تتجه العلاقات المصرية التركية
كل يوم من سيء إلى أسوأ، حيث لا تتوقف أنقرة عن التدخل في الشئون المصرية، حيث عادت
التوترات بين البلدين مجددا مع صدور حكم القضاء الأخير الخاص بإحالة أوراق الرئيس
المعزول “محمد مرسي” وعدد من قيادات الإخوان إلى المفتي.
دان الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” حكم الإعدام الصادر بحق الرئيس المعزول “محمد
مرسي”، واعتبر الأمر بمثابة العودة الى “مصر القديمة”، وقال “أردوغان” إن “الرئيس
المصري المنتخب من الشعب حكم عليه للأسف بالموت، مصر تعود إلى عهد مصر القديمة”،
واتهم الغرب بـ”غض النظر” عن عزل الجيش لـ”مرسي” في يوليو عام 2013.
من جانبه قال رئيس الوزراء التركي “أحمد داود أوغلو”، “إن كانت لدى البعض رغبة في
إعادة إحياء عهد مبارك في مصر ثانية، فليرغبوا كما شاؤوا، لكن العودة إلى الوراء
غير ممكنة على الإطلاق، وليس من الممكن الإبقاء على الفوضى والأزمات باستمرار”،
وتابع “أوغلو”، “لا يمكن أن ترجع الأشياء إلى ماضيها، والشرق الأوسط على مفترق طرق
حاليًا”، زاعمًا أن “النجاحات التي حققتها تركيا سياسيا واقتصاديا، كانت واحدة من
أهم العوامل التي تسببت في اندلاع الربيع العربي، وأوضح أن الربيع العربي أتى
بانتخابات عام 2012 التي سقطت فيها الأنظمة الاستبدادية، وجاءت بدلًا منها أنظمة
ديمقراطية في كل من تونس وليبيا ومصر”، على حد قوله.
من جانبها ردت مصر على منتقدي الأحكام القضائية، حيث قالت هيئة إعلامية تابعة
للرئاسة إن التعليقات الصادرة من بعض الدول والمنظمات غير الحكومية، بشأن أحكام
قضائية هي “تدخل غير مقبول في عمل القضاء، وتعكس جهلًا وعدم دقة”، وأضافت “تستنكر
مصر ردود الأفعال الصادرة، لما تعكسه من جهل وعدم دقة نظرا لأن قاضي محكمة جنايات
القاهرة لم يصدر اليوم أية أحكام قضائية في القضيتين اقتحام السجون والتخابر
الكبرى، وأن ما صدر مجرد قرارين بإحالة أوراق متهمين بالقضيتين إلى فضيلة المفتي
للحصول علي رأيه الاستشاري، وسوف تصدر المحكمة حكمها في القضيتين يوم 2 يونيو
المقبل”.
واعتبرت الهيئة التعليقات الصادرة من بعض الدول والمنظمات غير الحكومية، “تدخلا غير
مقبول في عمل القضاء المصري، كما أنها تمثل تجاهلًا صارخا للمبادئ الأساسية في أي
نظام ديمقراطي، والتي يقع الفصل بين السلطات في الصدارة منها، إلي جانب استقلال
القضاء، وعدم جواز التعليق على أحكام السلطة القضائية من جهات أجنبية أو محلية”،
وتابعت الهيئة أن “التعليقات الإعلامية على هذه الأحكام بمثابة تعد صارخ على
استقلالية القضاء المصري”، وأضافت أن “ردود الفعل الدولية الأخيرة علي القرارين
تعكس ازدواجية المعايير كما تعكس انتقائية واضحة، لاسيما في ضوء حقيقة أن العديد من
الدول التي تدعي الديمقراطية تعتقل الأفراد لسنوات بدون محاكمة، وبدون فرصة للدفاع
القانوني، وحتى بدون توجيه اتهامات، وسط صمت دولي تقشعر له الأبدان”، ونوهت الهيئة
إلى أن “القضية تنظر أمام محكمة عادية وأمام قاضي طبيعي وليس أمام محكمة استثنائية
ويحق للمتهمين الطعن أكثر من مرة”.
انتقد عدد من الأحزاب السياسية والشخصيات الإعلامية تدخل تركيا السافر في الشئون
المصرية، مطالبين بقطع العلاقات الدبلوماسية مع أنقرة، وتطبيق مبدأ التعامل بالمثل
لمنع تدخلها في الشأن الداخلي المصري.
التوتر السياسي بين البلدين لم يكن وليد هذه الأيام، بل جاء فور سقوط حكم الإخوان
وعزل الرئيس الأسبق “محمد مرسي” حيث شهدت حينها العلاقات المصرية التركية توترًا
بسبب تصريحات لمسئولين أتراك حول الأوضاع في مصر، رأتها السلطات المصرية تدخلا في
الشأن الداخلي، بل ووصل الأمر إلى أن طالبت تركيا مجلس الأمن فى عام 2013 بفرض
عقوبات على الرئيس “السيسى”، الأمر الذى ردت عليه مصر فى 2014 بالضغط ضد ترشح تركيا
للحصول على مقعد فى مجلس الأمن، ووصلت العلاقة لقمة التدهور بعد التصريحات التركية
بشأن المظاهرات الإخوانية في مصر والتعليق على أحكام القضاء، واستمرار الإدارة
التركية في شن الهجمات الكلامية ضد مصر في كل محفل دولي.
يرى بعض المحللين أن العلاقات بين مصر وتركيا وصلت إلى أسوء ما يمكن أن تصل إليه،
حيث تدهورت بشكل لم يشهده تاريخ البلدين على مر العصور، واستبعد هذا الفريق حدوث
المصالحة المصرية – التركية في الوقت القريب، مثلما حدثت مصالحة مصرية- قطرية ولو
سطحية بوساطة سعودية.
الفريق الآخر من المحللين يرى أن المصالحة بين البلدين ممكنه وأن العلاقات بين
البلدين وطيدة ومتأصلة وما يحدث من تعكير لصفو العلاقات ما هو إلا “عاصفة عاتية”
وستزول، خاصة مع التوافق حول بعض القضايا الإقليمية، مثل عملية “عاصفة الحزم” التي
تشارك فيها مصر وتدعمها تركيا، وهو ما سيكون سببًا منطقيًا للتقارب.
البديل
Navigate through the articles | |
الأفارقة يفرون من الصحراء إلى الجحيم | الوساطة الدولية تعلن فشلها في حل أزمة جنوب السودان |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|