جاءت موافقة المهندس إبراهيم محلب رئيس
الوزراء على مد عمل لجنة تعديل القوانين المنظمة لانتخابات مجلس النواب حتى العاشر
من إبريل المقبل بعد انتهاء مدتها، ليكشف عن مدى تردي الحالة التي وصلت لها العملية
السياسية في مصر، حيث سبق وأعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي في بيان رسمي عن مدة لا
تتجاوز شهر لتعديل قانون الانتخابات، الأمر الذي فشلت اللجنة في تحقيقه.
ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل تواصل لجنة التعديل سقطاتها، حيث أعلن المستشار
إبراهيم الهنيدى وزير العدالة الانتقالية ورئيس اللجنة المكلفة بتعديل قوانين
الانتخابات نية اللجنة في الاستعانة بالرقابة السابقة للدستورية العليا على قوانين
الانتخابات، عن طريق إصدار قانون بذلك، نظرًا لأن الدستور لم يغلق الباب لإضافة
مهام ووظائف جديدة للمحكمة الدستورية العليا، بعد موافقة الجمعية العمومية على هذا
الاختصاص أو المهمة، متعللاً بالسعى لتحصين البرلمان القادم بأكبر قدر ممكن ضد
الإلغاء.
لافتًا إلى أن الرقابة السابقة ستكون مؤقتة مقتصرة على السماح بإجراء الانتخابات
وانعقاد البرلمان، على أن ينتهي العمل بها بعد انعقاد البرلمان.
وهو الأمر الذي حذر منه أساتذة القانون، وقالوا إنه يوقعنا في فخ بطلان قانون
الانتخابات للمرة الثانية على التوالي بيد نفس اللجنة والأشخاص، مشيرين إلى أن
المحكمة الدستورية من حقها فقط الرقابة اللاحقة على القوانين وليست السابقة.
الرقابة بين نصوص الدستور وقانون المحكمة
تنص المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا على أن تختص المحكمة الدستورية
العليا دون غيرها بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، والفصل في
تنازع الاختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص
القضائي، وذلك إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين منها ولم تتخل إحداهما عن
نظرها أو تخلت كلتاهما عنها.
إضافة إلى الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر
أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى
منها.
فيما نص الدستور المصري في المادة 192 على أن “تتولى المحكمة الدستورية العليا دون
غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وتفسير النصوص التشريعية،
والفصل في المنازعات المتعلقة بشئون أعضائها، وفى تنازع الاختصاص بين جهات القضاء،
والهيئات ذات الاختصاص القضائي، والفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين
نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء، أو هيئة ذات اختصاص
قضائي، والآخر من جهة أخرى منها، والمنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكامها، والقرارات
الصادرة منها. ويعين القانون الاختصاصات الأخرى للمحكمة، وينظم الإجراءات التي تتبع
أمامها”.
قانونيون: الرقابة السابقة تستلزم تعديل الدستور.. والتجاهل يعرض الانتخابات
للبطلان
قال شوقي السيد، الفقية الدستوري، إن إصرار وزير العدالة الانتقالية على فتح باب
المناقشة في منح المحكمة الدستورية صفة الرقابة السابقة لقانون الانتخابات يوقعنا
في في فخ عدم الدستورية، ومن ثم بطلان الانتخابات حال إقامتها وحل البرلمان.
وأضاف السيد لـ “البديل” أن الشرط الوحيد لمنح الرقابة السابقة للمحكمة الستورية هو
التعديل في مواد الدستور الذي لا يمكن أن يحدث من خلال لجنة تعديل قانون الانتخابات
ولا رئيس الوزراء ولا حتى رئيس الجمهورية، بل يستوجب وجود مجلس النواب.
وأوضح أن الرقابة السابقة كانت مفعلة في الدستور السابق بشكل رسمي، أما الدستور
الحالي فلم ينص على تلك الرقابة، بل اقتصر عى كونها لاحقة.
وهو ما أكده محمود كبيش بقوله إن النص الدستوري الخاص بالمحكمة الدستورية العليا
يتحدث عن الرقابة اللاحقة على دستورية القوانين وليست الرقابة السابقة على مشاريع
القوانين.
وأوضح كبيش لـ”البديل” أن الرقابة السابقة أُخذ بها في الدستور السابق الذي تم
تعديله، ويستحيل أن يتم تعديل الدستور الحالي إلا بعد وجود مجلس النواب، ولا توجد
أي آلية لتعديل النص الدستوري بشكل آخر، ولا ما يتحدث عنه البعض من إصدار قانون
منفصل ولو بشكل مؤقت.
مصير الرقابة اللاحقة
إلا أن خضوع مشروعات القوانين للرقابة السابقة يطرح سؤالاً حول مصير الرقابة
اللاحقة، ومصير الطعون التي من الممكن أن يتقدم بها أحد على قانون الانتخابات، التي
ستنظرها المحكمة الدستورية، والسؤال الأهم: هل ستكون الحكومة حكمًا وخصمًا في نفس
الوقت؟ وكيف ستنظر في عدم دستورية قانون هي أجازته من قبل؟
الدكتور صلاح فوزي، عضو لجنة تعديل قوانين الانتخابات، برر لجوء اللجنة إلى
الاستعانة بالرقابة السابقة بأنه لتحصين قانون الانتخابات بشكل كبير، وتلاشي صدوره
بشكل غير دستوري ينتج عنه حل البرلمان بعد انتخابه.
وأكد أنه في حالة العمل بالرقابة السابقة وإقرارها على قوانين الانتخابات، لن تلغى
الرقابة اللاحقة عليها، ومن حق أي مواطن أن يطعن عى القوانين وتنظرها المحكمة
الدستورية العليا.
ووافقه الدكتور بهاء أبو شقة سكرتير عام حزب الوفد بتأكيده أن العودة إلى نظام
الرقابة السابقة للمحكمة الدستورية على قوانين الانتخابات يجنبنا أزمة عدم دستورية
القوانين.
Navigate through the articles | |
خطوة جديدة نحو عزل الشباب | أين وصلت حرية الإعلام في أفريقيا؟ |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|