية منتخبة قوية، يقودها رئيس
ينتخب بشكل مباشر، إضافة إلى “منح تمثيل أكبر لسكان المناطق الشمالية في المؤسسات
الوطنية”.
وابتداء من 2018، ستضع الحكومة “آلية لنقل 30 بالمائة من عائدات الميزانية من
الدولة إلى السلطات المحلية، مع التركيز بشكل خاص على الشمال”، بحسب نص الاتفاق،
ويقترح النص منطقة تنمية في الشمال، تحظى بدعم دولي لرفع مستوى المعيشة في تلك
المنطقة إلى مستواه في بقية أنحاء البلاد خلال 10 إلى 15 عامًا.
كما يشير النص إلى منطقة أزواد المتنازع عليها، على أنها “حقيقة اجتماعية ثقافية
تتقاسمها شعوب مختلفة من شمال مالي”، وتنص مسودة الاتفاق على تنظيم مؤتمر وطني يجمع
بين جميع الأطراف، خلال عامين للتوقيع على “اتفاق نهائي وشامل”، وسيهدف المؤتمر إلى
“إجراء حوار مفصل بين مكونات الشعب المالي حول أسباب النزاع من أجل تحقيق السلام
والوحدة والمصالحة الوطنية”.
ويسهم هذا الاتفاق في تكريس اتفاق سابق لوقف إطلاق النار وقعته الحركات الأزوادية
الست مع الحكومة المركزية في مالي في الجزائر، خلال الجولة الأولى من مفاوضات
السلام في 23 مايو 2014، كما يرمي الاتفاق إلى إنهاء عقود من الانتفاضات وانعدام
الاستقرار في شمال مالي.
اعتبر وزير الخارجية الجزائري “رمطان لعمامرة”، الذي قاد شخصيًا المفاوضات منذ
بدايتها في يوليو 2014، أن “هذا يوم مشهود في مسيرة شعب مالي، وفي مسيرة سكان
المناطق الشمالية في جمهورية مالي نحو السلم والوئام والمصالحة”، وتحدث ممثل
الأطراف الثلاثة غير الموقعة “إبراهيم أغ صالح” عن حق شعب الأزواد في معرفة محتوى
الاتفاق، معتبرا أن “اتفاقا لا يتم تقاسمه مع القاعدة ليس له حظوظ كبيرة في
النجاح”، وطالب “المجموعة الدولية بإمهالها الوقت والدعم اللازمين لتقاسم مشروع
الاتفاق مع السكان في مهلة معقولة قبل التوقيع عليه”.
يبقى الاتفاق نظرياً إلى أن يطبق فعلياً على الأرض، ليتم به إنهاء حالة الحرب
والتوتر التي تشهدها منطقة شمال مالي القريبة من الجزائر، وإيجاد توازن بين مطلبي
السيادة والحكم الذاتي المتناقضين.
البديل
Navigate through the articles | |
هكذا تبدو ليبيا بعد تدخل “الناتو” وسقوط “القذافي” | أموال قطرية وتحركات تركية لتحجيم دور مصر بإفريقيا |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|