المقالات و التقارير > الجزائر ودول الجوار

الجزائر ودول الجوار

على الرغم من أن الجزائر تعيش استقرار أمني داخليًا، يهتز على فترات متفاوتة على واقع صدى أي عملية إرهابية شأنها شأن باقي دول المغرب العربي، إلا أن كل المحللين والمتابعين  يرون أنها من أكثر الدول التي تشهد خطورة ووضعا مضطربا في مناطقها الحدودية الشرقية والجنوبية، فضلًا عن التوتر الذي يحدث على حدودها الغربية، الأمر الذي يجعل الجيش الجزائري يركز  نشاطه وجزءا كبيرا من قواته على الحدود من أجل تأمينها، خوفا من اختراقات أمنية على خلفية الاضطرابات الأمنية فيما يتعلق بالحدود مع مالي، وليبيا وتونس أيضًا.

 

تنشط عدة جماعات إرهابية مرتبطة بتنظيم القاعدة وداعش في المناطق الحدودية الجزائرية، وكشفت وسائل إعلامية عديدة في الفترة الأخيرة عن أن جماعة «جند الخلافة في أرض الجزائر» الموالية لداعش، تنسق مع الجماعات التي بايعت التنظيم الإرهابي في شمال إفريقيا للاتفاق فيما بينها على تنفيذ عمليات إرهابية تستهدف تونس والجزائر.

 

تتقاسم الجزائر حدود برية مع مالي بطول 1376 كيلومترا و982 كيلومترا مع ليبيا و 956 كيلومترا مع النيجر، و 965 كيلومترا مع تونس، و 1601 كيلومتر مع المغرب، و 463 كيلومترا مع موريتانيا، و 42 كيلومترا مع الصحراء الغربية، فبعملية حسابية بسيطة نجد أن الجزائر مطالبة بحراسة 6385 كيلومترا من الحدود البرية، وهذا أمر صعب ومعقد ومرهق بالنسبة للجيش الجزائري، والأكيد أن التركيز أكبر على الحدود مع تونس وليبيا والنيجر ومالي، خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار الأوضاع الأمنية المضطربة بهذه الدول.

 

تستغل الجماعات الإرهابية هذا الشريط الحدودي الكبير بين مالي والجزائر لتهريب السلاح من غرب إفريقيا إلى شمال القارة السمراء، وبشكل يومي يعلن الجيش الجزائري عن إحباطه عمليات تهريب أسلحة وذخيرة على الشريط الحدودي مع مالي، وتعيش الجارة الجنوبية للجزائر اضطرابات أمنية منذ سنوات طويلة، بسبب عدم تمكن الحكومة المركزية في باماكو من السيطرة على كامل مناطق البلاد، الأمر الذي جعلها تتخلى عن الشمال، الذي وقع بين أيدي الجماعات الإرهابية من جهة، وجماعات الأزواد المتمردة على الحكومة المركزية من جهة أخرى،  حتى وصل الأمر إلى الإعلان عن قيام دولة مستقلة للأزواد، وهو ترفضه الجزائر والعديد من القوى العظمى.

 

أما بالنسبة للحدود البرية مع تونس، فإن الخطر يأتي من منطقة جبل الشعانبي التي تتركز فيها الجماعات الإرهابية المسلحة، الأمر الذي يتطلب تنسيق مكثف بين الجيش الجزائري ونظيره التونسي من أجل مراقبة هذه المنطقة، ورصد تحركات الجماعات الإرهابية هناك، لمنع أي تسلل لأفراد هذه الجماعات إلى داخل الأراضي الجزائري.

 

خلال الفترة القليلة الماضية تعمل لجنة أمنية مشتركة بين الجزائر وتونس على إعداد مشروع اتفاق عسكري بين البلدين، لمواجهة التهديدات الإرهابية التي تزايدت مؤخرا، يتضمن تشكيل وحدات عسكرية مشتركة قادرة على إيقاف الإرهابيين الذين ينتقلون بين البلدين.

 

يعتبر وضع الحدود الجزائرية الليبية أكثر تعقيدًا، ويقول مراقبون إن حكومة طرابلس التي لم تتمكن فيها السلطات التي أعقبت نظام القذافي من التحكم في كامل التراب الليبي من أكثر الدول الحدودية خطورة على الجزائر، مستشهدين بالعملية الإرهابية ضد المجمع الغازي بتيقنتورين في يناير2013، والتي  تم التحضير لها في مالي، من طرف مختار بلمختار الذي يقود جماعة «الموقعون بالدم» بعد انشقاقه عن تنظيم القاعدة، ودخل الإرهابيون إلى الجزائر من الحدود البرية مع ليبيا، وكانوا ينوون أخذ الرهائن الأجانب إلى مالي، وهو ما يعطي صورة عن تداخل وتعقيد المعادلة الأمنية على الحدود الليبية الجزائرية.

 

حشد الجيش الجزائري خلال الفترات الأخيرة تعزيزات إضافية على الحدود الشرقية والغربية، كما أنه يستعمل نظام مراقبة إلكترونيا يعمل ليلا ونهارا، لرصد أي تحركات مشبوهة بالقرب من الحدود، فضلا عن الطلعات الجوية التي تقوم بها طائرات الجيش الجزائري من أجل مراقبة الحدود، لكن ذلك غير كاف لتأمين هذه الحدود المترامية الأطراف، كما أن استمرار الوضع على ما هو عليه مكلف ومرهق بالنسبة للجيش الجزائري، الأمر الذي دفع السلطات الجزائرية للسعي إلى نزع فتيل الأزمات والنزاعات المحيطة بها، من خلال الوساطة التي قامت بها في مالي بين جماعات الأزواد المتمردة والحكومة المركزية في باماكو، والتي أفضت إلى توقيع بالأحرف الأولى على اتفاق سلام، لكن بعض الجماعات الازوادية ارجأت التوقيع النهائي، وكذلك الوساطة التي ترعاها الجزائر بين فرقاء الأزمة في ليبيا.

 

قالت المجلة الناطقة باسم الجيش الجزائري إن أمن الجزائر يمر عبر تأمين الحدود عسكريا ونشاط دبلوماسي يقرب بين الأطراف المتنازعة في المنطقة، وذكرت الافتتاحية أن “ضمان أمن الجزائر واستقرار المنطقة كلها وتجنب المخاطر والتهديدات، يعتمد على محورين أساسيين، أولهما أمني يعتمد على نشر وحدات عسكرية وقوات أمنية مدعمة بكل الوسائل والتجهيزات الضرورية لتأمين الحدود مع دول الجوار ومنع أي تسلل لعناصر إرهابية وتنقل السلاح، أما المحور الثاني فيتمثل في الدبلوماسية، باعتماد الوساطة التي انتهجتها الجزائر لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة، وتحقيق المصالحة الوطنية في هذه الدول والتنسيق والتعاون معها في مجال مكافحة الإرهاب بالتركيز على تبادل المعلومات”.

البديل


Navigate through the articles
Previous article تنمية سيناء مشروع قومي سيعيدها لمصر بشكل حقيقي موقف القرضاوي بعد الحكم بسجن مرسي Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع