شهدت العاصمة المغربية الرباط
مطلع الأسبوع الجاري حراكًا ليبيًا واسعًامن أجل التوصل إلى حل سياسي يخفف من حدة
التفجيرات والاقتتال الداخلي في بلد تحكمه العصبية القبلية وتنتشر فيه المليشيات
المسلحة منذ عدة سنوات، حيث أجرت القوى السياسية الليبية حوارًا في المغرب برعاية
الأمم المتحدة ومبعوثها إلى طرابلس “برناردينو ليون”، وتزامنا مع هذا الحوار ترددت
أنباء عن تقدم بشأن التوافق على معايير اختيار رئيس حكومة جديد تجتمع حوله كافة
الأطراف السياسية في البلاد.
دخلت ليبيا بشكل فعلي، بعد أربعة أعوام على ثورة 17 فبراير، في حالة انقسام جغرافي
إداري شبيه بنظام الحكم الفيدرالي فرضه الصراع على السلطة من قبل برلمانين وحكومتين
الأولى في طبرق معترف بها دوليًا ومنبثقة عن برلمان منتخب حديثًا، وأخرى في طرابلس
تسيطر عليها فجر ليبيا، وفي ظل هذا المشهد المتعقد وتشبث كل طرف برأيه، تسعى المغرب
جاهدة للتوصل إلى تسوية ترضي جميع الأطراف السياسية الليبية.
الصراع السياسي الليبي الذي نتج عن أزمة سياسية بين تيار محسوب على الليبراليين
وآخر محسوب على الإسلام السياسي زادت حدته مؤخراً ما أفرز جناحين للسلطة في البلاد
لكل منهما مؤسساته الخاصة، كما أنه جر البلاد دون أن يشعر أحد إلى تقسيم جغرافي و
إداري، ويرى محللون أن هناك عدة عوامل كانت سببا في ذلك الانقسام، أولها معركتان
إحداهما أطلقها الفريق خليفة حفتر في شرق ليبيا ضد المجموعات المسلحة هناك، والأخرى
عملية فجر ليبيا التي أطلقها في غرب البلاد ضد كتائب مسلحة مناهضة لفجر ليبيا، وهو
أمر أفرز عن وجود مناصرين لكل طرف تمثل بداية في أشخاص داعمين، ومن ثم تحول إلى مدن
بأكملها.
ومن أبرز أسباب الانقسام أيضا وجود برلمانين يتصارعان على الشرعية التشريعية في
البلاد هما البرلمان المنتخب مؤخرا والذي يعقد جلساته في طبرق (شرق البلاد) والصادر
في حقه حكم بالبطلان من قبل المحكمة العليا بطرابلس، والآخر المؤتمر الوطني العام
المنتهية ولايته والذي عاد للانعقاد مرة أخرى في العاصمة الليبية، ويصدر كلا منهما
قرارات تطبق فقط في المدن المعترفة بكل برلمان دون الآخر، ما أدى إلى تشكيل حكومتين
الأولى يترأسها “عبد الله الثني” الذي كلفه البرلمان وتتمتع هذه الحكومة باعتراف
المجتمع الدولي بها، وتعقد اجتماعاتها في البيضاء (شرق البلاد)، والأخرى حكومة
الإنقاذ التي يترأسها “عمر الحاسي” الذي كلفه المؤتمر الوطني العام، مما أدى إلى
خلق انقسام تنفيذي إداري في الدولة الليبية.
وأسفرت تلك الأسباب عن انقسام جغرافي طبق على أرض الواقع، فمدن بنغازي والمرج
والبيضاء وطبرق وأجدابيا والبريقة وكل المدن والقرى الواقعة شرق ليبيا مع بعض مدن
الوسط خاضعة لسيطرة حكومة الثني وبرلمان طبرق وتؤيد عملية الكرامة، بينما يوجد على
الجانب الآخر مدن تخضع لسيطرة حكومة الحاسي والمؤتمر الوطني وتؤيد عملية فجر ليبيا،
وهي طرابلس ومصراتة وغريان وزليتن وسرت وجميع مدن الغرب باستثناء مدينة الزنتان
وورشفانه وجادو.
ولأجل الخروج من هذ الصورة القاتمة وإنهاء حالة الاضطراب السياسي والأمني في ليبيا،
انطلقت الأسبوع الماضي جلسات الحوار الليبي، الذي ترعاه الأمم المتحدة في المغرب،
وقال المبعوث الأممي إلى ليبيا، برناردينو ليون، ، إن الحوار الوطني الليبي في
المغرب «شهد تقدما كبيرا»، فيما أعلن عدد من المشاركين في الحوار، أنه تم التوافق
بين أطراف الحوار على معايير اختيار رئيس حكومة التوافق، فيما لا يزال الخلاف حول
الجهة التشريعية.
وبعد محادثات بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، قالت منسقة السياسة الخارجية
للاتحاد الأوروبي “فيدريكا موجيريني” إن الاتحاد الأوروبي قد يرسل فريقا إلى ليبيا
لمراقبة وقف إطلاق النار أو حماية البنية الأساسية إذا أدت محادثات السلام التي
تدعمها الأمم المتحدة إلى تسوية بين الفصائل المتناحرة، وأضافت موجيريني “بدأنا
مناقشة الإسهامات الممكنة للاتحاد الأوروبي من أجل دعم أي اتفاق محتمل”،
رغم أختلاف المشاركان الرئيسيان في الحوار الوطني الليبي المنعقد في المغرب، حول
طبيعة وشكل حكومة الوحدة الوطنية المراد التوافق حولها خلال الحوار، إلا أن الآمال
ما زالت معلقة على نتائج الحوار الليبي أن يهدئ الأوضاع نسبيًا بين الفرقاء
السياسين، ولكن ما يزيد من تعقيدات المشهد الأمني في ليبيا تواجد تنظيم داعش سواء
في شرق أو غرب البلاد، بجانب تحول جنوب ليبيا إلى مركز إيواء للعناصر المتطرفة،
وهذا ما دفع بعض المختصين للتشديد على ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية في أسرع وقت،
محذرين من انعكسات تأخر تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا.
البديل
Navigate through the articles | |
تجاهل العامل المصري | "داعش" الأفريقي! |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|